أخبار البحرين
في رسالة من وزير الخارجية إلى نظيره البريطاني
البحرين مصممة على تنفيذ كل توصيات تقرير تقصي الحقائق نهاية الشهر الجاري
تاريخ النشر : الأربعاء ٨ فبراير ٢٠١٢
أكد الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية عزم الحكومة البحرينية على تنفيذ كل توصيات تقرير «تقصي الحقائق» في نهاية هذا الشهر نحو تكريس الحوكمة وسيادة القانون، بما يضمن أمن واستقرار الوطن وتحقيق الرخاء والازدهار في ظل بحرين متسامحة وتعددية، مؤكدًا أن التعديلات التشريعية الأخيرة جعلت البحرين من أكثر البلدان تقدما في مجال حرية الرأي والتعبير على مستوى المنطقة.
جاء ذلك في رسالة بعث بها الوزير أمس إلى نظيره البريطاني السيد وليام هيج، أكد فيها حقائق التطورات السياسية والأمنية في المملكة، وأحدث المستجدات بشأن تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وذلك ردًا على المعلومات المغلوطة التي أوردها النائب البريطاني دنيس ماك شاين في رسالته إلى وزير خارجية بلاده يوم 8 يناير .2012
وأوضح وزير الخارجية أن رسالة النائب البريطاني تضمنت معلومات غير صحيحة وتنم عن سوء فهم واضح للحقيقة، مرحبًا بدعوته إلى زيارة المملكة في إطار وفد رسمي للاطلاع على حقائق الأوضاع قبل إصدار أحكامه، مؤكدًا في الوقت ذاته حرص المملكة على تعزيز علاقاتها الخارجية المتميزة مع أبرز حلفائها، مثل بريطانيا والولايات المتحدة، في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وأكد أن الحكومة البحرينية عازمة على مواصلة الإصلاح، واتخذت خطوات إيجابية واستباقية مهمة لمعالجة أي تجاوزات مؤسفة لحقوق الإنسان، وذلك منذ أن خفت حدة الاضطرابات أواخر مارس 2011 وحتى قبل صدور التقرير النهائي للجنة «تقصي الحقائق»، ولا تزال تلك الخطوات متواصلة بأقصى سرعة ممكنة.
وأشار إلى تفعيل الحكومة لنهج المحاسبة ومعاقبة المسؤولين عن أية تجاوزات، موضحًا أنه قبل صدور تقرير اللجنة تم إحالة 20 ضابطًا للتحقيق بتهم تتعلق بالوفيات والتعذيب وإساءة معاملة المدنيين، ومحاكمة 12 مسئولاً حول علاقتهم بقضايا الوفيات والإصابات بسبب التعذيب وسوء المعاملة، وتقوم النيابة العامة حاليًا بالنظر في 107 قضايا تتعلق بالوفيات والإصابات وتعذيب المدنيين، والتي اتهم فيها 48 ضابطا إلى حد الآن، وما هذا إلا خطوة أولى.
واستعرض تأكيد جلالة الملك لدى تسلمه تقرير «تقصي الحقائق» أنه «لن يكون هناك إفلات من العقاب»، وهو ما التزمت به الحكومة، ووافق مجلس الوزراء في جلسة يوم 8 يناير 2011 على توصيات اللجنة بإدخال تعديلات تشريعية تتضمن إعطاء النائب العام الصلاحيات المطلقة في التحقيق والمحاكمة والنظر في ادعاءات التعذيب أو أي شكل من أشكال سوء المعاملة، وضمان الحماية من العقاب لأي شخص يرفع تلك القضايا.
وأشار في ذلك إلى إنشاء ثلاث إدارات في مكتب النائب العام، وهي: الإدارة العامة للأدلة المادية كإدارة مستقلة تضم خبراء الطب الشرعي، ومكتب حقوق الإنسان المختص في التحقيق في مزاعم التعذيب، وهيئة تختص بمراقبة سلامة إجراءات تحقيق العدالة. ويعمل النائب العام حاليا على وضع الإجراءات القانونية والتنظيمية لحماية المدعين من العقاب، لافتًا إلى إحالة جميع القضايا العالقة المتعلقة بالتعذيب وإساءة المعاملة إلى مكتب النائب العام بتاريخ 8/12/2011 لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
وأعرب الوزير عن ثقته بالتزام الحكومة بضمان المحاسبة، مشيرًا إلى انتداب محاميين عالميين من المملكة المتحدة لتقديم الاستشارة حول أنجع السبل لتطبيق التوصية الواردة في الفقرة (1716) من التقرير بشأن وضع آلية وطنية مستقلة ومحايدة لمساءلة المسئولين الحكوميين الذين ارتكبوا ممارسات غير قانونية أو تسببوا بإهمالهم في حالات وفاة، تعذيب أو سوء معاملة المدنيين.
