الجريدة اليومية الأولى في البحرين



تصريحات لمفتي القدس تثير غضبا عارما في إسرائيل

تاريخ النشر : الجمعة ٣ فبراير ٢٠١٢



أثارت مواقف المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين من مسألة زيارة المسلمين للقدس والمسجد الأقصى في ظل الاحتلال الاسرائيلي غضبا عارما في اسرائيل فقد افتى مفتي القدس ردا على سؤال تلقاه عن حكم الشرع الاسلامي بشأن زيارة القدس في ظل الاحتلال الاسرائيلي مؤكدا أنه من واجب المسلمين العمل على تحرير القدس من براثم الاحتلال بدلا من القيام بزيارات لها وهي تحت سيطرة الاحتلال الصهيوني مما قد يساعد على تطبيع الاوضاع الراهنة في القدس بما يخدم أهداف اسرائيل في تكريس الامر الواقع ويضر بقضية تحرير القدس من الاحتلال الغاشم.
وقد أثار مضمون هذه الفتوى بالاضافة الى تصريحات أخرى لمفتي القدس بشأن اسرائيل أدلى بها في رام الله مؤخرا غضبا عارما في اسرائيل، وطالب رئيس الحكومة الاسرائيلية بفتح تحقيق مع مفتي القدس متهما إياه «بمعاداة السامية».
في حين حذرت الهيئة الاسلامية المسيحية في القدس من أي مساس بشخصية المفتي، ونظرا لأهمية هذه التطورات نعرض فيما يلي نص فتوى مفتي القدس وتداعياتها وتقريرا عربيا عن الأوضاع في القدس في ظل الاحتلال.
نص الفتوى
سماحة الشيخ محمد أحمد حسين حفظه الله
المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
السؤال: ما حكم الشرع في زيارة المسلمين للأراضي الفلسطينية بعامة والمسجد الاقصى المبارك بخاصة في ظل الظروف الحالية؟
ارجو إعطائي فتوى شرعية بذلك ولكم الشكر.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق سيدنا محمد الامين وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بالاشارة الى المثبت نصه اعلاه فان فلسطين ارض باركها الله في كتابه العزيز واسرى إليها رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم واخبر الله عن ذلك فقال تعالى: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير» (الاسراء/1).
ان من ابرز واجبات الأمة الاسلامية ان تعمل جهدها لتحرير هذه الارض المباركة ومسجدها الاقصى حتى تكون مفتوحة لمن يشد الرحال إليها ابتغاء رضوان الله وثوابه ومن المؤكد ان شد الرحال الى المسجد الاقصى في ظل الاحتلال يختلف عنه في ظل الحرية والامان.
فاذا ادرك المسلمون مدى مسؤوليتهم وواجبهم نحو الارض الفلسطينية والقدس فسوف لن يكون اشكال في زيارتها في إطار الضوابط الشرعية التي تجب مراعاتها ومنها:
1- رفض تكريس الوضع الاحتلالي للأراضي الفلسطينية والقدس والمسجد الاقصى المبارك.
2- تجنب الخوض في أي إجراء يصب في مصلحة تطبيع علاقات المسلمين مع الاحتلال الذي يأسر أرضنا وشعبنا وقدسنا واقصانا.
3- التنسيق مع الجهات الفلسطينية المسؤولة، التي تتولى المسؤولية عن زيارات الأرض المحتلة.
4- ان تكون الزيارة للأراضي الفلسطينية تأكيدا لهويتها العربية والاسلامية ورفضا للاحتلال وعونا للمرابطين فيها على الصمود حتى التحرير.
5- مشيرين الى مناشدتنا المسلمين مرارا وتكرارا بالخطب والفتاوى والبيانات بضرورة الحفاظ على المسجد الاقصى المبارك والقدس وأرضنا الفلسطينية، وعمارتها وحمايتها من الاستيطان والتهويد.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
الشيخ محمد أحمد حسين
المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية
غضب في إسرائيل
وقد أثارت مواقف مفتي القدس عاصفة في اعقاب نشر تصريحات المفتي الفلسطيني محمد حسين في صحيفة «اسرائيل اليوم»، الذي دعا كل المسلمين للخروج لقتل اليهود في تصريحات له مؤخرا في رام الله.
فرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو اصدر تعليماته الى المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية المحامي يهودا فينشتاين ليصدر تعليماته بفتح تحقيق في اعقاب تصريحات المفتي، التي وصفها بأنها «الجريمة الاخطر التي ينبغي لكل دول العالم ان تشجبها».
وفي اثناء احتفال في رام الله مؤخرا في الذكرى السنوية الـ 74 لنشأة حركة «فتح» قال عالم الدين الفلسطيني الكبير ان «ساعة بعث الموتى لن تأتي الى ان يبدأ المسلمون بقتال اليهود ويقتلوا انسال القردة والخنازير اولئك. هذه هي التقاليد الاسلامية التي خلفها لنا محمد كعباد الله، وكي تقوم ساعة بعث الموتى فان علينا ان نشرع في المرحلة الاولى من الخطة التي تقول ان على المسلمين ان يقتلوا اكبر عدد ممكن من اليهود حتى لو اختبأ اليهودي خلف شجرة او صخرة يجب الامساك به وقتله».
ووجه وزير الخارجية افيجدور ليبرمان تعليماته الى سفراء اسرائيل في العالم لنشر تصريحات حسين، والاحتجاج على الاقوال علنا وعرضها على حكومات العالم كرمز لما وصف بتحريض مستمر من كبار المسؤولين في مؤسسات السلطة ضد اليهود.
«هذا مشين ومعيب»، قال ذلك الوزير الاسرائيلي يولي ادلشتاين، «والمخيف هو ليس الاقتباس المباشر بل ان الاقوال تبث في التلفزيون الرسمي للسلطة الفلسطينية وتلقى الشرعية الكاملة والتأييد في السلطة الفلسطينية». الوزير الصهيوني عوزي لنداو دعا الى التحقيق مع المفتي اما النائب زبولون اوريف فادعى بأن «المفتي كشف عن الوجه الحقيقي للدين الاسلامي، يجب فتح تحقيق من دون ابطاء ومن دون مراعاة حصانة حرية التعبير لرجال الدين. يدور الحديث هنا عن تحريض عنصري تجاه الشعب اليهودي على اخطر مستوى».
أما الشيخ حسين نفسه ففوجئ بالعاصفة التي اثارتها اقواله وقال «انا لا اخشى ولا اخاف الى الدعوة الى فتح تحقيق ضدي»، «لم يسبق لي ابدا ان تسببت بقتل يهود او قلت اقوال كراهية او تحريض يفهم منها كأني ادعو الى قتل احد. بالاجمال اقتبست ما قاله النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) هذه اقوال نبيلة قيلت على لسان النبي وتوجد لها مرجعية مصداقة لا يمكن التدخل فيها او تغييرها».كما حاول وزير الاديان الفلسطيني، محمود الهباش تهدئة الخواطر وقال «اعتقد ان الامور خرجت عن توازنها. تحدثت مع المفتي ولم تكن له أي نية للدعوة او التحريض على قتل اليهود. اقتبس اقوال النبي محمد الذي ليس لاحد صلاحية في الاعتراض عليها او تغييرها، ولكننا لا ندعو الى قتل احد».
تحذير الهيئة الإسلامية المسيحية
من جانبها حذرت «الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات»، من الهجوم والاستهداف المباشر الذي يشنه رئيس الوزراء الاسرايلي بنيامين نتنياهو على الرئيس المسلم للهيئة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين.
وكان قد اوعز نتنياهو الى المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية بفتح تحقيق جنائي ضد المفتي بسبب ما سماه «تفوهات لا سامية».
واعتبرت الهيئة في بيان صحفي تصريحات نتنياهو ضد المفتي، استكمالا للمخططات الاسرائيلية الهادفة لتهويد المدينة المقدسة وعزلها عن طالبعها العربي الاسلامي المسيحي، واسكات كل صوت يعمل على كشف الاحتلال وجرائمه في مدينة القدس وما تتعرض له المقدسات الاسلامية والمسيحية من تهويد وتدمير.
وحذرت الهيئة الاسلامية المسيحية اسرائيل من المساس بشخص المفتي او حياته او التعرض له بأي شكل من اشكال الاعتقال او الابعاد او المحاكمة مؤكدة الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها في الوطن والخارج فهو شخصية دينية سياسية ورمز من رموز دولة فلسطين التي يعتبر المساس بها خطا احمر.
