الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


البحرين القوية القادرة درس التاريخ.. وإرادة الشعب

تاريخ النشر : الأربعاء ٨ فبراير ٢٠١٢

السيد زهره



نعلم جميعا ان الكل في البحرين اليوم قلق مما يجري في البلاد، ومما تشهده من تطورات ومن تصعيد. ونعلم ان الكل قلق على المستقبل. ولعل السبب الاساسي لهذا القلق ليس فقط الظواهر والتطورات الخطيرة التي تشهدها البلاد، وإنما أيضا عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى المستقبل وما يجب أو لا يجب عمله بالضبط.
ولعله بسبب هذا المناخ وهذه الاجواء بالذات، كان سمو الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء حريصا في مجلسه الاسبوعي قبل يومين، على ان يلفت انظار الحضور الى عدد من الحقائق.
ما طرحه سموه من حقائق ووقائع وافكار تستحق ان نتوقف عندها وان نتأملها جيدا.
هي تستحق ذلك لأنها ببساطة تشير الى عناصر القوة والامل التي تمتلكها البحرين، والتي يجب الرهان عليها كي تخرج البلاد من الوضع الراهن وتتجاوزه الى بر الامان.
أما الحقائق والافكار التي طرحها سموه فيمكنني تلخيصها في جوانب ثلاثة كبرى.
اولا: ان البحرين مرت في تاريخها الحديث والمعاصر بأزمات كبرى، وشهدت كثيرا من الاوقات العصيبة الصعبة. لكن البحرين تمكنت من تجاوز كل هذه الازمات والصعاب، الى بر الأمان.
بعض هذه الأزمات كانت نتاجا لمشاكل أو تطورات داخلية. وبعضها كان نتاجا لأطماع ومخططات قوى اجنبية. وبعضها كان بسبب مواقف ظالمة لدول شقيقة.
المعنى الذي اراد سمو الأمير خليفة بن سلمان تأكيده هنا واضح.. انه في كل الأحوال ومهما بدا الوضع الحالي صعبا بالنسبة الى الكثيرين، فانه تجب الثقة، من حيث المبدأ، وبناء على سوابق التاريخ، في ان البحرين قادرة على تجاوز الاوضاع الراهنة والوصول الى بر الأمان.
ثانيا: كيف تمكنت البحرين من تجاوز هذه الأزمات؟.. ما هي عوامل القوة التي مكنتها من ذلك؟
بحسب ما قاله سمو رئيس الوزراء، لم تنبع هذه الاسباب في يوم من الايام من الخارج، وإنما من داخل البحرين نفسها.
بقدر اكبر من التفصيل، فإن سر قوة البحرين وقدرتها على تجاوز الازمات، كان ينبع دوما، كما يرى سموه، من عاملين كبيرين ، هما: حكمة القيادة، وارادة الشعب.
أما عن حكمة القيادة، فمقصود بها، حسن ادارة أي ازمة، والتعامل الحكيم مع أي اوضاع صعبة، بالشكل الذي يضمن في نهاية المطاف احتواءها بما يخدم مصالح البحرين العليا ومصالح شعبها.
وحسن ادارة الازمة على هذا النحو، كما استخلصتها شخصيا مما قاله سمو الأمير خليفة، كان دوما في اوقات الازمات يتجسد في جوانب ثلاثة اساسية:
1- الحزم وثبات الموقف، ورفض تقديم التنازلات، ان كان ذلك سيضر بمصالح بحرينية عليا، وبمصلحة شعب البحرين كله.
2- الحسم في المواقف وفي الاجراءات العملية، حين يكون هذا الحسم ضروريا ايضا للدفاع عن المصالح الوطنية للبحرين وشعبها.
3- المرونة، والمرونة هنا مقصود بها، كما قال سموه، تفهم مختلف المواقف والآراء المطروحة في المجتمع، والنظر الى الجميع باعتبارهم جميعا أبناء الوطن مهما كانت الخلافات معهم. والمرونة تعني أيضا تفهم المطالب الشعبية المشروعة والمقبولة والاستجابة لها.
وقد ضرب سمو رئيس الوزراء أمثلة عملية محددة من تاريخ البحرين لكيفية تعامل القيادة مع الازمات على هذا النحو.
إذا كانت حكمة القيادة بهذه المعاني من اكبر عوامل تجاوز الازمات في تاريخ البحرين، فلا يقل عن ذلك أهمية، في رأي سموه، إرادة شعب البحرين.
والأمر هنا باختصار ان شعب البحرين اثبت على امتداد تاريخه، وفي مواجهة كل الازمات والاوقات الصعبة، انه أولا قادر على التمسك بوحدته الوطنية في مواجهة أي فتن أو محاولات لشق الصف. الأمر الثاني، ان شعب البحرين اظهر دوما وعيه الوطني في مواجهة أي مؤامرات أو مخططات أجنبية تستهدفه وتستهدف وطنه.
ثالثا: ان اخطر ما يهدد البحرين وشعبها، وخصوصا في أوقات الازمات، لا ينبع من الداخل بالضرورة.. بل ينبع أساسا من القوى الاجنبية وأهدافها ومخططاتها.
وقد لخص الأمير خليفة بن سلمان القضية هنا بعبارة بليغة حقا حين قال، ان هناك قوى أجنبية لا تريد ببساطة ان تشهد البحرين، ولا المنطقة كلها، أمنا واستقرارا.
من المفهوم بالطبع ان هذه القوى لا تقف ساكنة، وإنما هي تسعى بالضرورة الى تنفيذ ما تريده من تقويض للأمن والاستقرار، وعبر قوى محلية.
ولهذا، كما لاحظ سموه، من الأهمية بمكان حين نتابع بعض المواقف السياسية أو التصرفات العملية التي نستهجنها في الداخل ونرى فيها خطرا يهدد امن الوطن، ان نحرص على ان نعرف، ما هي القوى الخارجية التي تقف وراء هذا، وماذا تريد بالضبط.
بالطبع، لا يعني هذا غض النظر أو التقليل من شأن هذه القوى المحلية، وضرورة التصدي الحازم للأذى الذي تلحقه بالوطن، فليست هناك دولة في العالم تتسامح مع قوى تتواطأ مع الأجنبي على حساب الوطن.
اذن، خلاصة ما طرحه سمو رئيس الوزراء في حديثه هو ان البحرين قوية وقادرة على تجاوز أي ازمة مهما بدت صعبة.. قوية وقادرة بتاريخها ، وبحكمة قيادتها وارادة شعبها.
ولا يعني هذا بالطبع الركون الى هذه الحقائق والاكتفاء بهذه القناعة. بالعكس، الكل في المجتمع يجب ان يقوم بدوره وان يرفع صوته في مواجهة ما يراه أخطارا تهدد الوطن، وان يجعل ارادته معلنة واضحة في ضرورة مواجهة هذه الأخطار والعبور بالوطن الى بر الأمان.