وردًا على ادعاء النائب البريطاني دنيس ماك شاين بشأن تعرض رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل) نبيل رجب للضرب والاعتقال من قبل الشرطة البحرينية، أكد الوزير أن هذا الخبر خاطئ جملة وتفصيلا، وأنه لم يتم اعتقاله، وهو يتمتع في جميع الأوقات بحرية الحركة والتنقل والاتصال بأي شخص يريده، موضحا أن مزاعم رجب باطلة ومتناقضة وهو ما أثبتته لقطات مصورة، مضيفًا أن سياسة وزارة الداخلية بشكل عام تقوم على التحقيق مع كل مخالف وتتخذ الإجراءات المناسبة ضد كل مذنب.
وذكر وزير الخارجية أن الحكومة البحرينية تسعى جاهدة للانتهاء من تنفيذ كامل توصيات تقرير تقصي الحقائق في نهاية شهر فبراير 2012، لما لذلك من دور في تحسين مستوى معيشة المواطن ومعالجة أخطاء الماضي وتكريس الحوكمة كنهج دائم في مؤسسات المملكة، حيث ينصب تركيز الحكومة حول ضمان استقرار وأمن الوطن على المدى الطويل وتحقيق الرخاء والازدهار للمواطنين، مشيرًا في هذا الخصوص إلى انتهاء الحكومة حتى الآن من تنفيذ 7 توصيات، وتنفيذ ثلاث توصيات جزئيًا، وإحراز تقدم ملموس في تنفيذ 18 توصية.
وتعقيبًا على مطالبة النائب البريطاني بما أسماه (إطلاق سراح السجناء السياسيين)، نفى الوزير وجود سجين سياسي واحد في البحرين، أو أي محتجز بسبب التظاهر السياسي أو ممارسته حقه في التعبير، مشيرًا إلى إعلان النائب العام يوم 24 ديسمبر 2011 إسقاط التهم المتعلقة بحرية التعبير والتجمع، ولم يبق إلا على الحالات المتعلقة بجرائم العنف، واستفاد من هذا القرار 343 شخصا، بما ينسجم وقرار الحكومة تنقيح القوانين وترسيخ مبادئ حماية حريات التعبير والتجمع.
وأشار إلى موافقة مجلس الوزراء على تعديل قانون العقوبات البحريني بما يتلاءم مع القوانين الدولية لحماية حقوق الإنسان، وهو ما نوه به تقرير اللجنة المستقلة (1643، 1670-1676)، معربًا عن فخره بأن هذه التعديلات التشريعية جعلت البحرين من أكثر البلدان تقدما في مجال حرية الرأي والتعبير على مستوى المنطقة.
واستعرض قيام المحكمة العليا بمراجعة كل إجراءات التقاضي لضمان عدالة المحاكمات في كل القضايا، وإلغاء المحكمة المدنية يوم 9 يناير لأحكام الإعدام لشخصين اتهما بقتل رجلي شرطة يوم 16 مارس 2011، وتخفيف أحكامها بما يتفق مع التوصية 1722 (ط) من تقرير اللجنة.
واستغرب الوزير ما ذكره النائب البريطاني من أنه لم يسجل أي «بادرة للمصالحة أو خطوة مهمة تجاه الحوار والإصلاح»، مشيرًا إلى ما تضمنه تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق من رفض المعارضة، وخاصة جمعية الوفاق، لمبادرة سمو ولي العهد للحوار الوطني في بداية الأحداث، مما أدى إلى الأحداث الأليمة التي أضرت بالوطن وأضاعت على أبنائه العديد من الفرص.
