لا يختلف اثنان -إذا كانا من العقلاء- على أن السمنة هي من أكبر الأخطار التي تهدد حياة وصحة البشر، لأنها (أم البلايا والأمراض) إذا صح التعبير، فهي السبب الرئيسي في الإصابة بالسكري، والكولسترول، وارتفاع ضغط الدم، والتهابات المفاصل، وتليف الكبد، والفشل الكلوي، وأمراض القلب، والجلطات بمختلف أنواعها، أو بمعنى آخر فإن السمنة هي أقصر طريق للإصابة بالأمراض المزمنة والمستعصية والقاتلة.
للسمنة أسباب، أهمها الإفراط في تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، وربما كانت المشروبات الغازية أخطر من الوجبات السريعة لأن الكثير من شبابنا -ذكورا وإناثا- يستهلكون منها يوميا كميات كبيرة ويتعاطونها بشراهة عجيبة على الرغم من أنها سم قاتل يتناولونه بأيديهم، إذ إن تلك المشروبات هي أحد أهم أسباب الإصابة بالسمنة وبأمراض السكري وضغط الدم وتليف الكبد بسبب احتوائها على كمية كبيرة من السكر ومن حمض الستريك ومن حمض الإسكوربيك وغيرها من المواد التي تؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا على الأعضاء الداخلية للإنسان.
كثير من شبابنا -ذكورا وإناثا- بعد أن علموا أن المشروبات الغازية تصيبهم بالسمنة لم يتوجهوا نحو العصائر الطبيعية المفيدة للصحة الجسمية والعقلية بل توجهوا للأسف نحو مشروبات (الدايت) الغازية التي تخدعهم شركات إنتاجها بقولها إنها مناسبة للحمية الغذائية لأنها خالية من السكر تماما، بينما الحقيقة هي أنها تحتوي على مادة قاتلة اسمها (الإسبارتام) يتم استخدامها للتحلية بدلا من السكر، وهي في الواقع أسوأ من السكر بمراحل بعيدة، إذ إنها تتسبب في مضاعفات خطيرة في حالة المداومة على تعاطيها.
مشروبات (الدايت) الغازية هي البديل الأسوأ والأخطر للمشروبات الغازية العادية، وهذا ما تؤكده الدراسات العلمية الكثيرة وآخرها دراسة أمريكية نشرت الصحف نتائجها يوم الخميس الماضي خرجت بنتيجة مفادها أن تناول هذه المشروبات يوميا «يهدد بخطر الإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض القلب وموت الأوعية الدموية. وعزا خبير أمراض قلب وأوعية دموية في تصريحات صحفية سبب هذه الأخطار الصحية إلى أن تركيبة هذه المشروبات تؤثر في أملاح الدم، ما يؤدي إلى مضاعفات تتسبب بالأمراض المذكورة. وكان باحثون في جامعتي (ميامي ميلر) و(كولومبيا) الأمريكيتين قد حللوا بيانات 2564 شخصا في المعهد الوطني للصحة فوجدوا أن الذين تناولوا المشروبات الغازية المخصصة للحمية (الدايت) يوميا كانوا أكثر عرضة بنسبة 43 في المائة للأخطار المتعلقة بالأوعية الدموية. وفي تعليقه على نتائج الدراسة قال الدكتور (عبدالرحيم محمد) استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية في تصريحات لموقع (إم. بي. سي. نت) إن الصودا ومواد التحلية الموجودة في هذا النوع من المشروبات تتسبب في وقوع اضطرابات في نسبة أملاح الدم، ما يترتب عليه مضاعفات في الدورة الدموية تؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية. وأشار إلى أن المضاعفات التي تتسبب فيها هذه المشروبات لا تقتصر على أمراض القلب والدورة الدموية فحسب، بل إنها تصيب المداومين على شربها باضطرابات في النوم وأمراض الأعصاب أيضا».
أقول: يجب علينا جميعا، آباء وأمهات ومعلمين أن نربي أبناءنا وننشئهم على تناول عصائر الفواكه الطبيعية المفيدة لصحتهم، وخصوصا في سنوات النمو خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة، وأن نمنعهم -ولو بالقوة- من تعاطي المشروبات الغازية بجميع أنواعها حفاظا على صحتهم حاضرا ومستقبلا، ولتوفير مئات الملايين من الدنانير التي يتم إنفاقها سنويا على علاج المرضى المصابين بآثار ومضاعفات تناول تلك المشروبات الضارة.

salah_fouad@hotmail.com