الجريدة اليومية الأولى في البحرين



السيارات والطرق في البحرين

تاريخ النشر : الثلاثاء ٣١ يناير ٢٠١٢

زكريا خنجي



أشار وزير الأشغال في كلمة له بمناسبة افتتاح مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط الثالث للاتحاد الدولي للطرق الذي عقد خلال الفترة من 9 إلى 11 يناير 2012 إلى أنه حتى ديسمبر 2011 بلغ عدد السيارات التي تسير في شوارع وطرق البحرين نحو (478,193) سيارة، بمعدل نمو يقدر بنحو 7,34% سنويًا، وذلك بالمقارنة مع عام 2002 التي قدر عدد السيارات فيها نحو (250,978) سيارة، وبمعنى آخر فإن ملكية عدد السيارات في البيت الواحد يبلغ 2 سيارة كحد أدنى. وفي المقابل فإن نسبة استخدام الفرد لوسائل المواصلات العامة لا تتجاوز 5%، وهي نسبة قليلة جدًا.
وأضاف وهو يتحدث عن شبكة الطرق الحديثة في البحرين «تتألف هذه الدراسة من أربع تقنيات للمواصلات تتمثل في شبكة للقطارات الخفيفة، وخط أحادي للسكة الحديد، وخط ترام وحافلات للنقل السريع. ليتم تنفيذها على مراحل امتدادًا لعام 2030»، وقال أيضًا «إننا ندرس حاليًا متطلبات التخطيط لشبكة السكك الحديد لدول مجلس التعاون».
سنحاول أن نركز في هاتين النقطتين في كلام الوزير، وهما تزايد عدد السيارات في شوارع وطرق البحرين ومشاريع الطرق الضخمة التي تتبناها الدولة.
عدد السيارات
نعتقد في رأينا المتواضع أن عدد السيارات في البحرين - وربما في دول الاتحاد الخليجي - يتضاعف لسببين، وهما:
1- ثقافة الناس: فنحن شعب - منذ أن تفجر النفط بين أرجلنا - تحولت ثقافتنا إلى ثقافة استهلاكية مترهلة، فنحن لا نحب أن نتعب أنفسنا وجسمنا أو حتى تفكيرنا، فوضعنا أنفسنا في خانة المستهلكين فقط، فقامت حكوماتنا - بغرض توفير البنية التحتية وجميع مستلزمات الحياة - بتوفير كل سبل الراحة والرفاهية، وهذا ساهم بصورة كبيرة في ترهل الأفكار والأجسام، ومما زاد الطين بلة أن قامت الدول والمؤسسات والمصانع من خارج الحدود بدراسة هذا الشعب وعرفت نفسيته وحبه للترهل فأغرقت السوق بكل المواد الاستهلاكية التي تسير بالتحكم عن بعد، وكانت السيارة هي من أوائل تلك المواد الاستهلاكية.
لذلك نجد أن السيارات في دول الاتحاد الخليجي تختلف من حيث تركيبها وأشكالها عن بقية دول العالم، فهي تقدم لراكبها كل الرفاهية بينما السيارة نفسها وبالموديل نفسه في بعض الدول الأسيوية لا تتمتع بمثل هذه الرفاهية، لماذا ؟
لأن المواطن هناك لا يحتاج إلى كل تلك الرفاهية، فهو يعيش على هذا المستوى. ونحن هناك لا نقول ان نمنع الإنسان الخليجي من تلك الرفاهية وإنما يجب أن نعيد ترتيب أفكارنا في ثقافتنا الاستهلاكية وأن نضع حدودًا حتى لا نتسبب في قتل بيئتنا ودولنا.
هذه الثقافة الاستهلاكية قادتنا إلى عدم رغبتنا في استخدام وسائل النقل العامة، حيث اننا نرغب أن تكون مفاتيح سيارتنا بين أيدينا فمتى شئنا أن نخرج من منازلنا أو أعمالنا أو اي مكان يمكننا بكل بساطة أن نشغل مركبتنا وأن نتحرك في الاتجاه الذي نرغب، من غير انتظار للحافلة أو القطار أو أي وسيلة للنقل العام، أليست هذه ثقافتنا ؟
ليس ذلك فحسب، وإنما إن رغبنا في استخدام وسائل النقل العامة، ينظر إليك كل الأفراد المجتمع نظرة أنك معدم أو بخيل، ولسان حالهم يقول: كيف لمثلك ألا يشتري سيارة خاصة وأن يستخدم هذه الوسائل التي ما سيرت إلا للمقيمين أو العمال؟ وكأن استخدام وسائل النقل العامة أصبح في أوطاننا عارا.
2- عدم وجود وسائل النقل العام على مستوى الطموح: في مقابل أن ثقافتنا استهلاكية مترهلة، فإن الحكومات لم تنشر وسائل النقل العام عل مستوى طموح شعوبها، فالحافلات عادة ما تكون قذرة، كراسيها ممزقة، غير مكيفة في دولنا الصحراوية وخاصة في فصل الصيف، تسير بوقود الديزل الذي ينفث ذلك الدخان الأسود الذي يخنق الرئات فتصاب بالسعال والأمراض التنفسية.
ليس ذلك فحسب، فنظرة إلى مواقف تلك الحافلات نجد أنها لا تتمتع بأي مميزات تشجع الإنسان على أن يقف فيها حتى ولو للحظات، فهي لا تقي الشمس أو المطر.
هذا طبعًا غير المواقيت وأوقات تحرك الحافلات ووصولها إلى المواقف، والكثير من الأمور المتعلقة بهذا الجانب.
عمومًا، موضوع النقل العام والسيارات الشخصية قضية تحتاج إلى دراسات متأنية، ولكنها تحتاج إلى حلول حاسمة، فإن كنا اليوم نقول اننا نعاني ازدياد أعداد السيارات في الشوارع، فإننا غدًا لن نستطيع أن نتحرك ونحن نجلس في سياراتنا ونريد أن نصل إلى منازلنا.
وختامًا، وحتى لا نظلم أحدا، فإننا نقول إن هذه المشاريع رائعة ومهمة، ولكننا من جهة أخرى نود أن نسأل هل ستخفف هذه المشاريع الضخمة من عدد السيارات التي تسير في شوارع البحرين؟ اتمنى ذلك، على ألا ننسى أن نغير من ثقافتنا فهي المحرك الأساسي.