دراسات
مجلس التعاون الخليجي وإعادة بناء النظام الإقليمي العربي
تاريخ النشر : الأربعاء ٨ فبراير ٢٠١٢
تشهد المنطقة العربية تحولات كبيرة من شرقها إلى غربها، فتغير النظام المصري والتونسي والليبي، مع انفصال ونشوء دولة جديدة جنوب السودان الذي يعني اقتطاع جزء مهم من الوطن العربي لصالح القوى الغربية.. في حين أن أزمات كبرى من المتوقع نشوبها في المستقبل القريب مع السقوط المحتمل للنظام السوري وإغواء أكراد سوريا للانضمام إلى أكراد العراق لإنشاء دولة جديدة لهم، غير عربية، وهو ما سيؤدي إلى إحداث تحولات من العمق، بحيث إنها تلغي ما قبلها، من مؤسسات وشخصيات وعقليات وسلوكات وتؤسس لكل ما بعدها، ليس في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، بل تشمل المنطقة العربية بأسرها.
وفي ظل المتغيرات المتوقعة في المنطقة، بلا شك ستعيد الدول الكبرى هي الأخرى حساباتها ورصد مصالحها ونصيبها في الوضع الجديد، بحيث أصبح شبح اتفاقية «سايكس بيكو» -الخاصة بإعادة تشكيل المنطقة بنشوء دول جديدة ووضع مناطق تحت السيطرتين البريطانية والفرنسية - يحوم اليوم حول المنطقة، خاصة أن الدول العربية في حالة مشابهة ولاتزال أطماع الدول الغربية في التحكم في عمليات التحول السياسي التي تجري في العالم العربي مستمرة، من أجل خروج أنظمة موالية لها من رحم تلك الثورات التي شهدها بعض الدول العربية خلال عام 2011، لذا وجدناها اليوم تتحرك على مسارات عدة، كمسار دعم التحول الديمقراطي في تلك الدول بتقوية الجماعات الليبرالية والموالية للنظم الغربية على حساب الحركات الإسلامية والقومية التي برزت بعد الثورات، أو من خلال التحركات العسكرية سواء من خلال تمويل تلك الدول بالأسلحة الغربية المتقدمة مقابل فرض أجنداتها أو من خلال التدخل العسكري المباشر كما حدث في الحالة الليبية من أجل ترسيخ أقدامها في المنطقة.
وأمام تلك التحركات والأطماع الخارجية في العالم العربي الجديد، فقد أصبح من غير المعقول أن يظل النظام الإقليمي العربي في حالة الموت السريري التي يعيشها الآن، وأن يظل لا يوجد ما يجمع العرب سوى غرفة اجتماعهم أثناء القمم العربية، في حين يمتلك بعض الدول العربية من المقومات التي تمكنها من إفشال المخططات الغربية في المنطقة، وأن تستغل تلك الحركات الثورية العربية في إحياء فكرة الوحدة العربية من جديد، ولنا في دور دول مجلس التعاون الخليجي نموذج يقتدى به في ذلك، ولاسيما في ظل الثقل الذي تحظى به بسبب وحدة مواقفها وتوافقها وتنسيقها السياسي المتميز في الملفات الساخنة، وهو ما وضعها ضمن أهم التكتلات الفاعلة في المنطقة، ولاسيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فالمتابع للمواقف السياسية لدول الخليج في الأشهر الماضية، يشعر بأنها تعيش تحولاً حقيقيٌّا في مسيرة المجلس، بدليل استشعارها أن تداعيات ما يحدث في المنطقة يحتم عليها ضرورة توحيد جهودها والخروج بموقف موحد، إيمانًا بوحدة مصيرها وحماية لمكتسباتها وحفظًا لأمنها.فرغم أن دول مجلس التعاون الخليجي صاحبة تجارب سياسية حديثة، إن قيست بالتجارب السياسية العربية الأخرى، فإنها تمتلك من المقومات ما يمكنها من قيادة المنطقة العربية المضطربة في هذه الأوقات، ولاسيما في ظل الاعتراف العالمي بثقل دول مجلس التعاون، ففي السابق، على سبيل المثال، كان البيت الأبيض والغرب بصفة عامة مهيأ لاستقبال رؤساء عرب من أهل الكثافة السكانية، ولكن بعد تغير الأمور ببروز الدول الخليجية المنخفضة في الكثافة السكانية، ولكنها صاحبة القرار، نجد أن البيت الأبيض والقصر الملكي في المملكة المتحدة استقبلا زعماءها، وهو ما يعكس الكثير من الحقائق الخاصة باعتراف تلك الدول بثقل دول التعاون الخليجي.
