مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية يصدر كتابه السنوي حول:
مملكة البحرين ٢٠١٠-٢٠١١: وعقد جديد من الإصلاح
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٧ فبراير ٢٠١٢
صدر عن مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية الإصدار الثامن في سلسلة كتاب البحرين السنوي، الذي يجيء هذه المرة تحت عنوان: «مملكة البحرين ٢٠١٠-٢٠١١، وعقد جديد من الإصلاح»، مقدمًا رؤية رصدية وتحليلية للأنشطة والفعاليات التي شهدتها المملكة في مختلف المجالات خلال عامي ٢٠١٠ و٢٠١١ تم إعداده من قبل فريق من الباحثين برئاسة الدكتور عمر الحسن، رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، بعد رصد يومي لشؤون البحرين على مدى العامين؛ حيث يعد العام الأول (٢٠١٠) بمثابة نهاية لعقد شهد في بدايته انطلاق مشروع إصلاحي وصف بأنه من أجرأ التحولات الديمقراطية في المنطقة، ونجحت من خلاله المملكة طيلة هذا العقد في تحقيق سلسلة متواصلة من الإنجازات في مجالات: التطور الديمقراطي وحقوق الإنسان، وحرية الرأي والتعبير، والأمن الوطني والدفاع، والمجتمع المدني، وتمكين المرأة، والاقتصاد الوطني، والتنمية البشرية، والسياسة الخارجية، فيما شهد في نهايته أكثر الانتخابات البرلمانية والبلدية نزاهة، بما رسخ من مكانتها الإقليمية والدولية كدولة ذات مشروع إصلاحي جاد.
أما العام الثاني (٢٠١١) فجاء ليدشن مرحلة جديدة في تاريخ البحرين الحديث وأسس وركائز مشروعها الإصلاحي، رغم الأحداث المؤسفة التي شهدتها خلال شهري فبراير ومارس، والتي مست أمنها واستقرارها من قبل جماعات رفضت اعتماد منهج الحوار، ومع هذا لم تحدث انقطاعًا في مسيرة المشروع الإصلاحي، بفضل الإدارة الرشيدة التي راعت مصالح الوطن والمواطن البحريني والخليجي بشكل عام في آن معًا.
ويأتي الكتاب في تسعة فصول تتنوع اهتماماتها لتشمل ملامح التطور كافة، حيث اهتم الفصل الأول بالسياسة الخارجية للمملكة في دوائر تحركها المختلفة (الخليجية والعربية والإقليمية والدولية) وكيفية إدارتها لأزمة فبراير ومارس؛ حيث أوضح كيف سارت هذه السياسة من قبل وزير الخارجية الشيخ «خالد بن أحمد آل خليفة» على المبادئ التي وضعها ورسخها عميد الدبلوماسية العربية سمو الشيخ «محمد بن مبارك آل خليفة»، والتي تحرص على دعم منظومة العمل الخليجي المشترك، سواء عن طريق طرح المبادرات التي تصب في هذا الاتجاه، أو من خلال مشاركتها الفاعلة في اجتماعات قادة دول مجلس التعاون، وحضورها الفاعل في مختلف اجتماعات الأمانة العامة للمجلس على المستويات كافة، ناهيك عن كثافة حجم الزيارات والاتصالات المتبادلة بين المملكة ودول المجلس، وهو الأمر الذي تكرر على مستوى دوائر التحرك الأخرى العربية والإقليمية والاسيوية والأوروبية والأمريكية والدولية.
وفي عام ٢٠١١ أضافت السياسة الخارجية إلى تحركاتها ونشاطاتها نشاطًا جديدًا هو العمل على تصحيح الصورة المغلوطة التي حاول بعض القوى المحلية والخارجية المتحالفة معها رسمها للمملكة، إثر أحداث الشغب المشار إليها، حيث قام جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد بـ٤٥ زيارة خارجية خلال هذا العام، فضلاً عن زيارات وزير الخارجية ومسؤولي الوزارة بهدف تسليط الضوء على حقيقة الأحداث وتطوراتها والإجراءات التي اتخذتها المملكة للخروج من الأزمة، وهو ما ترتب عليه تضامن معظم دول العالم مع المملكة وتأييدها للإجراءات التي اتخذتها لحماية أمنها واستقرارها، خاصة في ظل احترامها جميع المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان عند تعاملها مع هذه الأحداث.
