يوميات سياسية
اللقاء الطائفي بين أمريكا وإيران
تاريخ النشر : الأربعاء ١ فبراير ٢٠١٢
السيد زهره
تحدثت بالأمس، تعليقا على ملاحظة للفريق ضاحي خلفان، عن مبدأ «تصدير الثورة» الى الدول العربية والخليجية بالذات بين المفهومين الايراني والامريكي، واوجه اللقاء والشبه في هذا المجال. وقلت ان اللقاء الطائفي هو اخطر اوجه اللقاء بين امريكا وايران.
اللقاء الطائفي نقصد به هنا اعتبار البلدين ان الطائفية ركن اساسي من اركان استراتيجيتها، ومن ابعاد المشروع الذي يستهدف دول الخليج العربية.
هذا البعد تلتقي فيه امريكا وايران.
ومع الأخذ في الاعتبار الفوارق بين المشروعين الايراني والامريكي في جوانب كثيرة، الا انه فيما يتعلق بهذا اللقاء الطائفي، فانه يعني بالنسبة إلى البلدين في القناعة الاستراتيجية والممارسة العملية امرين محددين:
الأول: احتضان قوى طائفية بعينها، وتشجيعها ودعمها بكل سبل الدعم المالي والسياسي والاعلامي، واسباغ نوع من الحماية عليها وعلى اجنداتها الطائفية.
بالطبع، ينبع هذا من اعتبار ايران وامريكا ان هذه القوى الطائفية في دول الخليج العربية ادوات فعالة لخدمة وتنفيذ مشروعهما.
والثاني: تغذية وتشجيع التوترات، وحتى الصراعات الطائفية في دول الخليج العربية، واعتبار امريكا وايران ان هذه الصراعات تفسح الطريق واسعا امام مشروعها في المنطقة.
بالطبع، ان كان هناك اتفاق من حيث المبدأ العام بين امريكا وايران على هذا البعد الطائفي، فهناك خلافات في المنطلقات العامة، وفي الغايات الاستراتيجية من وراء استغلال هذا البعد.
بالنسبة الى ايران، المسألة يختلط فيها البعد الديني الطائفي مع البعد السياسي الاستراتيجي العنصري.
بعبارة اخرى، المسألة ان ايران تقدم نفسها من جانب باعتبارها حاميا للقوى الطائفية الشيعية في دول الخليج العربية، وفي نفس الوقت تعتبر ان هذه القوى واستغلالها عنصر اساسي للوصول الى غايتها الاستراتيجية المتمثلة في السعي الى الهيمنة الفارسية العنصرية على مقدرات المنطقة.
بعبارة ثانية، ايران تقدم هذا الالتزام الطائفي باعتباره واجبا شيعيا، وباعتباره ضرورة استراتيجية.
أما بالنسبة الى أمريكا، فهذا البعد الديني الطائفي المباشر لا يعنيها كثيرا. بمعنى انه، كما ذكرت من قبل، فان امريكا لا يعنيها كثيرا امر الشيعة او السنة في حد ذاته.
بالنسبة الى أمريكا، القضية تختلط فيها عوامل كثيرة سبق ان تناولناها في تحليلات مطولة. لكن باختصار، الأمر في جانب منه يتعلق بقوى طائفية معروفة نسجت معها امريكا علاقات تنسيق وتعاون ودعم منذ سنوات طويلة، وهي تعتبر ان هذه القوى هي في مصاف الحلفاء والتابعين لأمريكا بما يترتب على ذلك من ضرورة احتضانهم ودعم مشروعهم.
والأمر في جانب آخر منه يتعلق بنوع من التفكير الاستراتيجي اصبح موجودا في اوساط معينة داخل الادارة الامريكية بعد غزو العراق يعتبر ان دعم المشروع الطائفي للقوى الشيعية في المنطقة مصلحة امريكية.
وبالإضافة الى هذا، معروف انه ترسخ في الوعي الاستراتيجي الامريكي منذ سنوات طويلة ان استغلال الخلافات الطائفية ومشاكل الأقليات بصفة عامة هو احد المداخل والمرتكزات الكبرى في أي استراتيجية ترمي الى تمزيق وتقسيم الدول العربية.
وقد كان غزو واحتلال العراق وما ارتبط به من مواقف وتطورات نقطة التحول الكبرى في الاستراتيجية الايرانية والأمريكية في بعدها الطائفي هذا.
فقد اعتبرت ايران ان احكام قبضتها على القوى والاحزاب الطائفية الشيعية الحاكمة في العراق بمثابة نجاح استراتيجي ساحق واطلاق عنان الطموحات الايرانية للهيمنة على مقدرات منطقة الخليج انطلاقا من العراق كنقطة ارتكاز.
وأمريكا ايضا اكتشفت مع تجربة العراق، او بمعنى ادق تأكدت من جدوى الرهان على البعد الطائفي والقوى الطائفية في تنفيذ مشروعها.
وكما نعلم، فان هذا اللقاء الطائفي بين امريكا وايران شهد اكبرتجلياته في الموقف من الاحداث في البحرين.
فعلى الرغم من الخلافات بالطبع بين الموقفين الامريكي والايراني من الاحداث في البحرين، فان البلدين التقتا عند احتضان القوى الطائفية وتشجيعها بصور واشكال شتى.
بالطبع، لا يعني هذا اللقاء الطائفي بين امريكا وايران ان هناك تنسيقا او تخطيطا مشتركا بين البلدين بهذا الشأن، ولو ان مثل هذا التنسيق حدث في العراق.
المهم في كل الأحوال ان دول الخليج العربية يجب ان تكون على وعي بهذا البعد الخطير في استراتيجية امريكا وايران، وما يمكن ان يترتب عليه، وان تتصرف على هذا الأساس.