من جانب آخر ابرز تقرير صادر عن قطاع فلسطين والاراضي العربية المحتلة في الجامعة العربية وزع مؤخرا على وسائل الاعلام طبيعة القيود الاسرائيلية، والعوائق التي تواجه الاقتصاد في القدس الشرقية في ظل الاحتلال وقيوده واوضح التقرير الذي اعده خبير الشؤون الاقتصادية الاسرائيلية في قطاع فلسطين بالجامعة العربية الدكتور نواف ابوشمالة انه رغم ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي في القدس الشرقية مقارنة بنظيره في الضفة الغربية فإن المواطن المقدسي يفرض عليه التكييف مع رقم قياسي اعلى لاسعار المستهلك وعبء ضريبي أكبر (الساندين في اسرائيل) وهو الامر الذي ينتقص من القدرة الشرائية الفعلية لاهالي القدس.
القدس من جاذب للعمالة إلى مصدر لها
وقال: تتعرض القدس الشرقية وأهلها منذ عام 1967 لسلسلة اجراءات اسرائيلية تهدف للفصل المادي والسكاني للمدينة وهي الاجراءات التي تم تكثيفها منذ عام 2000، حيث تم منع الفلسطينيين من باقي الاراضي الفسلطينية المحتلة من دخول القدس الشرقية للإقامة فيها علما ان القدس كانت دوما مركزا لجذب العمالة الفلسطينية قبل الاحتلال الاسرائيلي لتتحول بفعل هذه المتغيرات الى احد مراكز تصدير العمالة.
واضاف التقرير: «في اطار رصد وتحليل الاوضاع الاقتصادية والسمات العامة للأنشطة في القدس الشرقية يجب التنويه بأنه رغم ان القدس هي جزء من الضفة الغربية وباقي الأراضي المحتلة فإن السلطة الوطنية الفلسطينية ليس لها حق الولاية القضائية عليها كما تشهد القدس المحتلة فصلا ممنهجا عن امتدادها الجغرافي والاقتصادي في الضفة الغربية ما يحد من امكانية تنمية الاقتصاد الفلسطيني، وقد جرى تكثيف هذا الفصل الاسرائيلي منذ عام .2000
وذكر بما ورد في التقرير الصادر عن مكتب الامم المتحدة «أوتشا 2011» بشأن التغير الفعلي في جغرافية القدس وحدودها، ومعاناة أهلها تردي مستويات الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية.
واضاف: «في إطار استعراض الملامح العامة لاقتصاد القدس الشرقية المحتلة عرض مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، عددا من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية حول القدس حتى نهاية عام 2009، أهمها بلوغ عدد الفلسطينيين فيها 275 ألف نسمة يمثلون نحو 9,5% من إجمالي عدد السكان الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية المحتلة، كما توزعت مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي للمدينة على النحو التالي: قطاع الخدمات 40% والنقل والمواصلات 23%، والتجارة 13% والبناء والتشييد والزراعة والوساطة المالية معا اقل من 10%».
الفصل العنصري
وتابع: «كما عرض (الاونكتاد) سلسلة الممارسات الاسرائيلية لترسيخ فصل مدينة القدس وتغيير طابعها المادي والسكاني، وأهمها بناء المستوطنات داخل القدس في الاحياء الفلسطينية وبناء جدار الفصل العنصري الذي يعيد تعيين الحدود حول منطقة القدس الكبرى حيث يتم ادخال المزيد من المناطق من خارج حدود البلدية في الجانب الداخلي للقدس».
واشار التقرير الى ان الحواجز المحيطة بالقدس حاليا تسببت في خسائر فادحة للمنتجين الفلسطينيين في الضفة الغربية نتيجة حرمانهم من سوق مهمة لمنتجاتهم وبضائعهم السلعية والخدمية كما خسر اهالي القدس امكانية الحصول على سلع ومنتجات الضفة غير المكلفة نسبيا وذلك نتيجة القيود ونظام التراخيص الاسرائيلية المفروض على تدفق سلع ومنتجات الضفة الغربية الى القدس الشرقية واضاف: «لقد حظرت اسرائيل منذ يونيو 2010 دخول المنتجات الصيدلانية ومنتجات الالبان واللحوم من الضفة الغربية الى اسواق القدس الشرقية وهو الامر الذي قدرت خسائره السنوية بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني بنحو 48 مليون دولار اخذا في الاعتبار القيود التي تزيد من كلفة السلع المسموح لها بالعبور من الضفة الغربية الى القدس الشرقية حيث تخضع لاجراءات التفريغ واعادة الشحن على البوابات».