وتناول الفصل الثاني التطور الديمقراطي الذي شهدته المملكة خلال العامين ٢٠١٠ و٢٠١١، والذي أكد متانة التجربة البحرينية في هذا الشأن، خاصة في ضوء تفعيل المجلس الوطني خلال هذين العامين لدوريه التشريعي (طرح مجلس النواب خلال العامين (٥٤) مشروعًا بقانون، و١٧ مرسومًا بقانون، و٥ اقتراحات بقوانين، أما مجلس الشورى فطرح (٢٤) مشروعًا بقانون، و٦ مراسيم بقوانين) والرقابي (طرح مجلس النواب (٥٧) سؤالاً على الوزراء، وقام بتشكيل (٣) لجان تحقيق للبحث في بعض المخالفات، وتقدم النواب بـ (٦٤) اقتراحًا برغبة، بينما قام أعضاء مجلس الشورى بطرح (١٠) أسئلة).. وأيضًا في ضوء إجراء الدورة الانتخابية الثالثة عام ٢٠١٠ بنزاهة شهد لها المجتمع الدولي، وحصدت خلالها المعارضة ممثلة في جمعية «الوفاق» ١٨ مقعدًا من إجمالي مقاعد مجلس النواب البالغ عددها ٤٠ مقعدًا، وهو ما يبرهن على صدق التوجه نحو الديمقراطية وفق خطوات تدريجية حقيقية تواكب خصائص المجتمع وما يطرأ عليه من تطورات، واستعداد الحكومة للتعاون مع جميع القوى والأطراف السياسية.
كما استطاع المجلس الوطني عبور الأزمة التي ترتبت على استقالة بعض أعضاء مجلس النواب بهدف تعطيل الحياة التشريعية، والنجاح في إجراء انتخابات تكميلية أول مرة في تاريخ المملكة، فضلاً عن تنشيط الدبلوماسية البرلمانية التي ساهمت كثيرًا في الحفاظ على صورة المملكة باعتبارها رائدة في مجال الإصلاح الديمقراطي، وذلك أمام عمليات التشويه المتعمدة التي حاول البعض إلصاقها بالبحرين، علاوة على دور رئيس مجلس النواب «خليفة بن أحمد الظهراني» في رئاسته حوار التوافق الوطني الذي انطلق في الأول من يوليو، وكذلك دور رئيس مجلس الشورى «علي بن صالح الصالح» في رئاسة اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق في أحداث فبراير ومارس.
ورصد الفصل الثالث - عبر ثلاثة محاور - تطور حقوق الإنسان على المستويين التشريعي والتنظيمي في إطار الالتزام بالمعاهدات الدولية، ومقارنة ذلك بالتطبيق العملي على أرض الواقع، وكيف أدارت المملكة أحداث فبراير ومارس بشكل راق فاق ما نصت عليه القوانين الدولية؛ حيث تبنت أسلوب الحوار والتسامح حتى العفو عن المتورطين فيها، رغم ما صاحب هذه الأحداث من أعمال تدمير وقتل من قبل المتظاهرين واستهداف أمن واستقرار المملكة، وتشويه صورتها أمام المجتمع الدولي، كما أمر جلالة الملك بتشكيل لجنة دولية مستقلة بالتعاون مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتقصي الحقائق في تلك الأحداث مكونة من شخصيات دولية ناشطة في مجال حقوق الإنسان معروفة ومشهود لها بالنزاهة والكفاءة، وذلك حتى تتكشف حقيقة ما حدث للجميع، وقبلها أطلق حوار التوافق الوطني، ثم أنشأ صندوقًا لدعم المتضررين من الأحداث، وشكل لجنة وطنية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، داعيًا المعارضة للمشاركة فيها، كما دعا اللجنة الدولية للصليب الأحمر لزيارة المعتقلين في مراكز الاعتقال والإصلاح التابعة لوزارة الداخلية، للتأكد من مطابقتها للمعايير الدولية الخاصة بالسجون، وكذلك الطلب إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إرسال بعثة إلى البحرين للمساعدة على إرساء مجتمع منفتح وديمقراطي.. وهي كلها خطوات وإجراءات لا تصدر إلا عن مسؤول واثق من سلامة نهجه في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان الذي يتعدى النطاق الجغرافي للبحرين ليمتد إلى النطاقين العربي والدولي، وليس أدل على ذلك من دعوته لدى تسلم تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان، وانضمام بلاده إلى ست من اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية السبع المعنية بحقوق الإنسان.
