الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


لماذا الإمام الحسن بن علي.. داعية السلام؟

تاريخ النشر : الأحد ٥ فبراير ٢٠١٢



السلام اسم من أسماء الله الحسنى، والسلام تحية المسلمين في الدنيا، والسلام تحية المؤمنين في الجنة يوم القيامة، عن الأولى قال الله تعالى: «هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام...» (الحشر/23).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الثانية: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم، وأخرجه برقم (54).
وقال الله تعالى عن الثالثة: «دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام...» (يونس/10).
هذا هو مقام السلام في دين الإسلام، وهذا هو الأساس المكين الذي يجتمع المسلمون عليه فيما بينهم،ئوفيما بينهم وبين غيرهم، فالمسلمون يسالمون من يسالمهم ويعادون من يعاديهم، ولكنهم لا يعتدون أي لا يتجاوزون، عملاً بقوله سبحانه: «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين» (البقرة/ 190).
إذاً فالسلام جوهر الإسلام، ولبه، ومقصد شريف وعظيم من مقاصده ، وفيه ابتلاء للمسلم في إسلامه، واختبار للمؤمن في إيمانه، ولذلك لما أراد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم تعريف المسلم والمؤمن تعريفاً جامعاً مانعاً قال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده...» متفق عليه. أخرجه البخاري برقم 10، ومسلم برقم .40
وقال عن المؤمن: «المؤمن من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم» رواه الإمام أحمد.
من هنا ندرك عظمة الدور الذي قام به الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، وما أسداه إلى الأمة الإسلامية في وقت كانت أحوج ما تكون فيه إلى الوحدة ونبذ الفرقة والاجتماع على كلمة سواء توحد المسلمين، وترص صفوفهم أمام أعدائهم الذين يتربصون بهم الدوائر.
بعد وفاة الإمام علي بن أبي طالب الخليفة الراشد الرابع رضوان الله تعالى عليه وكرم الله وجهه آلت أمر الخلافة إلى ابنه الإمام الحسن رضي الله عنه (الخليفة الراشد الخامس) في وقت توزعت ولاءات المسلمين إلى فريقين: فريق يعطي ولاءه للإمام الحسن، وفريق يعطي ولاءه لمعاوية بن أبي سفيان رضوان الله عليهما، وتهيأ الفريقان للمواجهة، وآذنت الحرب أن تطلق شرارتها الأولى، لتدمر كل ما تأتي عليه، وكادت الأمة التي تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحباه ابوبكر وعمر رضي الله عنهما على المحجة البيضاء، وكانت أمة واحدة، كادت أن تتمزق وينفرط عقدها، وتذهب ريحها، وتكون هدفا سهلا لأعدائها، ولقمة سائغة لشانئيها لولا عناية الله تعالى التي قيضت لها إماما تقيا ورعا ارتفع على كل الأطماع، وجعل الدنيا تحت قدميه ويمم وجهه إلى الآخرة يرجو رضوان الله تعالى، ومع أول دعوة للصلح جاءت من معاوية رضي الله عنه استجاب الإمام التقي وبادر إلى الصلح وحقن دماء المسلمين، وكان ذلك العام المبارك هو عام الجماعة بحق، الذي قال عنه الإمام الحسن: «كانت جماجم العرب بيدي، يسالمون من سالمت، ويحاربون من حاربت، فتركتها ابتغاء وجه الله» رواه الحاكم في المستدرك، وكان عام الوحدة ولم الشمل، وتفويت الفرص على من كان يريد شرا بالأمة، ويسعى إلى القضاء على الإسلام .
كان الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما بحق داعية السلام، وكان النبوءة الصادقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم التي قالها وهو يقبل الحسن ويقول: «إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» رواه البخاري في صحيحه برقم 3536 ، وقد كان.
وأصبح الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما هو حامل لواء السلام في أمة الإسلام، ويعود إليه الفضل بعد الله تعالى في حقن دماء المسلمين، والحفاظ على وحدتهم من التمزق والفرقة.
إن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما هو غرس مبارك في الدوحة المباركة التي تكفل رسول الله صلى الله عليه وسلم برعايتها، وتعهد بسقياها، والحفاظ على ثمارها اليانعة لتكون مصدراً من مصادر العطاء للأمة في قابل أيامها، تستلهم منها الرشد، وتأخذ منها العبرة والموعظة، لتصل ماضيها بحاضرها، وترنو إلى مستقبلها الواعد.
وحقيق بالأمة الإسلامية أن تستعيد سيرة هذا الإمام الجليل، وأن تنوه بفضله على الأمة في ماضيها وحاضرها، بل حتى في مستقبلها لأن المؤمنين وبنص القرآن العظيم اخوة ولا يليق بأمة وحدها القرآن وجمعها الإسلام أن تفرقها الأطماع، وأن تدب بين صفوفها الفرقة، وينشب بينها الخلاف، فرضي الله تعالى عنك أيها الإمام الجليل، وجعل ما فعلت من أجل أمتك في موازين حسناتك.