أخبار دولية
الكويتيون اقترعوا في انتخابات مجلس الأمة في أجواء من الاصطفاف والقلق
تاريخ النشر : الجمعة ٣ فبراير ٢٠١٢
اقترع الناخبون الكويتيون أمس الخميس لاختيار مجلس جديد للامة في جو من الاستقطاب الحاد والقلق وبعد حملة انتخابية هيمن عليها موضوعا الاصلاح ومحاربة الفساد، فيما تشير التوقعات إلى توجه المعارضة بقيادة الاسلاميين إلى تحقيق فوز كبير.
وتوافد آلاف الناخبين والناخبات إلى مراكز الاقتراع المائة ضمن الدوائر الانتخابية الخمس في الكويت، وتصاعدت وتيرة الاقبال بشكل كبير في فترة المساء، من اجل اختيار الاعضاء الخمسين في البرلمان الاعرق في منطقة الخليج والذي يتمتع بصلاحات تشريعية ورقابية. واغلقت ابواب مراكز الاقتراع في تمام الساعة الثامنة مساء على ان يتمكن من كان داخل المركز من الاقتراع بعد ذلك. واشارت تقديرات غير رسمية إلى ان نسبة الاقتراع وصلت إلى حوالي 60% قبل ساعة من اغلاق المراكز.
وفي ضاحية صباح السالم (20 كلم جنوب الكويت) التي تعد من مراكز الثقل للمواطنين القبليين تجمع الاف الناخبين في جو من التجييش الواضح، وذلك بعد ان تصاعد غضب القبائل بشكل كبير في الايام الاخيرة.
وقال المقترع محمد السبيعي «بالطبع انا اقترع لصالح قبيلتي قبل كل شيء، ثم على اساس المواقف السياسية». واعتبر السبيعي الاربعيني الموظف في القطاع العام والذي اتى للتصويت لصالح ابن عمه وسط زحمة كبيرة من المقترعين، ان «التوتر الحضري القبلي ارتفع بشكل كبير في الآونة الاخيرة وان اي شرارة من هذا يمكن ان تحرق البلد اذا لم يتم التحرك سريعا من قبل السلطة». واشار هذا المقترع إلى التصاعد الحاد للتوتر في الايام الاخيرة وتحرك القبائل التي شدت عصبها لمواجهة هجمات كلامية تعرضت لها خلال الحملات الانتخابية لمترشح حضري موال للحكومة.
واحرق شباب من القبائل ليل الاثنين مقر هذا المرشح كما هاجموا ليل الثلاثاء مقر قناة تلفزيونية كانت تستضيف مترشحا آخر. وقال الديوان الاميري في خضم هذه الاحداث ان «من يمس بالقبائل كانما يمس بالكويت» في مؤشر على تصاعد واضح للتوتر.
وفي مركز الجابرية الانتخابي حيث تواجد قوي للناخبين الشيعة، تجمعت المقترعات منذ الساعة الثامنة للتصويت تحت اشعة شمس الشتاء الصحراوي البارد. وقالت المقترعة ام سعود وهي موظفة متقاعدة، «نحن غير مرتاحين نفسيا والاوضاع لا تسر ونحن محبطون كثيرا» في اشارة إلى استمرار التأزم السياسي بين الحكومة والبرلمانات المتتالية. بدورها اكدت الناخبة فاطمة عبدالله اكبر، وهي مدرسة سابقة، انها «متفائلة بحذر... نريد ان تنتهي الخلافات وخاصة الطائفية».
وتضم الكويت اكثر من 400 الف ناخب، تشكل النساء 54% منهم.
واقترع الكويتيون للمرة الرابعة في اقل من ست سنوات على امل اخراج البلد من دوامة الازمات السياسية، فيما اشارت التوقعات إلى توجه المعارضة بقيادة الاسلاميين إلى تحقيق فوز كبير.
