المنامة عاصمة الثقافة العربية في عام ٢٠١٢م
 تاريخ النشر : الأربعاء ٨ فبراير ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
رعاية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى تؤكد ما تحظى به الثقافة في وطننا العزيز من رعاية متواصلة ومن اهتمام مستمر، لأن أي تقدم اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي من دون تقدم ثقافي ومن دون أن تحظى الثقافة بالمكانة التي تستحقها لا يكون ذا جدوى خاصة أن الواقع يثبت في البحرين أو في البلدان الناهضة والطموح نحو التقدم والديمقراطية أن الثقافة تعد ركيزة أساسية من ركائز التنمية الاجتماعية والفكرية التي من دونها لا تتحقق الديمقراطية الحقيقية.
ومثلما أشار حضرة صاحب الجلالة الملك حفظه الله ورعاه في كلمته السامية مؤخرا بأن الديمقراطية هي ثقافة قبل أن تكون نصوصا قانونية وهذه الثقافة متى ما تغلغلت في النفوس والعقول لا يمكن أبدا زعزعتها فكثيرة هي النصوص القانونية والدستورية التي تتحدث عن الحقوق والواجبات والمواطنة والمساواة والتسامح والمحبة بين أبناء الوطن الواحد، ولكن غياب الثقافة الديمقراطية يؤدي إلى إعاقة نمو الديمقراطية مما يعوق التعايش الفكري والاجتماعي الذي حدث في البلدان المتقدمة، ففي الديمقراطية الحقيقية تصبح الثقافة من العوامل الأساسية للتقدم وجعلها واقعا نهائيا لا رجعة فيه، ذلك أن الديمقراطية هي قبل كل شيء فكر وقناعة وممارسة اجتماعية يومية، من هنا تكون أهمية حضور الثقافة في حياتنا وفي ممارساتنا اليومية، وهنا يكون عنوان المنامة عاصمة للثقافة العربية عنوانا ذا دلالة اجتماعية على مستويين على الأقل:
١- هو الدور الذي تلعبه الثقافة في تكريس التجربة الديمقراطية وتعزيزها وتنميتها في مواجهة غول الطائفية والتطرف الديني والعنف الذي ترعاه الجهات الخارجة عن الاجماع الوطني التي تسجن نفسها وراء أسوار الطائفية والفكر المتطرف المغلق فتأتي الثقافة لهدم هذه الأسوار ولإدخال أكسجين الحياة الحقيقية إلى عقول هؤلاء المغلقين أيديولوجيا ودينيا.
٢- إن احتفاليات المنامة عاصمة للثقافة العربية على مدار ٢٠١٢م هي نجاح حقيقي في مواجهة البؤس والعنف والكآبة التي يحاول المتطرفون إشاعتها في الداخل والخارج عن هذا الوطن الجميل، فهم يفرحون لتراجع الاقتصاد ويفرحون لهروب الاستثمارات ويفرحون لانتشار العنف والفوضى الذي يسمونه ثورة ويفرحون لأي تصعيد سياسي من شأنه الإساءة إلى صورة البحرين وشعبها وقيادتها، ولذلك فإن اختيار المنامة عاصمة للثقافة العربية هو صفعة في وجه هؤلاء المتطرفين الذين يركضون وراء الشر والعنف والعبث فها هي البحرين كما كانت دائما عاصمة للثقافة العربية وللثقافة العالمية أيضا لأنها جزء من تاريخ الإنسانية المتقدم، ولأنها أيضا جزء من التراث العالمي، فالبحرين بلد التسامح والمحبة والإنسانية وأهلها يكرهون العنف والتطرف وثقافة الحزن والموت.
بقدر ما نحن سعداء في هذا البلد الطيب والجميل بانتصاره على التطرف والحزن والبؤس وبقدر ما نشيد بكل الامتنان برعاية القيادة الحكيمة للثقافة والفنون والآداب باعتبارها روح البلد وتاريخه ، بقدر ما نذكر بكل خير واعتزاز الدور المتميز الذي تضطلع به الشيخة مي آل خليفة وزيرة الثقافة في إشاعة الفرح والبسمة والانتصار لثقافة التسامح سواء من خلال جهودها كوزيرة ناجحة ومتميزة في أداء رسالتها وفي نشر الصورة الحضارية للبحرين في الداخل والخارج أو من خلال عملها كمثقفة وكاتبة وباحثة وراعية لكل ما من شأنه الارتقاء بتراث البحرين المعماري والثقافي حتى قبل أن تكون في موقع الوزارة.
إن ما تقوم به الشيخة مي من عمل ثقافي وحضاري جدير بكل التقدير والاحترام، وجدير بأن يذكر ليشكر خاصة في ظل الأجواء التي يحاول فيها الأشرار تشويه صورة وطننا وتحويله إلى رمز للفوضى والعنف بدلا من طبيعته الحقيقية وطبيعة شعبه الحقيقية، انه وطن المحبة والوئام، وطن الحضارة والسلام، وطن حمد الخير والعزة والكرامة.
.