ورغم التوقعات التي كانت تفيد بتراجع الدور الخليجي عقب ثورات الربيع العربي، فإنه من الملاحظ أن دول المجلس بدأت اتخاذ مواقف جديدة بعيدًا عن وضعها السابق المنحصر في قضاياها المحلية الخاصة، حيث بدأت تتجه نحو اتخاذ مواقف إيجابية تجاه الواقع العربي، فقد ارتفعت أسهمها بعد نجاحها كمنظومة في التعامل بسرعة مع الأحداث، وتبلور ذلك في إدارتها للأزمة في كل من مملكة البحرين وسلطنة عُمان؛ حيث تم احتواء أزمة البحرين بالتدخل السريع لقوات «درع الجزيرة» لحفظ منشآت البحرين الحيوية، ودعمها سياسيٌّا واقتصاديٌّا وتأييد الإجراءات التي اتخذتها لحفظ أمنها واستقرارها، وتكرر الأمر مع عُمان حيث تم دعمها سياسيٌّا وماليٌّا أيضًا، من خلال تبني برامج مالية لتحسين الرواتب والأجور لمواطنيها وزيادة مخصصات البرامج الاجتماعية مثل الإسكان والتعليم والرعاية الصحية، خاصة في ظل ضرورة إجراء مراجعات دورية لمستويات الرواتب والأجور والتحملات الاجتماعية.
كما سارعت دول المجلس لحل مشكلة اليمن بمبادرة سلمية من شأنها حفظ وحدة اليمن وعدم تمزقه، ولتفادي قيام حرب أهلية فيه، وقد حظيت هذه المبادرة بقبول الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وفي تكرار للمشهد ذاته وقفت موقفًا موحدًا في الجامعة العربية تجاه الأوضاع في ليبيا، وبعدها مجلس الأمن الدولي من أجل إصدار قرار يحمي الشعب الليبي من العنف الذي يمارس ضده من قبل نظام «القذافي»، كما أسهم عدد منها وتحديدًا الإمارات وقطر في المشاركة مع قوات التحالف الغربي في حملة لحماية المدنيين في ليبيا من تعسف حكومتهم، مع أننا نرى أن هذا القرار لن يخدم ليبيا وشعبها.
كما كان لها موقف قوي في دعم الشعب السوري في مواجهة حكومته؛ حيث وجهت دول المجلس رسالة قلق واحتجاج علنية ضد الممارسات العنيفة بحق الشعب السوري، وقد بلور هذا خطاب خادم الحرمين الشريفين عندما حذر الحكومة السورية من مغبة الإفراط في العنف، وتم بعدها استدعاء السفير السعودي من دمشق، وقد اتخذت الكويت والبحرين وقطر الخطوة نفسها.
بالإضافة إلى مساعيها الدائمة لحل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة؛ ففي اجتماع مجلس الأمن لبحث الأوضاع في الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية.. طالبت الدول الخليجية المجلس بقبول الطلب الذي قدمته القيادة الفلسطينية في سبتمبر الماضي للحصول على عضوية كاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة وإقامة الدولة المستقلة، وشددت على رفض المجموعة العربية لمحاولات إسرائيل تهويد القدس المحتلة والإرهاب الذي يرتكبه المستوطنون ضد الفلسطينيين، وساهمت في حصول فلسطين على عضوية كاملة في منظمة العلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة المعروفة بـ «اليونسكو»، ونددت بسياسة إسرائيل النووية ورفضها الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وطالبت بضرورة إلزام إسرائيل بالانسحاب من الجولان السوري المحتل ووقف انتهاكها للسيادة اللبنانية والانسحاب من الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وما يحتم أيضًا على دول مجلس التعاون الخليجي لأن تسارع إلى التقاط مفاتيح العالم العربي والاشتراك في وضع نمطه الجديد، هو تنامي التأثير الاقتصادي لبلدان الخليج، فبأرصدتها واستراتيجياتها الاستثمارية وبمطالبتها لبعض الدول العربية بإصلاح البنية الاستثمارية نما اقتصاد هذه الدول بضمانة اقتصادية وسياسية خليجية، حيث إن أصول صناديق الثروات السيادية الخليجية قامت بما يسمى استثمارات دعم والتأثير في التوجهات السياسية وليس هناك من هو أحوج للدعم حاليا من دول تعيش مرحلة ما بعد الفوضى، ولاسيما في ظل تراجع هيمنة أمريكا وأوروبا الصناعية مع تزايد المنافسة من آسيا، كما قد تواجه الولايات المتحدة وأوروبا أزمة في التمويل، وستزداد التحديات أمام الدولار الأمريكي بوصفه عملة الاحتياط العالمي، خاصة على يد الدول الناشئة التي قد تسعى إلى الاحتفاظ باحتياطيها الاستراتيجي من العملات في شكل سلّة من العملات القوية.
