عالم يتغير
كفانا عبثا بالبحرين
تاريخ النشر : الخميس ٢ فبراير ٢٠١٢
فوزية رشيد
{ في الوقت الذي تتلاطم فيه الأمواج في المنطقة العربية في ظل محاولات (الهيمنة الكاملة - الديمقراطية الاستبدادية في النظام العالمي الجديد) كما وضع عنوانه الكاتب الاستراتيجي الالماني «اف ويليهلم أنجندال»، وفي ظل المشروع الايراني بحثا عن امبراطورية (ايران الكبرى) في اطار ترويج «التشيع الصفوي»، واستخدام الموالين للولي الفقيه، للخروج عن البدهيات الوطنية الاولى في دول الخليج ودول عربية أخرى، قائم على (تكاتف طائفي) يضرب الموالون من خلاله في كل بلد خليجي بكل الثوابت الوطنية والمصالح الشعبية. في مثل هذا الوقت الذي تتكالب فيه القوى لتفتيت الخليج وتفتيت المنطقة، نجد ان هناك (فئات) تضع نفسها في خدمة هذين المشروعين المدمرين، والاستنجاد بمؤسساتهما ودعمها سواء الاعلامية او الحقوقية او اللوجستية الاخرى، ودعم المنظمات الدولية المسيسة لتحقيق أكبر ضغطين دولي وطائفي ممكنين للعبث بأمن واستقرار البحرين والخليج العربي تحت شعارات المطالب والاصلاح والديمقراطية.
{ في مثل هذا الوقت الذي انكشفت فيه مخططات (الفوضى الخلاقة) وأجندة (التشيع الصفوي) واستخدام أبناء الوطن لضرب مصالح وطنهم، تستمرئ تلك الفئات المتطرفة والانقلابية والطائفية، العبث بالوطن والعمل على حرقه، ونشر الفوضى فيه، وركوب كل موجة مواتية تضرب بشطآن البحرين والخليج الآمنة، لتحقيق مصالح (فئوية طائفية) مستندة إلى خدمة أجندة (الهيمنة الكاملة) للولايات المتحدة، التي كشف الكاتب الالماني «اف ويليهلم أنجندال» أهم خيوطها في لقاء مع قناة «روسيا اليوم» باللغة الانجليزية، وأكد فيها ان مخطط «بوش» بعد احتلال العراق، الذي بدأ التخطيط العملي له بين عامي 2003 و2004 بوضع أسس الهيمنة الكاملة على الشرق الاوسط عبر (الفوضى الخلاقة)، تتضح ملامحها اليوم في كل الدول التي مرت بما يسمى الربيع العربي، وحيث في «تونس» أولى دول تلك الثورات، يعيش اقتصادها حاليا في أسوأ وضع ويتدهور، فيما لم يتم تحقيق الثورة الديمقراطية المأمولة، وانما حققت تراجعا في مضمونها والامور مرشحة إلى السوء أكثر، ومثل ذلك يحدث في (مصر) بلد الثورة الثانية، فيما (ليبيا) تعاقد ثوارها على مقايضة وضع النفط الليبي في يد الدول الكبرى مثل فرنسا وأمريكا، وحيث «كلينتون» وزيرة الخارجية الامريكية تتحدث بكل أريحية عن «النفط الليبي» وتقايض اليابان به، ان هي استغنت عن «النفط الايراني» كأنه نفط أمريكي. ومخطط اعادة رسم الشرق الاوسط بشكل جديد عبر (الفوضى الخلاقة) لن ينتهي عند الحدود الشرق أوسطية، وانما هو مدخل لمحاصرة الصين وروسيا لاحقا، وضرب مصالحهما العالمية لتحقيق «الهيمنة الكاملة» على العالم.
