من كان على الحق.. فلا يشوه!
 تاريخ النشر : الأربعاء ٨ فبراير ٢٠١٢
بقلم : علي فردان محمد
صحيح أن كل البشر عاجزون عن الوصول إلى أعلى مراتب الفضيلة في مبادئهم وصفاتهم ومواقفهم وأقوالهم وحركاتهم وسكناتهم وعامة سلوكياتهم، إلا أنه لابد لكل فرد من أفراد المجتمع فكرة يبحث فيها عن القلب السليم العامر بحب الله والوطن والناس، لأننا نحن معاشر البشر مأمورون بأن نلقى الله بالقلب السليم، وكل إنسانٍ في المجتمع البحريني بل في جميع المجتمعات العربية والإسلامية قرأ الآية الكريمة الدالة على قيمة ومكانة القلب السليم عند الله يوم القيامة، وللحق مبادئ وصفات لا تقبل التجزئة ولا ترضى بالتشويه، ومجتمعنا مأمورون بالتمسك به والعمل على نشره، ويأتي ذلك من خلال اختزاله في قلوبنا وعقولنا عبر مدار الساعة كي لا نغفل عنه، تعزيزاً لإبراز الفضيلة وإخفاء الرذيلة، ومنه وبه تتوازن الأقوال والأفعال والمواقف في سلوك العامة، وتتحقق الإنجازات للإنسان والأوطان، وبذلك سيعيش الجميع بقلبٍ سليمٍ عامرٍ بحب الخير.
فمن أحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر إلى صورة أعماله وأقواله وأفعاله ومواقفه تجاه الناس والمجتمع ويقيس بها منزلة الله عنده، سائلاً نفسه هل يوجد في أعماله وحركاته وسكناته مرضاة لله والناس والمجتمع والوطن؟.
وللأسف الشديد أن هناك بعضا من الناس في مجتمعنا البحريني خاصة وفي المجتمعات الأخرى أيضاً يعتبرون أن الفوضى والتخريب وبث الأقاويل الكاذبة وفعل الأفعال المسيئة واتخاذ المواقف المعادية وسيلة إلى تغيير حياتهم اليائسة، ويظنون أن الله سيأتي بالفرج العاجل حينما يعم الخراب والفوضى في جميع القرى والمدن، ومن الغرابة أنهم يعلمون تماماً أن الله يتقبل العمل الصالح ولا يتقبل العمل الفاسد ولا المفسد في المجتمعات البشرية، فالسؤال الذي يفرض نفسه على هؤلاء الغافلون.. لماذا هذا الإصرار على هذا الجهل المركب؟!، فطريق الفساد والفوضى لا هداية فيه، وفيه تعثرٌ وهلاك.. وهؤلاء كمن يمشي مكباً على وجهه في الحياة الدنيا فيخسر الدنيا والآخرة، لأن أقوالهم وأفعالهم قائمةٌ على الاختلال لا التوازن، ومبنيةً على سلوك الظن والتبعية العمياء من دون القراءة والإطلاع والتدقيق في حقائق الأمور وعواقبها من خلال سلامة القلب والعقل.
فالطريق المستقيم إلى حب الله والوطن والناس يبدأ بحب الله والسعي إلى مرضاته في القول والعمل، وفي الوقت ذاته يبدأ حب الوطن والناس، فحينما نزين الدنيا بالعمل الصالح نكونُ قد فزنا في الدارين.
ومن هنا نستنتج أن الحب التام والمكتمل لله عز وجل أولاً وأخيراً، ومنه يأتي حب الوطن والناس والمجتمع، ولا يمكن أن يجتمع معهم حب الأنا والذات، وأنه بمقدار ما يتحرر الإنسان من أسر حب ذاته ويتخلص من جشعه وطمعه يفوز بنعمة حب الله عز وجل والناس، عندها يُدرج هذا المواطن الصالح في تعداد المصلحين بالمجتمع، أما إذا أسكن في قلبه وعقله حب الذات واتصف بنفسٍ أمارة بالسوء واستقرت في سلوكه القناعات الفاسدة، واتبع قول الزور وقرنه بعمل الشيطان فصار يدمر في الإنسان والأوطان فإنه لن يتذوق حلاوة حب الله عز وجل على الإطلاق.
.