وأشار أيضًا إلى تنشيط آليات الحوار مجددًا بين يوليو وأغسطس 2011 رغم موقف الوفاق المعارض، وخروج هذا الحوار بمبادئ مهمة يمكن أن تشكل منطلقا لإصلاح دستوري وسياسي واجتماعي واقتصادي متقدم.
وأشاد الوزير الى إعلان جلالة الملك تنفيذ أول توصية وهي إنشاء اللجنة الوطنية المكلفة بتنفيذ توصيات تقرير اللجنة، وتضم ممثلين عن كل شرائح المجتمع، وسط مقاطعة الوفاق كالعادة، مبينا التزام الحكومة بإشراك المواطنين بطريقة بناءة وشاملة، ومواصلة طريق الحوار من دون توقف بسبب اعتراض غير مبرر لمجموعة واحدة، قائلاً: «لدينا رغبة صادقة في أن تكون الوفاق طرفا في هذه العملية، لكن نتمنى ألا يكونوا عازمين على رفض أي مبادرة تقدمها الحكومة بصفة ممنهجة، فذلك يعطل التقدم نحو بحرين متسامحة وتعددية ويكرس الانقسام».
وانتقد الوزير مبالغة النائب البريطاني في تقدير عدد الوفيات بنسبة 25% برفعها إلى 50 حالة، قائلاً انه بحسب تقرير تقصي الحقائق «هناك 35 حالة وفاة على علاقة بالأحداث» نسبت 19 منها إلى الدولة، أما إذا كان النائب يشير إلى أنها حالات وفاة منسوبة إلى الدولة فإن مبالغته تصل إلى 100%، في إشارة إلى الرقم غير الصحيح.
وأوضح ان محاكمة الكادر الطبي تتم في إطار محاكمة عادلة وشفافة، بسبب مخالفات جنائية في مجمع السلمانية الطبي مثل معالجة المرضى بصفة انتقائية على أسس طائفية وعرقية أوردها تقرير تقصي الحقائق، بما يعد خرقًا واضحًا لآداب المهنة والقسم الطبي، وليس كما يزعم النائب أنه تم اعتقالهم على خلفية معالجة المرضى!
ورفض الوزير تشكيك النائب البريطاني في المبادرات الإصلاحية واتحاد منظمات حقوق الإنسان مع المعارضة ضد حكومة البحرين، بدعوى أن بعض مجموعات المعارضة مناصرة للديمقراطية أو حقوق الإنسان، بينما الحقيقة تؤكد عكس ذلك، مشيرًا إلى ادعاء الوفاق في 25/9/2009 ان «الديمقراطية تتضارب تماما مع الجذور الإسلامية»، ومعارضتها وحلفاءها من قبل في عام 2005 لتمرير قانون أحكام الأسرة الذي يكفل حقوق المرأة.
وقال الوزير «نرحب بالعمل مع المدافعين الحقيقيين عن حقوق الإنسان ومع أولئك الذين يرغبون في عالم متسامح ومتعدد، وسنواصل جهودنا وسنتجاوب مع كل طرف يقدم طلبا للحصول على معلومة من خلال سفاراتنا، لكن ليس من عاداتنا أن نتفاوض من خلال وسائل الإعلام»، مؤكدا أن الحكومة البحرينية هي «حكومة مسئولة وتستجيب لطموحات شعبها» وحريصة على إرساء الحوكمة في عملها.
وذكر ان البحرين رائدة في مجال تمكين المرأة وتعد نموذجا للتعددية في البرلمان والسلك الدبلوماسي، كما أنها «نموذج يحتذى في العالم العربي في التعايش والتسامح بين المجموعات الدينية المختلفة» وفقًا لما صرح به الحاخام البارز في مدينة نيويورك مارك شنير.
وأكد الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية في ختام رسالته إلى نظيره البريطاني ان الإصلاحات ماضية إلى الأمام في مملكة البحرين ويجب الحفاظ عليها، مثمنًا تأكيد جلالة الملك لدى تسلمه تقرير تقصي الحقائق أنه لن يتكرر أبدًا أن نرى بلادنا يشلّها الترويع والتخريب أو الاعتداء على العمالة الأجنبية بعنصرية أو قتل رجال الأمن واضطهاد عائلاتهم، كما «لا نريد أن يتكرر أبداً.. أن تبدر من أي من أفراد الأمن سوء معاملة لأي أحد».