وانشغل الفصل الرابع بالإعلام وحرية الرأي والتعبير عبر محاور أربعة هي: وضع حرية الرأي والتعبير، وملامح التطور في الإعلام البحريني، والتعاون الإعلامي بجانب الفعاليات الإعلامية، وأبان أن العامين ٢٠١٠ و٢٠١١ كانا امتدادًا للسنوات العشر الماضية لجهة الطفرة التي شهدها حقل الإعلام وحرية الرأي والتعبير في المملكة، رغم أن قلة استغلت في عام ٢٠١١، هذه الحرية وتسببت في تصعيدات أمنية واحتقانات سياسية وطائفية هددت السلم الأهلي والاجتماعي، وتعاملت معها الدولة بحكمة وعقلانية وقللت من أضرارها على النسيج الاجتماعي والوضع السياسي.
وليس أدل على ما وصلت إليه منظومة الإعلام وحرية الرأي والتعبير من تطور ما شهدته المملكة من فعاليات وملتقيات سياسية واجتماعية نظمتها مؤسسات وهيئات وجمعيات وتنظيمات رسمية وشعبية، موزعة ما بين ندوات، محاضرات، ورش عمل، حلقات نقاشية وأماسيّ، ورش تدريبية، ورش تعريفية، جلسات حوارية، وصل عددها إلى نحو (٧٧٧) فعالية ناقشت العديد من القضايا الاقتصادية والثقافية والسياسية الداخلية، والتنمية الإدارية والتعليمية، والاجتماعية والمرأة...إلخ، علاوة على الفعاليات الشعبية والجماهيرية، كالاعتصامات والإضرابات والمسيرات والاحتجاجات التي تعد من وسائل التعبير عن الرأي والتي وصل عددها إلى (٢٤٤).
فضلاً عن وصول عدد الصحف في المملكة خلال العامين ٢٠١٠ و٢٠١١ إلى ١٤ صحيفة يومية وأسبوعية، بما يمكن معه وصف المملكة بأنها تملك أعلى نسبة انتشار للصحف في المنطقة الخليجية مقابل كل مليون شخص بالغ فيها، وتطوير البنية التحتية الإعلامية والارتقاء بالكوادر الإعلامية والصحفية، وزيادة الجولات الخارجية والزيارات للمنظمات الدولية من أجل تصحيح الصورة المغلوطة التي تكونت عن البحرين إثر أحداث فبراير ومارس، وتشجيع الاستثمار في مجال الإعلام.
فيما رصد الفصل الخامس الأمن الوطني والتحديات الأمنية التي شهدتها المملكة وجهودها في مكافحتها؛ حيث لم يكن عاما ٢٠١٠ و٢٠١١ عامين تقليديين بالنسبة لقضايا الأمن وتحدياته؛ فقد شهدا ضبط خلايا إرهابية وتصاعدًا لأعمال العنف واعتداءات وانتهاكات بحق الوطن والمواطنين والمقيمين وقوات الأمن والممتلكات العامة والخاصة، وتحريضًا على وقف الدراسة بالمدارس والجامعات، ونصب الخيام أمام المرفأ المالي، وإغلاق جميع الطرق والشوارع الرئيسية في العاصمة المنامة، ورغم ذلك استخدمت الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية استراتيجيات تعلي من قيمة الشراكة المجتمعية والأنشطة التوعوية في مواجهة هذه الأعمال ووأدها لحفظ الاستقرار والوحدة الوطنية، من خلال العمل على المحافظة على النظام وحماية الأرواح، وحماية اقتصاد البلاد، والتصدي للانتهاكات التي شهدتها الأحداث، والدعوة إلى الهدوء والحوار والإحساس بالمسؤولية الوطنية، والتواصل مع الهيئات التشريعية والشعبية عبر إطلاع أعضاء المجلس الوطني على التطورات والمستجدات على الساحة الأمنية أول بأول، ونفي الاستهداف الطائفي بالتأكيد أن الإجراءات الأمنية التي اتخذت ليست موجهة ضد طائفة معينة، وإنما اتخذت ضد المجموعة التي خالفت القانون.
