قضايا و آراء
الكفاءة العلمية مطلب شرعي
تاريخ النشر : الاثنين ٣٠ يناير ٢٠١٢
كتب الأستاذ محمد مبارك جمعة في زاويته بصحيفة «أخبار الخليج» بتاريخ 28/1/2012 عن «المؤهل العلمي للنائب قبل غيره» حيث وجهه بكل أمانة وصدق إلى توعية الناخبين في اختيار أصحاب المؤهلات العلمية المعتمـدة، وليست المؤهلات التي تمنح فيها الجامعات شهادة الماجستير للطالب قبل أن يحصل على شهادة البكالوريوس ، فضلا عن بعض المدارس التي تمنح الشهادة الثانوية العامة، بمجرد أنه يعرف القراءة والكتابة لا غير. ومن هنا نقول شكرا للأستاذ محمد مبارك الذي يهتم مع نخبة من الإخوة الكتاب أصحاب الأعمدة في الصحف المحلية بأهمية توصيف نواب المستقبل، ونكرر لهم الشكر أن نبهوا لخطورة رفض بعض النواب القانون الجديد الذي يشترط حصول النائب على شهادة البكالوريوس (والتأكد من أن هذه الشهادة التي يحملها المرشح معترف بها من قبل مجلس التعليم العالي في مملكة البحرين).
ما من شك أن المستوى العلمي والثقافي للنائب مطلوب قبل غيره حتى يأخذ مكانه في المجلسين، لأنه يعتبر بنجاحه وانضمامه إلى المجلس مشرعا، وعلى سبيل المثال لو تقدم أحدهم لطلب وظيفة ما في القطاع الخاص أو القطاع العام من حملة البكالوريوس، أو الماجستير، أو الدكتوراه (المعترف بها من قبل التعليم العالي) لتم اختيار أصحاب هذه المؤهلات على غيرهم ممن لديهم الثانوية العامة، وجاء التفضيل للمستوى العلمي والعقلية المتفتحة وأصحاب الثقافة والخبرة، وهذا أمر معروف لا يخفى على العارفين من المواطنين الكرام.
وإذا كان المؤهل العلمي مطلبا شرعيا قبل أن يكون مطلبا قانونيا فان الحق سبحانه وتعالى قال على لسان ابنة شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: «يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين» (القصص 26) وإذا تأملنا هذه الآية الكريمة في دلالتها اللغوية إن كلمة «القوي» لها دلالة شاملة لكل معاني القوة سواء كانت تلك القوة علمية، أو بدنية، أو مالية، أو غيرها من المعاني التي تدخل في معنى القوة فضلا عن مسئولية الأمانة، وأمانة المسئولية التي يجب أن يتحلى بها النائب وكل ذي مكانة ووظيفة لهما علاقة بالنفع العام.
وأقول عودا على بدء: إن تحمل المسئولية يحتاج إلى الكفاءة العلمية التي تؤهل المسئول لتحمل المسئولية بكل تبعاتها والتزاماتها؛ ليكون قادرا على التعبير عن متطلبات الناخب والدفاع عن حقوقه والسعي إلى تحقيق مصالحه بما يمتلكه من عقل متفتح، وإمعان الفكر عند النظر إلى القوانين والتشريعات التي تتطلب ذلك عند مناقشتها، ومحاورة المتناظرين فيها بكل كفاءة واقتدار، عندما تسن القوانين والتشريعات الصادرة عن المجلسين التي تنظم الحقوق والواجبات للمواطنين فضلا عن القوانين والتشريعات التي تنظم السياسة الشرعية بين الحاكم والرعية، والعلاقات والمواثيق الدولية، أما أولئك الذين وقفوا ضد المؤهل العلمي الذي اشترط ابسط المؤهلات الأكاديمية (البكالوريوس) فأقول: إن أولئك معذورون لأن مؤهلهم العلمي الوحيد هو الجمعية السياسية التي زجت بهم في المجلس النيابي، أو البلدي، أو غيرهما.
إن أمثال هؤلاء كما وصفهم الشاعر بعد أن تبين عدم كفاءتهم لهذه المهمة من أجل الوطن والمواطنين اصطدموا بمن غطى على ثقافتهم ودراستهم العلمية المتواضعة من قبل نظرائهم من أصحاب المؤهلات الأكاديمية في جميع المجالس، مما أدى إلى تذمر المواطنين منهم ،وخيبة الوطن فيهم، فأصبح همهم الامتيازات وزيادة المعاشات، ومجرد الاعتراض في غير محل الاعتراض، والبحث عن الإثارة، ولفت الانتباه، والإخلال بالضبط والربط في المجلس؛ من أجل النشر في الصحافة ، وأصبح الوطن والمواطن يدعوان الله تعالى الفرج القريب بانتهاء المدة المقررة لأولئك الذين همهم الوصول إلى مكان كشف زيفهم، وقلة حيلتهم وهوانهم على الناس، فأصبح ينطبق عليهم قول الشاعر:
تكـــلفت أمـــراً لم تكـــــن من رجــــاله
لـــــك الويـــل مــــــن ذاك التـــكـــلــــف والعـــنا
تمـــيل إلــــى الـــدنيا وتبــدي تزهـــداً
فـــــــلا أنـــــت مـــحمـــودٌ هنــــــاك ولا هنــــــا
وأخيرا وليس بآخر أقول لأولئك الذين وقفوا ضد المؤهل الأكاديمي المتواضع (البكالوريوس): انتهى دوركم وان الله تعالى قادر على أن يستبدل أقواما بأقوام كما قال الله تعالى: «وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم» (محمد 38).
وإذا جاز لنا أن نلقي نظرة سريعة على المجالس النيابية في الدول العربية الأخرى على سبيل المثال: مصر، والأردن، ولبنان، والمغرب، وغيرها من دول مجلس التعاون لوجدنا أعضاء هذه المجالس إما وزراء سابقين، وإما شخصيات علمية وأكاديمية معروفة ، وقل أن نجد ممن جاءت بهم حروف الجر والعطف، وأوصلتهم إلى هذه المجالس، قال الشاعر الحكيم في ذلك:
لا يصــلح النـاس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
تهدي الأمـور بأهـل الرأي ما صلـحوا
فـــإن تــولـــوا فبـالجهــال يــنقــادوا
والله المستعان على ما يصفون يا محمد مبارك جمعة.