أخبار البحرين
ترحيب واسع بين معلمي ومعلمات المرحلة الثانوية بتمديد اليوم المدرسي
زمن التعلم الحالي لا يكفي للانتهاء من المناهج أو لتنفيذ طرق تدريس فعالة
تاريخ النشر : الاثنين ٣٠ يناير ٢٠١٢
تطمح وزارة التربية والتعليم إلى تزويد الطلبة بالمهارات اللازمة للالتحاق بالتعليم الجامعي، وبالطريقة التي تساعدهم على النجاح في الحصول على الوظائف في سوق العمل، وقد بدأت الوزارة تدريب المعلمين وقادة المدارس لمساعدتهم على استخدام الوقت المدرسي بفعالية أكبر، وتوظيف طرق وأساليب التدريس الجديدة، ضمن استعدادات الوزارة لتحسين أداء الزمن المدرسي في المدارس الثانوية والذي سيتم تطبيقه اعتباراً من الفصل الدراسي المقبل، كما اتخذت وزارة التربية والتعليم عدة خطوات لإنجاح تحسين الزمن المدرسي من خلال توفير البيئة المدرسية الصحية الآمنة وتزويد المعلمين بمواد الدعم للمناهج الدراسية وتدريب 3200 معلم ومعلمة على كيفية استخدام الوقت، بالإضافة إلى عقد عدد من الاجتماعات واللقاءات مع المعلمين وأولياء الأمور في المدارس للإجابة عن الأسئلة المطروحة.
وقد التزمت الوزارة بالارتقاء بالبيئة المدرسية ضمن باقة من التحسينات لضمان جودة الحياة في المدرسة من خلال تخصيص مساحات للصلاة وتحسين التكييف، وزيادة عدد المظلات، والاستراحات وزيادة عدد نقاط مياه الشرب، وتحسين وزيادة عدد المرافق، وتحسين النظافة وخاصة في دورات المياه، بالإضافة إلى زيادة عدد الحافلات للطلبة والمعلمين.
وفي هذا الصدد أكد عدد من المعلمين والمعلمات في المدارس الثانوية مساندتهم لتحسين الزمن المدرسي جزءا من باقة من الجهود للارتقاء بالتعلم داخل الصف المدرسي، مؤكدين في ذات الوقت أهمية تحسين أداء الزمن المدرسي باعتباره أحد الاحتياجات الضرورية التي يحتاج اليها المعلم والطالب من أجل العمل على إعطاء الطلبة كل المعلومات ومنحهم فرصة التفاعل والحوار والفهم وتنفيذ الأنشطة الإثرائية والتعزيزية التي تضمن لهم الاستفادة الكاملة من الدروس.
استخدام التقنيات الحديثة يتطلب زيادة وقت الحصص
وذكر الأستاذ عبدالمجيد الشيخ منصور معلم أول لغة عربية بمدرسة الشيخ عيسى بن علي الثانوية للبنين أنه من المؤيدين لمشروع تحسين الزمن المدرسي؛ إذ تعد الحصة الدراسية نفسها قصيرة حيث لا يستطيع المعلم تلبية المتطلبات الكثيرة لتحسين أداء المدارس؛ فالخمسة والأربعون دقيقة ضيقة جدا، فقد تحولت العملية التعليمية عن الماضي إذ أصبح المعلم يتجاوب مع الطالب بشكل أكبر من خلال استخدام التقنيات الحديثة خلال الحصة الدراسية ليقوم المعلم بتلبية كفايات المنهج وزيادة نسبة استفادة الطلاب.
التوسع في شرح المادة التعليمية
من جانبها أكدت أستاذة الكيمياء بمدرسة أميمة بنت النعمان الثانوية للبنات أسماء راشد أن المعلم سيتمكن من إعطاء أكبر قدر من المعلومات للطالب وتعزيزها بالأنشطة مما يجعل الحصة أكثر إثارة وتفاعلاً واستفادةً نتيجة التوسع في شرح المادة التعليمية في كل حصة، وأشارت إلى أن الطلبة لن يشعروا بطول الوقت إذا تم تفعيل الحصة بالشكل الصحيح، من خلال استخدام الأدوات الأساسية وتوظيف كل الكفايات المطلوبة بشكل مناسب، وإعطائهم الفرصة في التعبير عن آرائهم وفتح باب النقاش من أجل الاستفادة وتعلم أسلوب الحوار.