وهو الأمر الذي يؤكد أن القيادة الأمنية البحرينية تعاملت مع الأزمة من منطلق إحساس عال بالمسؤولية الوطنية، مقدمة مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح أخرى، وهو ما ساعدها على النجاح في إدارة هذه الأزمة.
وبالإضافة إلى ذلك واصلت المملكة محاربة جرائم الاتجار في المخدرات والبشر، وصد موجات الهجرة غير الشرعية وتعقب العمالة المخالفة، واستكمال التزاماتها الدولية والوطنية لمحاربة الفساد عبر إجراءات عادلة وشاملة من دون استثناءات، وهو ما مثل السمة الرئيسية لجهودها بإصدار قانون «الكشف عن الذمة المالية» الذي شمل الوزراء وكبار المسؤولين، إلى جانب رصد مستجدات الممارسات الإجرامية وما تستخدمه من أساليب حديثة لخداع الأفراد والمؤسسات ومواجهتها عبر منظومة قانونية وتنفيذية قادرة على محاصرة هذه الأنشطة والقضاء عليها ونشر الوعي الجماهيري بها، فضلاً على وضع استراتيجية أمنية تقوم على التعاون الشعبي - الحكومي، والحكومي - الحكومي، والوطني - الإقليمي والدولي، وتستخدم أحدث التقنيات بواسطة كوادر وطنية مدربة من أجل حماية أمنها الوطني، والاستعانة بخبراء دوليين لتطوير المنظومة الأمنية، وتوفير بيئة آمنة تضمن تأسيس واستمرار مشروعات الرفاهة الاقتصادية والاجتماعية والاستفادة من عوائدها، وتحقق التوازن الحتمي بين حقوق الفرد والجماعة، من بناء خلق توازن خلاق يحافظ على ضرورات الأمن والديمقراطية معًا، وهو ما نجحت المملكة في تحقيقه بشكل كبير.
ثم تناول الفصل السادس الاقتصاد الوطني وتطوراته عبر أربعة محاور عرض لها، مؤكدًا نجاح المملكة في تخطي الأزمات التي واجهتها من قبيل الأزمة المالية العالمية وتداعيات أحداث فبراير ومارس، والتي ألحقت أضرارًا قادت إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي المتوقع لعام ٢٠١١ ليبلغ نحو ٥٠% من متوسط المعدل الذي تم تحقيقه على مدى سنوات الألفية، غير أنه بفضل السياسات المالية والاقتصادية المتوازنة التي اتبعتها المملكة لمجابهة هذه الأزمات استطاعت الحكومة الحفاظ على قوة دفع نمو الاقتصاد البحريني وتعويض الخسائر التي مني بها اقتصادها، وهو ما يؤكده استمرار احتفاظ البحرين بمراتب متقدمة في مختلف التقارير الاقتصادية الدولية، بما يعكس متانة أساسيات الاقتصاد البحريني والشوط الكبير الذي قطعته على صعيد بناء المؤسسات وتطوير التشريعات وتحسين الجودة البيئية وقدرات الموارد البشرية وتنويع مصادر الدخل.
فالسياسة المالية التوسعية التي انتهجتها الحكومة البحرينية رغم ما أدت إليه من ارتفاع الدين العام عوضت نقص تدفق الاستثمارات الأجنبية وإحجام القطاع الخاص نتيجة الأحداث السياسية.. وسياسة تحسين تنافسية الاقتصاد البحريني حافظت على مكانة البحرين كمركز الخدمات المالية وخدمات الأعمال في المنطقة الخليجية وغرب وجنوب آسيا.. وأسهمت سياسة الحرية الاقتصادية في تعزيز مكانة البحرين في مقاييس التنافسية وأداء الأعمال وجعلت كثيرًا من الشركات الدولية تتخذ من البحرين مقرا لإدارة نشاطها الإقليمي، كما أن سياسة المرونة وتنويع البدائل فتحت أبوابًا لحل إشكالية عدم كفاية الغاز لمتطلبات التوسع العمراني والاقتصادي ما جعل مشروعات ألبا وجيبك تجد طريقها للتنفيذ.. وحافظت سياسة دعم السلع والخدمات الأساسية على مستوى رفاهية المواطن البحريني، ووفرت له حماية من ارتفاع الكلفة الحقيقية لهذه السلع والخدمات.. وأدت سياسة تعزيز دور الصناعات التحويلية في الاقتصاد الوطني إلى جعل تنفيذ استراتيجية تنويع مصادر الدخل حقيقة واقعة قريبة المنال، الأمر الذي يعززه الدعم الحكومي المستمر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ذات القدرة العالية على توفير فرص العمل، وهو ما ساهم مع سياسة تعزيز إسهام العمالة البحرينية في النشاط الاقتصادي في الحد من مشكلة بطالة الشباب، وكل هذه السياسات تتضافر مع محور رئيسي في السياسة الاقتصادية البحرينية هو تعزيز التعاون الاقتصادي الخليجي؛ حيث يعتبر هذا التعاون هو العمود الفقري للاقتصاد البحريني.
