الجريدة اليومية الأولى في البحرين


زاوية غائمة


نعم استنكر.... ولكن

تاريخ النشر : الاثنين ٦ فبراير ٢٠١٢

جعفر عباس



تناقلت العديد من الصحف العربية قبل حين من الزمان (كالعادة أمامي قصاصة بلا تاريخ لصحيفة ما) خبرا عن رجل مسن ضرب زوجته أمام قاعة للأفراح بالرياض، وجاء في الخبر أن الرجل أوصل زوجته إلى قاعة الأفراح، واتفق معها على ان ينتظرها في المدخل في تمام الحادية عشرة مساء، بعد ان أوضح لها انه تعبان بسبب إنفلونزا يعاني منها، وفي الموعد المحدد كان الزوج يقف امام القاعة ولا أثر للمدام.. مرت نصف ساعة ثم ساعة ثم ساعتان... ولكن الست هانم لم تظهر.. واستخدم جهاز النداء الداخلي وتكلم عبره يطلب من ام فلان ان تأتيه خارجا، ولكن صوته ضاع وسط الشقشقة المألوفة في مثل تلك المناسبات الاجتماعية، حيث يتم تقييم ملابس الحضور ومجوهراتهن، والبحث عن أدلة تثبت ان عقد اللؤلؤ الذي ترتديه فاطمة فالصو، وان كرسي جابر الذي يتدلى من عنق سلوى يخص سوسن، وأن سوسن نفسها لم تدفع كامل قيمته للصائغ... المهم ان حرم صاحبنا جاءته في تمام الواحدة صباحا أي بتأخير ثلاث ساعات فقط ولكن الرجل كان قد فقد أعصابه، فهاج وماج... أمتنا متأخرة عن ركب العلوم الحديثة ثلاثة قرون، ولكن ذلك لم يغضب البعل، في حين أن تأخر زوجته ثلاث ساعات في مناسبة اجتماعية تشكل متنفسا للنساء أفقده صوابه، وما ان اقتربت منه وهي تقول إنها كانت تتمنى لو أمهلها قليلا حتى تحضر زفة العروس، حتى انهال عليها ضربا بعقاله فهربت إلى بيت أهلها!!
وبداهة فإنني أستنكر وأستهجن ان يضرب شخص زوجته ويعرضها للإذلال في مكان عام او خاص،.. ولكنني بصراحة أعاني من استخفاف النساء بالوقت. صحيح ان الرجال العرب بارعون في قتل الوقت، ولكنهم أفضل من النساء في التقيد بالمواعيد، وشخصيا أعاني من تلك المشكلة مع ام الجعافر، فرغم حرصي على مرافقتها في الزيارات الاجتماعية وصلا للأرحام، فإنها تفقع مرارتي. فمثلا نتفق على مغادرة البيت في السادسة مساء، وتبدأ هي في ارتداء ملابسها في الخامسة إلا ربعا، وأنا جالس بملابس البيت، وفي تمام السادسة تعلن أنها جاهزة، فابادر إلى الاستحمام وارتداء ملابسي، وأعلن أنني أيضا جاهز، وفي كل مرة أكتشف أنها بعد كل تلك الاستعدادات لم تقرر أي حذاء وأي شنطة يد ستحملها، ونقرر زيارة عائلة ما ونتفق على البقاء نصف ساعة فقط في بيت تلك العائلة، لأن علينا زيارة حمودي في المستشفى، والزيارات ممنوعة في المستشفى بعد الثامنة، وبعد انقضاء نصف الساعة أرفع صوتي قائلا عبارة متفقا عليها: بارك الله... وهي شفرة ترمز إلى «بارك الله في من زار وخفّ» ولكنها إما تعطيني العين الحمراء، وإما تحرجني أمام أصحاب البيت: ما ورانا شيء.. ليه مستعجل؟ وكل ذلك كوم وسلكعة النساء امام الباب الخارجي للبيت كوم آخر، فالضيفة تقضي في بيتك ثلاث دقائق، وتستأذن لأنها مرتبطة بموعد مهم، ومهما تبكش لها ام الجعافر فإنها تصر على الذهاب، ولكن المشوار من باب الغرفة التي تجلسان فيها إلى باب البيت الخارجي يستغرق ما بين ربع ساعة ونصف الساعة.. ومن فرط ضيقي من الونسة الإضافية التي لا تحلو للنساء إلا قرب أبواب البيوت، صرت اقول لكل ضيف يأتيني مع زوجته ثم يستأذن خارجا: الله يخليك خذ زوجتك من يدها حتى باب السيارة واحرمها من حرية التعبير حتى تغادر بيتنا... ودعها تتصل بزوجتي هاتفيا لاحقا لتعويض ونسة الباب التي ستحرمان منها!



jafabbas19@gmail.com