{ وفي الوقت الذي يكشف فيه الكاتب الاستراتيجي الالماني المخططات الامريكية، التي هي مكشوفة بالكامل اليوم لدى شعوب دول الخليج تحديدا، وأكثر من غيرها من الدول العربية الاخرى، فإن شعوبنا قد كشفت خيوطا أخرى من حيث تلاقي المشروعين الامريكي والايراني الصفوي، ومن حيث الاهداف والنتائج التي يجتمع عليها المشروعان، ويغذيان بعضهما بعضا من خلال نشر الفوضى وعوامل التفتيت الطائفية، وشق الصف الوطني، والعبث بالسلم الاهلي، وخلخلة الامن والاستقرار، وتوظيف عناصر داخلية لخدمة أهداف وغايات المشروعين المتداخلين: الامريكي من جهة ابتزازا للدولة والشعب البحرينيين، وكفى تعريضا للمصالح الوطنية الحقيقية ولهوية هذا الشعب وانتمائه للخطر، والايراني الصفوي والطائفي من جهة أخرى.
{ في مثل هذا الوقت نقول للقوى التي تسمي نفسها «معارضة» كفى عبثا بالبحرين، وكفى خدمة للمشاريع الخارجية، وكفى استغلالا للمطالب السياسية، وكفى لعبا بأدوات العبث الداخلية من القائمين بالعنف والتخريب لخدمة أهداف (الفوضى الخلاقة) و«التشيع الصفوي»، وكفى استنجادا بالخارج وبالمنظمات الدولية المسيسة والمشبوهة لخدمة غايات المشروع الامريكي والمشروع الايراني بالنتيجة، وكفى زرعا لأدبيات وخطابات التحريض الطائفية، وكفى ادعاء بالمظلومية عبر الصراخ والصوت العالي والسباب والشتائم، وكفانا في الخلاصة عبثا بالبحرين، وتسويقا لخطابات وسلوكات العنف والتخريب.
{ ان مخططات الهيمنة الكاملة من أجل تحقيق ما سماه الكاتب الالماني (الديمقراطية الاستبدادية في النظام العالمي الجديد) يخدمها اليوم وبشكل منظم وممنهج وللأسف أبناء الاوطان أنفسهم، سواء في الخليج أو في دول عربية أخرى، وآليات تفعيل تلك المخططات تمر للأسف ايضا على أيدي هؤلاء، الذين تخلوا عن كل المعايير والثوابت الوطنية، خدمة لمشاريع خارجية، يركبون فيها كما في العراق على الدبابات الامريكية وعلى عربات «الحرس الثوري» الايراني، ويبتزون دولهم والعالم بمطالب يسمونها اصلاحية، فيما هي على النقيض، لأنها قائمة على تدمير ما هو قائم في البحرين مثلا من اصلاح وديمقراطية يتسمان بالهوية الوطنية، ليتم بعده استنساخ التجربة العراقية الكارثية، باعتبارها أكبر انجاز أمريكي في المنطقة العربية. والذي سوف يتحقق في النهاية حسب تلك المخططات هو تفتيت المنطقة كلها، وسيادة الهيمنة الامريكية الكاملة والتشيع الصفوي، فيما تلك الفئة المحلية (الغادرة والخائنة) يكفيها ان تكرر نموذج «حكم المالكي» في العراق، بعد ان ضيع هو ومن معه العراق وأدخلوه في نفق أسود كارثي، وهؤلاء يبدو انهم يمشون على الدرب ذاته، ولأن اللعبة باتت مكشوفة تماما، فالرهان اليوم هو على وعي شعبنا في البحرين والخليج العربي، لمجابهة هذه المخططات الكبيرة والمتداخلة، مثلما هو الرهان على نبذ كل من هو على شاكلة (أحمد الجلبي) ومستوردي الديكتاتورية والاستبداد الخارجي لدولهم، لتحقيق مآرب ضيقة وحقيرة على حساب الوطن والشعب وعلى حساب الأمنين الوطني والقومي.
وكفانا عبثا بالبحرين.