وخصص الفصل السابع صفحاته للتنمية البشرية؛ حيث ناقش عبر خمسة محاور البنية الأساسية ومظاهر النهضة في القطاعات المختلفة ومعدلات التطور في الخدمات الاجتماعية، موضحًا أن المملكة طبقت استراتيجية شاملة تقوم على خمسة محاور، هي: النهوض بالبنية الأساسية، وتطوير التعليم، وتحسين جودة الخدمات الصحية وحماية البيئة، وإصلاح سوق العمل ورعاية الشباب، والدعم الاجتماعي بهدف تعزيز الأمن الاجتماعي، وكان من ثمارها نجاح المملكة في الحفاظ على مكانتها المتميزة في دليل التنمية البشرية خلال العقد المنصرم، وارتفع دليل التنمية البشرية بها من ٠,٨٢٠ عام ٢٠٠٠ إلى ٠,٨٩٥ عام ٢٠١٠، لتنال المرتبة رقم ٣٢ على مستوى العالم ولتتصدر البلدان العربية وفق هذا المؤشر أكثر من ثماني مرات خلال ١٥ عامًا، وذلك رغم التحديات الكبيرة التي خلفتها أحداث فبراير ومارس لجهة التأثير بالسلب في حجم إنفاق الدولة على المشاريع المختلفة في مجال التنمية البشرية.
فقد زادت المخصصات المالية للتعليم، إلى نحو ٢٣٦ مليون دينار في موازنة عام ٢٠١٠ مقابل ٢٠٠ مليون دينار عام ٢٠٠٩، مما ساهم في تحقيق المملكة في عامي ٢٠١٠ و٢٠١١ الأهداف الأساسية لبرنامج الأمم المتحدة الخاص بالتعليم للجميع - التي وضعتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) - قبل الموعد المستهدف عام ,.٢٠١٥ وفي الصحة زادت الموازنة إلى نحو ٢٢٣ مليون دينار، مقابل ١٢٦ مليونا عام ٢٠٠٥، وذلك بهدف تحسين جودة الخدمات الصحية، وزيادة عدد المنشآت الصحية إلى ٥٢ مقابل ٣٨ عام ٢٠٠٤ و٣٤ عام ٢٠٠٠، منها ٢٧ مركزًا صحيٌّا و١١ مستشفى حكوميٌّا، و١٤ مستشفى خاصٌّا.
كما اهتمت المملكة بالرعاية الاجتماعية، من خلال مكافحة الفقر ورعاية الأسر المحتاجة، عبر تفعيل مشروع الأسر المنتجة، واستمرار صرف إعانة الغلاء، وإصدار قانون بطاقة رعاية الأسر المحتاجة، إضافة إلى مساعدات الضمان الاجتماعي، كما تم إدراج دعمٍ للأسر المحدودة الدخل، وزيادة دعم السلع الغذائية، وتخفيض الرسوم البلدية عن عشرات الأسر، وكذلك رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تم توقيع الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واعتماد الاستراتيجية الوطنية لرعاية المعوقين، وتشكيل اللجنة العليا للمعوقين، واعلان إنشاء صندوق خاص لتشغيل الأشخاص ذوي الاعاقة، ورعاية المسنين؛ من خلال تطوير نظام الضمان الاجتماعي، الذي تستفيد منه ١٠ آلاف أسرة.