تعزيز الدروس بالأنشطة
وقالت الأستاذة آمال عبدالعزيز معلمة لغة عربية بمدرسة أميمة بنت النعمان الثانوية للبنات إن من إيجابيات تحسين الزمن المدرسي تعزيز الدروس بالأنشطة وزيادتها والتعرف على الطلبة وإمكاناتهم وميولهم وقدراتهم بشكل أفضل، مما يساعد الطالبات على التمكن من المادة العلمية المطلوبة، وتقليل الواجبات المدرسية بشكل كبير نتيجة وجود متسع من الوقت لحل كل المتطلبات داخل الحصة الدراسية والاستفادة المثلى من الإجابات الإبداعية، وتعزيز قدرات الطلبة على التفكير الناقد ومتابعتهم في ذلك. بحاجة إلى الوقت
وبدوره بيّن أحمد محيي الدين مدرس لغة إنجليزية بمدرسة النعيم الثانوية للبنين أنه من المؤيدين لتحسين الزمن المدرسي، وذلك من خلال الحصول على الفرصة الكافية لتقديم الدروس للطلبة بالصورة المناسبة، ولفت إلى أن زيادة الحصة الدراسية بواقع (15) دقيقة لتمتد من (45) دقيقة إلى ساعة كاملة ستسهم في إيجاد الوقت الكافي لممارسة الأنشطة الصفية والمسابقات التربوية التي تغرس روح المنافسة في نفوس الطلاب، كما أنها تتيح مجالا أفضل للتفكير الإبداعي لدى الطالب والمعلم.
التخطيط الجيد للحصة
وترى الأستاذة بتول السيد شبر معلمة أولى لغة عربية بمدرسة مدينة حمد الإعدادية الثانوية للبنات أن مشروع تحسين الزمن المدرسي سيقدم الكثير للمعلم والطالب، وخاصة إذا تم التخطيط جيدا من قبل المعلم للاستفادة القصوى من الزمن المضاف، والدليل على حاجتنا كمعلمين ومعلمات الى مزيد من الوقت أن المعلمين والمعلمات في كثير من الأحيان يطلبون من زملائهم إعطاءهم عشر دقائق إضافية للحصة، أو يقومون باستغلال حصص الرياضة وغيرها للتعويض وإكمال المناهج، حتى يعينهم ذلك على إتمام مهامهم التعليمية والانتهاء من الدروس وشرحها بصورة أفضل، مشيرةً الى أن الـ 60 دقيقة يستطيع من خلالها المعلم أن ينجز الكثير ويبدع بشرط التخطيط المسبق لكيفية استثمار الوقت مما يؤدي بلا شك إلى تحسين مستوى الطالب.
نحتاج اليه اليوم قبل الغد
ومن جانبها، كتبت الدكتورة هنادا طه تامير (العميد المشارك في كلية البحرين للمعلمين- جامعة البحرين)، مؤكدة أهمية التعجيل في تعديل الزمن المدرسي اليوم قبل الغد، ومما جاء في حديثها:
- يأتي قرار تمديد اليوم الدراسي مبنيّاً على دراسة قارنت الساعات الدراسية التي يحصل عليها الطالب في مدارس البحرين الحكومية بطلاب الدول المتقدّمة علميّاً ومعرفيّاً واقتصادياً أو ما يعرف بدول «الأو إي سي دي». حيث وجدت الدراسة المقارنة أنّ طالب المرحلة الثانوية في مدارس البحرين الحكومية يحصل على 635 ساعة تعليمية في السنة مقابل ما يزيد على الـ 920 ساعة في الدول المتقدّمة بفارقٍ يقارب الثلاثمائة ساعة دراسية أي ما يعادل خمسين يوماً سنويّاً. ويذكر تقرير صادر عن «الأو إي سي دي» أنّ عدد الساعات الدراسية للمرحلة الابتدائية لا يجب أن يقلّ عن 770 ساعة ويكبر هذا العدد ليصبح 810 ساعات للمرحلة الإعدادية و920 ساعة على الأقل للمرحلة الثانوية. التمديد المقترح هو 45 دقيقة يومياً على مدار السنة الأكاديمية مما يعني أنّ عدد الساعات الدراسية للمرحلة الثانوية سيصبح 732 ساعة وهي تبقى أقلّ بكثير من المعدّل العالمي المقترح ولكنها بداية جيدة. وليس المقصود هنا تعظيم العدد والكمّ على حساب النوع