الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عالم يتغير



البحرين عاصمة للثقافة العربية:

1ـ طريق اللؤلؤ

تاريخ النشر : الأحد ٥ فبراير ٢٠١٢

فوزية رشيد



* 2/2/2012 تدشين حفل افتتاحية البحرين «عاصمة للثقافة العربية»، والعنوان «طريق اللؤلؤ» والمشهد مكثف ويحمل رمزيته في داخله، بدءاً من مكان الافتتاح، حيث يتلاقى البحر والسماء، دخولاً في المشهد الداخلي للمسرح نصف الدائري والغطاء الصلب الشفاف كالروح البحرينية الذي احتوى بداخله تاريخ الطريق الصعب والطويل بحثاً عن جوهرة الخلود «اللؤلؤ» حيث تتداخل الألوان، وتتناغم موسيقى التراث مع الموسيقى المعاصرة، وتنسجم اللوحات التراثية الشعبية «المراداة» و«توب توب يا بحر» مع الألحان العصرية التي نجحت في اقتناص روح الماضي وتزاوجها مع الألحان الشعبية انتهاء بالحضور والطقس البارد الذي اسقط الحضور سطوة برودته، ليتحدى كما البحريني دائماً، كل الاجواء والمناخات ويتشبث بعمق حضارته وثقافته وفرح الانسان البحريني الذي هو لؤلؤة البحرين والخليج العربي، وليشارك في اعلان بلاده عاصمة للثقافة العربية، رغم تحديات الصوت النشاز الذي يهيم في الشوارع المظلمة، بحثاً عن ثقافة أخرى لا تنتمي إلى هذا البلد وإلى ثقافة الحياة التي عملت الشيخة «مي» وزيرة الثقافة على تكريسها وتأصيلها متحدية بمفردات الثقافة وآفاقها مفردات الأزمة والسياسة وضيق دهاليزها وخبث نياتها.
* البحرين التي تمثل الامتداد الحضاري والثقافي عبر العصور، لينطلق انسانها من قاع البحار إلى آفاق السماء، وليسجل طريقه الطويل نجاحات كثيرة وتفاهمات جادة وحوارا مستفيضا مع الماضي والحاضر، ولتندغم في روحه بسلاسة وطبيعية كل تحولات الثقافة العربية والعالمية، هذه البحرين المطلة بسواحلها على عمق البحار، وما تكتنز به من لؤلؤ ومرجان، هي بجدارة حضورها وفاعليتها الثقافية والفكرية تسجل نفسها عاصمة للثقافة العربية وللصحافة أيضا، رغم كل الأصابع التي حاولت ولاتزال تحاول أن تغرس خناجرها في ظهر هذا الانفتاح البحريني المتألق على الحياة وعلى الثقافات وعلى الحضارات، فتربح الرهان وتكسر شوكة الثقافة الظلامية أو ثقافة الموت التي راهن البعض على حجب ثقافة الحياة بها.
* في المشهد الافتتاحي والانسان البحريني يصارع تحديات البحر بحثاً عن لؤلئه، ويعبر بسلاسة الطريق بين الماضي والحاضر، فكل شيء هنا كما الحياة البحرينية داخل في انسجام الاختلاف والائتلاف، والروح والجسد، والصبر والانتظار، وزاخر بفرحة رقص النساء على الشاطئ حين عودة البحارة وصيادي اللؤلؤ حتى اذا ما اخترق اللوحة مشهد تقلب الأجواء والاعاصير وراقصي رقصة السواد ان كان غضبا للطبيعة أو شرا في النفس الانسانية، فإنها مشهد عابر في النهاية، لم يكن بإمكانه ان يعطل طاقات الفرح والعلو في الانسان البحريني الباحث والمتطلع الى النور الذي تشقه سواء لالئ البحر أو نجوم السماء في داخله.
* ولأن الشيخة «مي» وهي التي تحرك آفاق الحضور الثقافي للبحرين اليوم كوزيرة للثقافة فانها أيضاً الإنسانة البحرينية التي تختزن في روحها ذاكرة المكان وذاكرة الزمان، وتصر من خلالهما على عبور الطريق اللؤلؤي لثقافة بحرينية، تزخر بإطلالتها وتفاعلها مع ثقافات العالم كما يليق بها، وحيث لكل أعمدة الثقافة الموزعة على اثني عشر شهرا مكانا رحبا لفاعلية البحرين فيها، إن كان تشكيلا أو عمرانا أو فكرا أو شعرا أو موسيقى أو غيرها من أعمدة الثقافة العالمية، فهي في هذه المرحلة الزمنية الراهنة تتجلى أيضاً وعبر اختزان الارادة البحرينية التي لطالما كانت صلبة بقدر ما هي مرنة، لتظهر جلال المشهد البحريني وجماله رغم التحديات، ولتضيء نوراً باهراً كان قدره حتى اللحظة ان يسجل للبحرين وسط الأزمة حضورا ثقافيا وفنيا متألقا توزع بين العديد والكثير من الفعاليات منذ فبراير الماضي، فهذه هي الروح البحرينية الطبيعية والاصيلة التي تنهض في النهاية رغم عتمة الليل وثقافة الموت التي يريد ان يشيعها البعض، تنهض بصباحها الجميل وتعلن شغفها بالحياة وبالألفة وبالفنون الراقية وتحافظ على عطرها الخاص، رغم مزيج العطور الاخرى، وتعلن باشراقة الروح ان البحرين هي بجدارة عاصمة للثقافة العربية لأنها امتداد لها ولكل ثقافات العالم ولها بصمة خاصة فيها، ولأن شغفها الخاص أيضاً بالانفتاح على الخارج لم يجعلها قط تنسى نكهة التراث والماضي، فهما الجذر الأول والأكثر أهمية للإنسان البحريني الذي أسّس مجتمعا لطالما كان تعدديا، وكان منفتحا، وكان مؤثرا، وكان حاضرا في كل الأزمنة، وكان نموذجا للخلق الانساني الرائع ودماثته المعجونين بطريق اللؤلؤ، وبخلق الفرادة البحرينية، رغم كل تحديات الأزمنة المتداخلة وتحولاتها.
* هنيئا للبحرين إنسانها، وهنيئا لها تاريخها وحضارتها منذ دلمون الأولى، وهنيئا لها لؤلؤها المضيء حتى اليوم في روحها، هنيئا لها جدارتها عاصمة للثقافة العربية، وهنيئا لها صلابتها وقدرتها على خلق فرص ثقافة الحياة وسط أهوال البحار، وظلامية الافكار المستوردة من طبيعة انسانية لا تنتمي إلى طبيعة الانسان البحريني الحقيقي.
ثقافة الحياة التي تكرست دهورا في انساننا هي طبيعة الالفة والسلام والمحبة، وفي رحلة البحرين نحو تسجيل حضورها الدائم على الخريطة العربية والعالمية، لا مكان اليوم لثقافة أخرى مهما عملت على ضرب الروح البحرينية الأصيلة أو ثقافتها المنفتحة.