وفي منطقة كيفان التي تعد من معاقل السلفيين في الكويت، وقف رجال ملتحون في باحة المدرسة التي حولت إلى مركز انتخابي للتحادث في ما بينهم والدردشة مع بعض المترشحين الذين زاروا المركز. وقال المترشح الاسلامي والنائب السابق وليد الطبطبائي ان الاهم في الانتخابات هو انها اتت «بعد حراك شعبي وشبابي اسقط الحكومة واسقط المجلس السابق» متوقعا ان «يأتي الآن مجلس تركيبته معظمها من المعارضة». وأكد تفاؤله بحصول المعارضة على اكثر من نصف المقاعد، وقال انه في هذه الحالة «سيكون لنا دور في قيادة دفة الحكومة ولن يكون هناك استجوابات لانهم سيعرفون انه سيكون هناك قوة للاصلاح والرقابة في وجه الحكومة».
وتأتي الانتخابات في اعقاب تصاعد كبير للتوتر الطائفي وذلك على وقع التوترات الاقليمية، وبعد حركة الاحتجاجات غير المسبوقة التي قادها الشباب والتي ادت في النهاية إلى استقالة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح في نوفمبر.
من جهتها، قالت المترشحة المستقلة ذات التوجهات الليبرالية رولا دشتي «اليوم الناخبون يقررون مستقبل الكويت انا متفائلة ونحن ندفع باتجاه تحقيق الاستقرار السياسي».
ونتيجة الاقتراع لن تؤدي على الارجح بحسب المراقبين إلى انهاء التأزم السياسي الذي يشل هذا البلد الغني وثالث اكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، حتى في حال فوز المعارضة التي وضعت حملتها تحت شعاري الاصلاح ومحاربة الفساد.
والمعارضة الكويتية هي في الواقع مظلة لتحالف واسع وغير وثيق بين اسلاميين وليبراليين وقوميين ومستقلين، ويمكن ان يتفق او يختلف اعضاؤها بحسب المواضيع المطروحة. وكانت المعارضة تشغل 20 مقعدا في البرلمان الذي حله امير البلاد في ديسمبر في اعقاب ازمة سياسية حادة وتظاهرات شبابية غير مسبوقة استلهمت الربيع العربي.
وتحتاج المعارضة للفوز بـ33 مقعدا لضمان سيطرتها بشكل كامل على قرار البرلمان اذ ان الوزراء غير المنتخبين (15 وزيرا) يتمتعون بحكم الدستور بحق التصويت في البرلمان. الا ان حصولها على اغلبية المقاعد سيكون بمثابة انتصار ايضا للمعارضة.
ويخوض خمسون مترشحا معارضا الانتخابات من بين 286 مترشحا. وتخوض 23 امرأة الانتخابات. وتأمل النساء في تكرار فوزهن التاريخي في انتخابات 2009 عندما فزن باربعة مقاعد للمرة الاولى بعد نيل المرأة الكويتية حقوقها السياسية في .2006
وللمرة الاولى في تاريخ الديمقراطية الكويتية، سمحت السلطات لمندوبين من خارج الكويت بمراقبة الانتخابات.
ويقوم حوالى ثلاثين مراقبا من عرب واجانب بينهم اربعة مندوبين من مفوضية شفافية الانتخابات (منظمة اهلية دولية) بمراقبة هذا الاستحقاق، اضافة إلى 300 مراقب من جمعيات داخلية تقودها جمعية الشفافية الكويتية.
وفرض موضوع الفساد نفسه بقوة على هذه الانتخابات بعد فضيحة كبرى تشمل 13 نائبا سابقا على الاقل. وحققت النيابة العامة مع 13 نائبا سابقا في اتهامات بحصولهم على ايداعات بملايين الدولارات في حساباتهم المحلية، فيما اكدت المعارضة ان هذه الايداعات هي رشى من جانب الحكومة.
وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، فان صلاحية تعيين رئيس الوزراء تبقى حصرا في يد امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الصباح، كما ان رئيس الوزراء سيكون من الاسرة الحاكمة وكذلك الوزراء الرئيسيون في الحكومة.