الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

«أخبار الخليج» تلتقي بأول أسير فلسطيني

«محمد بكر حجازي» أسر في عملية فدائية بالخليل لنفاذ ذخيرته

تاريخ النشر : الأحد ٥ فبراير ٢٠١٢



بمناسبة الذكرى الـ47 لولادة الثورة الفلسطينية في الأول من يناير سنة 1965، أجرت «أخبار الخليج» لقاء مع أول أسير فلسطيني «محمد بكر حجازي» بفندق السفير وذلك على اثر زيارته لمملكة البحرين، والمشاركة في حفل نظمته السفارة الفلسطينية على الصالة الثقافية بمتحف البحرين الوطني، وخرجت معه بالحوار التالي:
الأسير محمد بكر حجازي البالغ من العمر 76 عاما، حامل لقب (أول أسير فلسطيني) من مواليد القدس، طلبنا منه ان يحدثنا عن البدايات الأولى لحياته، فقال: نعم، يتذكر تلك اللحظات التي سبقت نكسة 1948، كان طفلا صغيرا، يعرف ان السلطات البريطانية تدعم العصابات الصهيونية الثلاث المتواجدة حينها، وهي: شترين، الهاجانا والبرجوي، سمحت لهم بالعتي والفساد والنهب والعدوان على الشعب القاطن في بيته والمتجذر في أرضه مؤكدا أن السلطات البريطانية هي التي ساعدت الكيان الإسرائيلي، وهي التي بنت هذه السجون، وكنا نقاوم المحتلين بصلابة منوها بان إسرائيل على الرغم من أنها صارت دولة كبيرة، فإنها بقيت محتفظة بعقلية العصابات، عقلية القتل والنهب والدمار وهدم البيوت وقلع الأشجار.
سألنا «أول أسير فلسطيني»، وهو شرف يحمله أينما ذهب، حدثنا عن العملية التي شاركت فيها، وكيف حصل الأسر؟ فقال: إنهم كانوا 7 زملاء (فدائيين) من تنظيم (فتح) حيث لم تكن هناك منظمة فدائية حينها غيرها، وكان العمل سريا لدرجة أنهم كانوا لا يعرفون بعضهم إلا بالرموز، وكان عمره حينها 29 عاما، التقى بزملائه في مكان محدد بالقرب من منطقة (الخليل)، وأوكل اليهم مهمة نسف جسر في الخليل قريب من منطقة (بيت جبريل) ليلا، تقدموا نحو الهدف بأمر من القيادة الفلسطينية لنسف هذا الجسر.
ويواصل الختيار - والختيار رجل كبير في السن باللهجة الشامية - الحديث عن تلك اللحظة الحاسمة والمهمة في حياته، يتحدث وقد اختط الشيب شعر رأسه وشاربه، لكن الجالس معه لا يشعر انه يتحدث مع ختيار بقدر أنه رجل مناضل صلب صادق في كل كلمة يقولها، وبالتالي تـراه، يتوقف لحظات ليستذكر تفاصيل تلك اللحظة، ويقولبها في قالب صدق وبمعاناة ليرويها كحكاية جميلة مثيرة، فيقول: قبل وصولنا إلى الجسر، اعترضتنا قوات إسرائيلية، وأطلقت علينا النار، وحصل اشتباك طويل بين الطرفين، وبقيت أدافع عن زملائي ليواصلوا مشوارهم في الوصول إلى الجسر ونسفه.
وبعدها تركت الموقع لألتحق بزملائي لكن كان علي ان التف طويلا مع مواصلة المقاومة، والذخيرة التي عندي قد انتهت، فوقعت في الأسر، وحكم علي بالإعدام، ثم حصل خلاف بعد ذلك بين القيادات الإسرائيلية حينها من أمثال موشي دايان وجولدا مائير وغيرهما، وطالبوا منه ان يرفع استئناف للمحكمة، لكن هذا الاستئناف مقابل الاعتراف، فرفض ذلك، ويتابع، طلبت محاميا فلسطينيا بدلا من المحامي الإسرائيلي، واحضر لي محام من فرنسا، وما زلت أحفظ اسمه (جاك برجيس) لكنه منع من دخول إسرائيل.
وماذا حصل بعدها؟ فأجاب، قام الاسرائيليون بوضع سم في الطعام الذي قدم لي لحظتها، فتسممت معدتي، وحكموا علي بالسجن المؤبد، ولكن مشيئة الله موجودة، حيث خطف زملائي الفدائيين في مرحلة لاحقة جنديا إسرائيليا، وأصروا (نريد إطلاق سراح الأسير محمد حجازي)، فتمت المبادلة اسير مقابل أسير وذلك عام .1971
وتابع القول: عاد بعدها إلى العمل، وهاهو مازال على عهده وفيا لفلسطين متشبثا بأرضها وقدسيتها وحق العودة وحق التحرير، مرددا في الوقت ذاته على أنه لو زرعت أرض فلسطين بالقنابل.. سيظل الشعب الفلسطيني يقاتل ولن يستسلم، فالشعب الفلسطيني لا يعرف التراجع لأنه صاحب حقوق، ومن حقه ان يعيش في بلده وفي دولة مستقلة عاصمتها القدس، وقال بحماس الشباب: «أنه وطني.. وكل حصاة فيه من دمي ومن بدني.. هذا وطني».
وكان سؤالنا الأخير له، ماذا تود ان تقول من رسالة توجهها إلى شباب هذه الأمة؟ فقال: «أطلب من شعبي أولا الوحدة.. ثم الوحدة ثم الوحدة، فبدون الوحدة نحن ضعفاء، وبوحدتنا يكون لنا رأي واحد أمام المحافل الدولية عنوانه «فلسطين»، ورسالته للأمة الإسلامية والعربية، وخاطب الجميع: فلسطين عروس عروبتكم، هي أمانة في أعناقكم بحاجة إلى دعمكم السياسي والمادي والمعنوي».
واختتم، بتقديم وافر الشكر والتقدير الكبير إلى القيادة السياسية الرشيدة في مملكة البحرين مشيرا إلى أنه شاهد البحرين بلد أمن وسلام، ولم يرى إلا كرم الضيافة وحسن الاستقبال وهدوء الشارع العام، وسينقل ما شاهده إلى الآخرين حيث المنشور إعلاميا خلاف ما شاهده على الواقع.