هوامش
طريق المعالجة بحاجة إلى جهود مستمرة
تاريخ النشر : الأربعاء ١ فبراير ٢٠١٢
عبدالله الأيوبي
تتوالى حينا بعد آخر جهود أبناء البحرين المخلصين من مكونات الشعب البحريني كافة الذين تقلقهم وتحزن نفوسهم أحوال وطنهم وهم يرونه ينحدر نحو وضع خطر ربما هو الأخطر خلال تاريخه الحديث، آخر هذه الجهود والتحركات كان «الملتقى الوطني البحريني» الذي احتضنه نادي العروبة يوم السبت الماضي وشاركت فيه شخصيات وطنية بحرينية تمثل مختلف شرائح ومكونات شعبنا، وهي جهود يمكن وصفها بالحلقة الأخرى التي تضاف إلى سلسلة حلقات متناثرة من الجهود التي يسعى الواقفون وراءها إلى تقديم ما يمكن لهم تقديمه من مساهمة في تحريك المياه الراكدة في الساحة الوطنية جراء التداعيات التي أفرزتها أحداث العام الماضي.
مثل هذه التحركات تكتسب أهميتها كونها تأتي في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا وحيث تنتاب الكثير من المواطنين المخاوف من المخاطر التي يمكن أن يتسبب فيها تصاعد الاحتقان الطائفي وانعكاساته السلبية على السلم الأهلي وإصرار «المتمصلحين» على إبقاء الحالة على وضعها التي هي عليه الآن لأن ذلك يخدم الأجندة الأنانية التي تمثل هي الأخرى أحد المخاطر التي تهدد الجهود التي يقوم بها العديد من الفعاليات الوطنية لإيجاد السبيل المساعد على الخروج من حالة الركود التي تشل الحراك الوطني وتدفعه نحو المسار الصحيح.
يشكك البعض في جدوى مثل هذه الجهود والتحركات التي تقوم بها مختلف الفعاليات، ولا أحد يلوم المشككين، ليس في نيات وأهداف القائمين بهذه الجهود بطبيعة الحال، وإنما في القدرة على تحقيق النتائج المرجوة، فالأوضاع غير السليمة وصلت إلى درجة من التصاعد بحيث يحتل الشك مكان التفاؤل في نفوس المخلصين من أبناء وطننا، ولكن مع ذلك علينا أن نتمسك بأي خيط ضوء يشع من النفق الذي دخلنا فيه، فنحن لسنا في حالة يمكن لنا فيها أن نتخلى عن قليل من الأمل للخروج من الأوضاع الصعبة التي تمر بها بلادنا، فالأمل يجب أن يكون حاضرا باستمرار كي نتمكن من مساعدة بلادنا على تجاوز هذا المأزق.
من دون التمسك ببارقة أمل والإيمان بقدرة أبناء البحرين المخلصين على خدمة وطنهم وشعبهم ومساعدته على تجاوز المحنة التي يمر بها، فإن كل الجهود سوف تذهب في مهب الريح، وهذا ليس في صالح مستقبل بلادنا وأبنائنا، فالأوضاع ليست هينة خاصة أن هناك تأجيجا متعمدا يقوم به البعض لعرقلة مختلف جهود المصالحة والتخلص التدريجي من التداعيات السلبية التي أفرزتها أحداث السنة الماضية، لكن علينا ألا نتوقع النتائج الإيجابية لهذه الجهود بين ليلة وضحاها، ولكن بالمقابل يجب عدم الاستسلام أمام العراقيل التي سنواجهها في طريق العمل الوطني الهادف إلى تخليص بلادنا ومجتمعنا من تلك التداعيات.
إن جميع القائمين على الجهود الوطنية المتتالية يلتقون حول هدف واحد، هو المساعدة على تجاوز الأوضاع الصعبة التي نعيشها، ولا يختلف هؤلاء جذريا حول تشخيص الأوضاع وسبل معالجتها، ومع ذلك فإن القائمين على هذه الجهود لم يحاولوا تأطير حركتها في قالب واحد كي تحظى بالدافعية التي تحتاج إليها لمواجهة ظروف في غاية الصعوبة كالتي نمر بها الآن، ذلك أن تناثر الجهود وتشتتها يضعفان قدرتها على الوصول إلى أهدافها، بل يمكن أن يحبط المتفائلين والداعمين لهذه الجهود، وهذا ما لا يحبذه المخلصون من أبناء هذا الوطن.
نحن بحاجة إلى تكتيل وتوحيد مختلف الجهود للتصدي للمخاطر المحدقة بوطننا وشعبنا، فاستمرار الوضع على ما هو عليه لن يخدم شعبنا ووطنا على المدى البعيد، بل على العكس من ذلك فإن فاتورة الأثمان سوف ترتفع كلما عجزنا عن معالجة مشاكلنا بأنفسنا، فبلادنا أمانة في أعناق جميع مكونات شعبنا، فهذه المكونات هي المسئولة أولا عن مواجهة الصعاب التي تمر بها البلاد وتكثيف الجهود ولملمتها من أجل تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في تجاوز الأزمة بأقل الخسائر، فيكفي أننا نعيش أوضاعا صعبة تقترب من إتمام عامها الأول، من دون أن تلوح في الأفق حتى الآن بادرة أمل للخروج منها.
رغم الصعوبات التي تواجهها تحركات الفاعليات الأهلية لتجاوز هذه الأزمة وارتفاع درجة التشكيك في نجاحها وقدرتها على تحريك المياه الراكدة في البحيرة الوطنية، فإنه لا خيار أمامنا سوى مواصلة ودعم هذه الجهود، فهي الطريق الأنجع القادر على قيادة السفينة الوطنية للبحث عن وسيلة تمكنها من مواجهة تلاطم الأمواج وتصاعدها بين الفينة والأخرى، لكن الطريق إلى ذلك لن يكون سالكا ومعبدا كما نأمل ونشتهي، فهناك من له مصلحة في وضع العقبات لتخريب جهود التقريب، فهؤلاء تتعارض مصالحهم الذاتية مع جهود المصالح الوطنية.