الجريدة اليومية الأولى في البحرين


المال و الاقتصاد

تجار الذهب «فاض بهم الكيل»
25 محلا أغلقت بسوق الذهب والمبيعات انخفضت 80% على الأقل

تاريخ النشر : الاثنين ٣٠ يناير ٢٠١٢



بالأمس كنت استمع معلقا لمباراة كرة قدم يصف لاعبا موهوبا بأن قدمه من الذهب «البحريني عيار 24».. واليوم استمعت تجار الذهب البحريني أنفسهم يشتكون مر الشكوى وبعضهم أغلق محلاته تماما، وعلى وشك أن يهجر المهنة التي دأب على ممارستها 30 عاما أو يزيد.. هذا باختصار حال واحدة من أشهر المهن في البحرين والتي ذاع صيتها على مستوى العالم فأصبح الذهب البحريني مثل البن البرازيلي أو القطن المصري أو السجاد الفارسي أو الساعات السويسرية، لكن واقع الحال في البحرين لا يدعو في الحقيقة إلى التفاؤل بمستقبل الذهب البحريني مثلما هو الحال بباقي السلع الأخرى التي توظف شهرتها لصالح دولها بشكل لافت.
وضمن جولة بالسوق نظمتها لجنة الذهب والمجوهرات بغرفة تجارة وصناعة البحرين برئاسة «محمد ساجد شيخ» شن تجار الذهب والمجوهرات بالسوق القديم هجوما عنيفا على عدد من الجهات الحكومية على رأسها وزارات البلديات والتخطيط العمراني والتجارة والثقافة بالإضافة إلى «تمكين» متهمين هذه الجهات جميعا بتدمير القطاع بالتجاهل وعدم تنفيذ المخططات الخاصة بتطوير سوق الذهب القديم وشارع الشيخ عبدالله.. ناهيك عن السرقات المتوالية التي يتعرض لها القطاع في الفترة الأخيرة لأسباب مختلفة.
وأكد تجار سوق الذهب القديم بشارع الشيخ عبدالله أن حوالي 25 محلا للذهب أغلقت أبوابها حتى الآن داخل المجمع، وأكثر منها في شارع الشيخ عبدالله نفسه، في حين انخفضت المبيعات بشكل لا يقل عن 80% عند أفضل التجار حالا، وأقسم أحدهم أنه لم يبع طوال شهر كامل بأكثر من 200 دينار.. يحتار في توزيعها بين دفع راتب عمال المحل أو إيجاره أو حتى فواتير الكهرباء والبلديات ناهيك عن مصروفاته الشخصية!!
مطالب أمنية
وقد حضر الاجتماع ممثلا عن شرطة المنامة الضابط جمال الدلهان الذي سجل العديد من الملاحظات حول مطالب التجار من جهة تأمين السوق والمحلات، والتعاون المشترك مع الداخلية لتحقيق مستوى راق من التأمين ومنع انتشار السرقات في السوق وخاصة بعد سلسلة السرقات التي شهدها السوق على مدار الشهور الأخيرة، وهو «ما زاد الطين» فوق رءوس التجار الذين يعانون بشدة قلة الإقبال وانخفاض البيع.
وطالب الدلهان التجار حاضري اللقاء بضرورة تركيب أنظمة أمنية متطورة داخل محلاتهم تشمل التسجيل بالصوت والصورة وأنظمة الحريق، مؤكدا أنها ليست مرتفعة الكلفة وخاصة إذا ما قورنت بالفائدة الكبيرة منها في حفظ المصوغات الذهبية والمجوهرات التي تقدر بمئات الآلاف من الدنانير على أقل تقدير.
كما طالبهم بضرورة التعاون وتبادل المعلومات بما يفيد الجميع في السوق ويسهل من ضبط اللصوص، كما يجب على الموظفين القيام بجرد يومي للمحلات والإبلاغ عن أي سرقات بشكل سريع من دون الانتظار لموافقة صاحب المحل أو مديره لأن سرعة إبلاغ الشرطة يساعد في القبض على اللصوص قبل أن يتمكنوا من تهريب المسروقات أو التصرف فيها. ووعد الدلهان التجار بأن كل المقترحات والأفكار التي قدموها لتأمين المحلات والمنطقة بشكل عام ستكون محل دراسة وتطبيق من قبل إدارة الشرطة بالشكل الذي يرضي التجار ويشعرهم بالأمان التام.
