أفق
رؤى وطنيةٌ ديمقراطية
تاريخ النشر : الجمعة ٣ فبراير ٢٠١٢
عبدالله خليفة
أي تجمع يؤسسُ وعياً توحيدياً هو خطوة إيجابية تكتمل مع تطور الفهم الديمقراطي العميق.
قامت الكتلُ المذهبية والقومية والماركسية والليبرالية على الشموليات المختلفة، وحين تجتمع أو تتفرق لا تنتج ديمقراطية.
من ينتقد الكتل التوحيدية من منطلق ليبرالي لا وجود له يجب أن يحلل ليبراليته المحتاجة إلى دمٍ ديمقراطي تعددي حقيقي من أجل أن ترفع شعارَ فولتير (مستعد أن أضحي بنفسي من أجل أن تطرح رأيك)، فتوسع رؤاها لتنقد كل سلبي في أي اتجاه، وتعلي الايجابي من أي جهة جاء.
الذي يشتغلُ فقط لمصلحته لا علاقة له بالديمقراطية والليبرالية والعقلانية، فلا يشكل عقلاً نقدياً موضوعياً مستقلاً متناميَ الانجازات والأفكار المُحدثة للتحولات في الحياة والناس، لأن العقلَ النقدي الديمقراطي ينتقدُ الذاتَ والآخر، ينتقدُ تاريخَ الذاتِ غيرَ المنتجةِ لممارسةٍ ديمقراطية، ولسكوتِها، ولعدم تحليلها تاريخها والتاريخ الوطني القومي الإنساني.
الجماعاتُ المذهبيةُ والقومية والماركسية حين تتقدم لعمل توحيدي ديمقراطي يجب أن تؤسس ثقافاتها الديمقراطية المتأصلة في تواريخها المختلفة.
أن تعترفَ بأخطائها وقصورها وتبعيتها للخارج والداخل الشموليين، فلا تأتي الثقافات الديمقراطية من بياض، ومن غياب للممارسات التحليلية والعملية في تلك الثقافات التقليدية الشمولية التي نشرتها وتحولت إلى أعضاء غير مغيرين وتابعين، بل من تعرية للسلبي وتعلية للايجابي، ولخلق خيوط التقدم الديمقراطي التحديثي في كل خلايا الوطن والمنطقة العربية والإسلامية والبشرية.
الخطوات السياسية الصغيرة التوحيدية حتى مع انقطاعها عن الممارسات الفكرية الديمقراطية، تظلُ مهمةً ولكنها قاصرة ما لم يترافق معها تحولات على أصعدة الوعي ومعالجات التاريخ السياسي والاسترشاد بذلك لعقلنة الممارسة السياسية اليومية المستمرة وعبر السنين وليس اليوم بحماس مؤقت.
إن التراث الدكتاتوري بتكراره وعدم نقده وتحليله لا يمكن أن يؤسسَ ممارسات ديمقراطية وطنية إسلامية توحيدية، فلا يمكن أن تكون ماضوياً تقليدياً طائفياً وتكون معاصراً ديمقراطياً في ذات اليوم السياسي، فسوف تنشرخ وتنفصم وتزيف نفسك وتقود الديمقراطية بأدوات قمع وإرهاب.
(أمةٌ عربيةٌ واحدةٌ ذاتُ رسالةٍ ديمقراطية واحدة)، لا جماعة شمولية تتغلغلُ بانتهازية في عروق الأنظمة التقليدية، وتسكت حين يتطلب الأمر الكلام، وتوافق على سياسات الطبقات الاستغلالية المغامرة بمصائر الشعوب والأمة والأوطان.
الكلام الديمقراطي الوطني التوحيدي له تاريخ، هو تاريخُ الشجاعة الأدبية السياسية والتضحيات عبر العقود، وهو الذي يتأسس بتلاقي المناضلين المجمعين لعروق الوطن، وخلايا الأمة فيما هو تقدمي وديمقراطي وتوحيدي، وهو الذي يراكمُ المنجزات لا أن تكون الجبهات الوطنية مظلةً للدكتاتوريات وتمزيقاً لصفوف العرب والمسلمين والبشر عامة، وأدوات للحروب وسكوتاً عن سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية خاطئة.
فليتحد العمال فيما هو تطوير لحياتهم المعيشية وتقدم وطنهم ووحدته، وارتقاء أمتهم والإنسانية، لا أن يتحد العمال تحت رايات انتهازية تتلاعبُ بمصائرهم، فالديمقراطية لا تُصنع من صمت العمال، وغياب الحضور والوعي من الخلايا، وغياب النظرات التحليلية الموضوعية للذات المنتجة ممارسات سلبية، وللذات وهي تعترفُ بأخطائها وتقيّم سياساتها وتطرح بدائل تطور الحياة لا أن تقفز وراء المغامرين.
المذهبيون المُسيسون لتفتت الإسلام أكثر الناس حاجةً إلى الموضوعية وقراءة تاريخ الأمم الإسلامية ومشكلات وحدتها وتنامي المشترك الديمقراطي بينها، ولرؤية تواريخ الذوات الشمولية التي جمدت التطور فيها لا أن يقوموا باستغلالِ نصوصٍ ليركبوا فوق الظهور السياسية التعبة للعامة الملاصقة للتراب والعيون مغمضة والعقول في إجازة طويلة ثم تتمزق الخرائط.
يُشكر من يؤسس اتجاهاً توحيدياً ويخلق من الليبرالية والعقلانية والاعتدال بوصلةَ تجميع، وخاصة في خليج يغلي ويحتاج إلى سلام ووحدات وطنية ومنع للعنف، ليواكب ذلك ديمقراطيات تنمو وتطور البنى الجامدة والمفككة.