وكنتيجة للاهتمام بملف العمل والتدريب حافظت المملكة - حسب إحصاءات عام ٢٠١١ - على نسبة البطالة في حدودها الآمنة، التي تتراوح بين (٣% و٤%)، وفي مجال البنية الأساسية والتحتية زادت على سبيل المثال موازنة الإسكان إلى نحو ٣٦٠ مليون دينار في الموازنة العامة للدولة؛ حيث تم رصد ١٨٠ مليون دينار بحريني سنويا لتمويل المشاريع السكنية وهذا يغطي كُلَف تنفيذ أكثر من ٦٠٠٠ وحدة سكنية سنويا، مقابل ٩٠ مليونًا عام ٢٠١٠، و٨٠ مليونًا عام ٢٠٠٩، و٤٠ مليونًا عام ١٩٩٩، إلى جانب توفير دعم لبنك الإسكان للحصول على تسهيلات ائتمانية بمبلغ ٤٠٠ مليون دينار خصص لتسديدها اعتماد بمبلغ ٢٠ مليونًا، فضلاً عن تخصيص ٢٤,٦ مليونا لصرف بدل الإسكان، استفاد منها ١١ ألف مواطن، وبلغ عدد الخدمات الإسكانية التي وزعتها الوزارة على المواطنين في مختلف مناطق المملكة ٦٠٦٧ خدمة إسكانية، منها ١٥٥٧ قسيمة سكنية، و٩٥٠ قرضًا، و١٣٧٨ بيتًا، و٢٠٨٢ شقة، و١٠٠ شقة مؤجرة، وذلك مقابل ٥١٠٠ خدمة إسكانية عام .٢٠٠٩ ورصد الفصل الثامن تطور المجتمع المدني، مستعرضًا من خلال ثلاثة محاور فعاليات مؤسساته ومساهماتها في القضايا الوطنية والإقليمية والتحول النوعي في أدائها ما بين عامي ٢٠١٠ و٢٠١١، موضحًا أنه شهد تطورًا ملحوظًا في نشاط مؤسساته ومشاركتها في الحياة الاجتماعية والتنموية والثقافية والسياسية والعمالية وغيرها مع بداية الألفية الثالثة، بما يؤكد أن المجتمع المدني البحريني هو الأقوى بين دول الخليج الست، حيث بلغ عدد مؤسساته أكثر من ٥٤٠ خلال عام ٢٠١١، وهو ما يعد أحد الأرقام القياسية في عدد المنظمات الأهلية في العالم إذا قورن عدد المنظمات بعدد المواطنين، بما يشكل بدوره مؤشرًا لحيوية ونشاط العمل الأهلي وازدهاره في عهد تميز بالمزيد من الحرية والشفافية والتطور السياسي والاقتصادي، ولم تؤثر فيه الأحداث التي شهدتها المملكة، رغم ما ترتب عليها من انعكاسات ليست فحسب على دور مؤسسات المجتمع المدني، وإنما أيضًا على العلاقة بين السلطة التنفيذية وبين هذه المؤسسات، وذلك بفعل ما طرأ على دورها من تحولات وتبدلات، في ضوء ما اتخذته من مواقف إبان هذه الأحداث، فضلاً عن تجاوز بعضها الآخر حدود الدور الذي يحكم عملها بقيامها بممارسة أنشطة سياسية تتعارض مع ما تنص عليه اللوائح والقوانين التي تحكم عملها، والتي تقصر أنشطتها في مجالات محددة وتحظر عليها الاشتغال بالسياسة.
وأخيرًا، اختص الفصل التاسع بالمرأة لجهة رصد الجهود الخاصة بتمكينها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، حيث رصد أبرز الإنجازات في هذا الشأن التي تحققت بفضل إرادتها ومبادرات القيادة، حتى أصبحت مصدرًا رافدًا للتنمية؛ حيث وصلت إلى قبة البرلمان وأصبحت أول مرة نائبة في المجالس البلدية، وارتفعت نسبة تمثيلها في المجلس الوطني بغرفتيه (النواب والشورى) لتصل إلى (١٥) سيدة من إجمالي (٨٠) نائبًا وعضوًا يشكلون إجمالي أعضاء المجلس، أي بنسبة تصل إلى نحو ٢٧%، إضافة إلى إتاحة الحق للنساء في تولي الوظائف العليا؛ حيث شغلن مناصب وزارية وسفيرات وقاضيات وعميدات كليات جامعية وغيرها، وتعزيز حقوقهن المدنية.
ولا يبقى سوى التنويه بأنه على امتداد الفصول استشهد الكتاب - الذي لا غنى عنه لكل من له اهتمام بالشأن البحريني بشكل خاص والخليجي بشكل عام- بالعديد من البيانات والإحصاءات والجداول التي وثق بها متابعاته الراصدة ورؤاه التحليلية
.