في ذات الوقت وجه محمد ساجد رئيس لجنة الذهب بالغرفة والتجار شكرا كبيرا إلى مسئول الشرطة الذي اهتم بالحضور والسماع إلى شكاوى التجار والعمل على حلها.
يذكر أن مندوبا عن وزارة الصناعة والتجارة كان من المفترض أن يحضر اللقاء، لكنه لم يحضر.
تمكين لها دور
من جهته طالب محمد ساجد رئيس لجنة الذهب بالغرفة تمكين بضرورة تقديم يد العون إلى القطاع المنهار فعليا، ومساعدة التجار بأي طريقة بدلا من انهيار السوق بالكامل وخاصة فيما يتعلق بقضية الإيجارات المتأخرة والتي وصلت إلى عامين عند البعض فيما تحمل الملاك فوق طاقتهم وتساهلوا كثيرا مع التجار مراعاة للظروف، وأكد أهمية نزول المسئولين للشارع والتصدي للمشاكل عن قرب بدلا من الجلوس في مكاتبهم وتقديم التقارير للحكومة بأن كل شيء على ما يرام والناس «تعبانة» إلى أقصى حد.
وقال عباس الحليبي واحد من أقدم تجار اللؤلؤ في البحرين بأن الوضع وصل إلى القاع، لابد من تدخل سريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لا سياح ولا مواطنين ولا مقيمين يشترون والحال أصبح في أسوأ حالاته، وأضاف «أغلب مبيعات اللؤلؤ تعتمد على السياح الأجانب والزوار العرب وكلا الفئتين انخفض عددهما بشكل لافت ولا يوجد أي فعاليات من جانب إدارة السياحة للترويج أو لجذب السياح، هذا بالإضافة إلى ضعف السوق المحلي بسبب الأحداث الراهنة ومن قبلها بسبب الأزمة الاقتصادية وتسريح العمالة وتردي وضع الشركات بشكل عام».
وأضاف «لا نطلب أموالا لأنفسنا، يمكنهم أن يسألوا عن كم الإيجارات المتأخرة ويسددوها مباشرة للملاك، حتى نسهم فقط في بقاء المحلات على قيد الحياة».
من جانبه قال التاجر محمد حسين أن دور تمكين لا يجب أن يتوقف عند دعم المشاركين في المعارض فقط ويتواصلوا مع القطاعات التي أنهكت بفعل الأحداث الاقتصادية الأخيرة.. يمكنها أن تساعد في الإيجارات أو رواتب العمالة أو حتى تقديم القروض إلى التجار المتعثرين.
مشاكل بلا حلول
ويقول عبدالشهيد الصايغ واحد من أقدم تجار الذهب في البحرين منذ ما يزيد على 30 عاما أن الوضع أصبح مؤسفا وسبق أن تحدثنا عن المشاكل أكثر من مرة، والمحلات بدأت تغلق منذ أكثر من عام والعدد الآن بلغ حوالي 25 محلا ورغم ذلك لا أحد يريد أن يمد يد المساعدة لتجار الذهب، هم فقط يريدون تحصيل الرسوم والكهرباء والبلديات لا غير، مشيرا إلى أن الأوضاع الاقتصادية أصبحت سيئة لدرجة أن لا أحد يشتري بالمرة، ما عاد أحد يقدم لأمه أو زوجته هدايا ذهبية، والسياح كما يعلم ويرى الجميع الآن، والأوضاع السيئة الراهنة قللت من حفلات الزواج في البحرين وبين أهاليها، والحال لا يعلم به إلا الله.
من جهته قال السيد ماجد – أحد تجار السوق – أنه لا يمكن أبدا أن يتحقق أي انتعاش في السوق من دون تجهيز السوق من ناحية الخدمات، لا يمكن أن يأتي الناس إلى السوق بدون مواقف للسيارات ودورات للمياه وأماكن للاستراحة، المسئولون يعلمون جيدا ما يحتاج إليه السوق لكنه خارج نطاق اهتمامهم.