والمضمون وإنّما المقصود أن ننظر نظرة شاملة إلى النلاظم التعليمية التي أثبتت نجاحها وتفوّقها عالمياً ليس بهدف التقليد الأعمى وإنّما بهدف تحليل عناصر نجاحها وأسبابه ومسبّباته وتجريب هذه العناصر ضمن نظرة أفقية وعمودية لمفهوم إصلاح التعليم. من عناصر نجاح نظم التعليم في الدول المتقدّمة أنها تعتمد على طرائق التعلّم الفضلى والتي تشمل تكريس أكثر من 50% من وقت الصف للقراءة والمناقشة والتحليل والعمل الجماعي والثنائي إضافة إلى العمل على مشاريع تحثّ الطلاب على اعمال الفكر وربط التعلّم بالحياة كما تشمل طرائق التعلّم الفضلى تدريب المدرّسين والطلاب على ما يسمّى في عالم التربية والتعليم التفكّر وهي مهارة يُدرَّب الطلاب عليها مبكراً ليفكّروا في تفكيرهم (التفكير في التفكير) وليتأمّلوا ويحلّلوا أعمالهم وإجاباتهم وأداءهم بالكامل بطريقة موضوعية فيها الكثير الكثير من الصدق والشفافية وحبّ التعلّم والكثير من مهارات التفكير العليا. وما التفكّر بجديد على من قد قرأ القرآن الكريم فهو أمرٌ من ربّ العالمين بأن نتفكّرَ في خلقه وفي أعمالنا وسائر شؤون الدنيا، وعليه أفلا يجدر بنا أن يتعلّم طلابنا هذه المهارات في مدارسهم؟
واستدركت الدكتورة لتقول: إن تكريس المهارات المذكورة أعلاه وتطبيقها في مدارسنا غير ممكن نظراً الى ضيق الوقت وكثافة المنهاج الدراسي ولذلك لا بدّ من خلق ثغرات وحلول يستطيع طلابنا من خلالها أن يكتسبوا مهارات يعتمد نجاحهم في سوق العمل وفي الحياة عليها. فالمدارس لا تعدّ الطلاب لاحتياجات سوق العمل اليوم وإنما لاحتياجات هذا السوق مستقبلاً، والوضع الحالي والمستوى الراهن للمدارس الثانوية ليس وَرْديّاً بحسب تقارير هيئة ضمان الجودة، وعليه فإنّ وزارة التربية والتعليم بدأت منذ سنوات قليلة بالعمل على منظومة تربوية جديدة وطموحة وتتوفّر فيها عناصر نجاح كثيرة. وتمديد اليوم الدراسي يأتي ضمن عناصر النجاح هذه والتي 1) ستعطي المدرّس مساحة من الوقت كي يعمل مع الطلاب على مهارات التفكير العليا ومهارات التفكّر والقراءة؛ 2) ستسمح للطلاب بالتعمّق في مضمون المادة؛ 3) سيسمح للمدرّسين بالعمل على تخطيط الدروس بشكل جماعي وأكثر فاعلية؛ 4) سيعطي الطلاب والمدرّسين فرصة أكبر للتفاعل.
وأضافت: من المهمّ أن يدرك الجميع - وبخاصّة أولياء الأمور - أنّ التعليم الجيّد في يومنا هذا ما عاد رفاهية وخياراً فرديّاً. التعليم - في عالم الاقتصاد الجديد وفي المجتمعات المبنية على المعرفة- في قرننا هذا سيكون المسئول الأكبر عن مصائر الدول والوطن العربي تحديداً. ولن يغفر التاريخ لنا إنْ فشلنا في إعداد قوى عاملةٍ وكوادرَ قيادية مثقّفة تستطيع أن تدير دفّة اقتصاد يبعد يوماً بعد يوم عن عالم النفط ويقترب من عالم اقتصادي ومالي مبنيّ على المعرفة والاتصالات والمعلومات. تمديد اليوم الدراسي أمر لا بدّ منه ودعمه أمرٌ لا بدّ منه وعوض التذمّر من أنه «سيدمّر» الحياة الاجتماعية في مملكة البحرين سيكون من المفيد جدّا لو فكّرنا جميعاً كيف سنجعل من هذا القرار قصة نجاح لأولادنا وكيف سنثق بالخبراء العاملين على هذا المشروع وكيف سنمدّ يد العوْن للقائمين على تنفيذ هذا القرار وكيف أنّ التعليم الجيد سيكون غداً أساساً وسبباً لرفاهية اقتصادية ستبقى هاربة منّا دونه.