67 من الفلستوطينيين بالقدس فقراء
وفي اطار رصد السياسات التمييزية الاسرائيلية بين المقدسيين «أهل المدينة» والمستوطنين الاسرائيليين في القدس الشرقية المحتلة اظهر التقرير وجود تفاوت كبير في مؤشري التعليم والخدمات الصحية لصالح المستوطنين كما انه في الوقت الذي يبلغ فيه متوسط دخل الفرد من مستوطني القدس 23 ألف دولار سنويا فان دخل المقدسي لا يتجاوز ثلث ذلك المتوسط ما ادى لبلوغ نسبة الفقر بين أهالي القدس نحو 67% مقابل بلوغها 23% بين مستوطني القدس طبقا للتقرير الصادر عن مؤسسة القدس للدراسات الاسرائيلية .2010
كما اشار الى ان عدد المؤسسات الاقتصادية العاملة في القدس بلغ عام 2009 (3659) مؤسسة مقابل بلوغ عددها 3313 مؤسسة عاملة عام 1999 أي انه خلال عشر سنوات ارتفع عدد المؤسسات في القدس بـ(346) مؤسسة فقط وهو الامر الذي لا يتناسب نهائيا مع احتياجات ومتطلبات القدس وأهلها.
صعوبات التمويل والائتمان
وابرز د. أبوشمالة في تقريره ايضا ما يتعرض له الاستثمار والنشاط التجاري في القدس من صعوبات في التمويل والائتمان سواء لاغراض الاستهلاك او الاستثمار او التجارة على حد سواء بسبب عدم وجود فروع للمصارف الفلسطينية في القدس الشرقية (بلدية القدس) مع وجود عدد قليل من فروع البنوك الاسرائيلية لا تغطي احتياجات الفلسطينيين الحقيقية وهو ما اكده التقرير الصادر عن الرباعية الدولية المقدم الى لجنة الاتصال المخصصة لتنسيق المساعدات الدولية المقدمة للشعب الفلسطيني (ابريل 2011/بروكسيل).
وقال: « هذا يملي ضرورة وضع الترتيبات التي تؤدي الى زيادة نطاق الوصول للخدمات المصرفية ولاسيما خدمة الرهن العقاري (لتوفير مساكن لاهالي القدس) وحل ازمة السكن الملحة للفلسطينيين في القدس وتوجيه الاموال لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة كوسيلة لانعاش الاقتصاد المحلي للقدس الشرقية».
تماسك الاقتصاد الفلسطيني يستلزم انهاء فصل القدس
وذكر التقرير بما اكده تقرير «الاونكتاد» من ان تماسك اقتصاد الدولة الفلسطينية المتصلة يستلزم انهاء فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية وتولي السلطة الوطنية الفلسطينية مهام الحكم الوطني فيها حيث يمثل اقتصاد القدس الشرقية نحو 8 -9% من اقتصاد باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتابع: «وفي حال اعادة دمج اقتصاد القدس الشرقية فان الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني لكامل الاراضي الفلسطينية المحتلة سيتجاوز 8,3 مليارات دولار بما يسهم في زيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد، ما يملي ضرورة ايلاء اهتمام اكبر لاحتياجات القدس الشرقية من التنمية الاقتصادية وتهيئة مناخ لاقتصاد يتمتع بالقدرة على الاستدامة من أجل دولة فلسطينية مستقلة» وأكد هذا التقرير ان الاجراءات والقيود الاسرائيلية في القدس الشرقية ادت الى تراجع مستويات التعليم والعملية التعليمية بأسرها، ما يمثل خطرا بالغا على الشعب الفلسطيني الذي يمثل الاستثمار في التعليم أهم اولوياته ليصبح اصلاح رأس المال البشري الفلسطيني تحديا رئيسيا في السنوات المقبلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولاسيما القدس المحتلة.