ومن خلال المبادرات السابقة، يمكن القول ان الخليج أصبح في مقدوره المشاركة في رسم ملامح خريطة المنطقة المستقبلية بسبب الإدارة السياسية القادرة والتمسك بالثوابت الاستراتيجية، وصدقية في التحالف، حيث دفع «الربيع العربي» بلدان المجلس إلى التعامل مع التحديات الأمنية الداخلية بمنطقها الخاص.
ورغم أن المبادرة الخليجية لضم الأردن والمغرب أتت كرد فعل آني وظرفي وعفوي؛ حيث إنها لم تخضع للدراسة المسبقة والمتأنية، فإنها تنطلق من موقع القوة وليس من موقع الضعف الأمني والسياسي لبلدان مجلس التعاون، فالهدف من هذه المبادرة هو توسيع المظلة الخليجية لتشمل أنظمة، ربما كانت بحاجة إلى المزيد من الموارد لمواجهة مستحقات «الربيع العربي»، كما أنها لم تأت من منطلق البحث عن حماية أمنية إضافية.
وعلى دول المجلس أن تدرك أنه رغم أنها أفضل حالاً وأكثر تماسكًا وحضورًا بين الدول العربية الآن، فإنها هي الأخرى تحتاج إلى الدول العربية كما هم في حاجة إليها، وأنه لكي تمسك بزمام المبادرة لقيادة المنطقة فهي بحاجة أولاً إلى تكوين توافق دائم في مواقفها تجاه بعض القضايا الاستراتيجية؛ حيث كشف «الربيع العربي» عن وجود نقاط ضعف داخلية في المعادلة الأمنية الخليجية؛ فقد كشف أنه رغم أن قلق بلدان مجلس التعاون تجاه إيران هو الثابت الوحيد في التفكير الاستراتيجي والأمني الخليجي.. حيث لا يمكن التقليل من حقيقة أن إيران جار صعب بالنسبة إلى بلدان الخليج الصغيرة والكبيرة، خاصة أنها تسعى بين الحين والآخر إلى استغلال نقاط ضعف الحالة الخليجية الداخلية لإقحام نفسها في الشأن الخليجي الداخلي، وهو ما ظهر من خلال تفاقم الخلافات بينها وبين بعض دول مجلس التعاون على خلفية أحداث البحرين الأخيرة، وشبكة التجسس الإيرانية التي تم القبض عليها في الكويت، والتصريحات الإيرانية العدائية تجاه بعض الدول الخليجية ولاسيما السعودية.. فقد أبرزت هذه الأحداث فروقا واضحة بين دول الخليج حول موقفها من طهران؛ ففي الوقت الذي نجد فيه السعودية والإمارات والبحرين قد اتخذت مواقف حدية من إيران باعتبارها تحديًا يجب الاستعداد له، نجد أن قطر وعمان تسعيان إلى الحوار مع طهران واحتوائها، وهو موقف متباين مع موقف السعودية والإمارات.
وفي ظل القانون العام بأن دول الخليج جزء لا يتجزأ من النظام الإقليمي العربي تتأثر وتؤثر فيما يجري من حولها، هنالك حاجة لتغيير الأولويات الخليجية خلال المرحلة المقبلة، فأمن الخليج وانعكاسات ما يحدث في مختلف أرجاء الوطن العربي، فضلاً على تمدد الدور الإيراني في المنطقة يستدعي طرح الملف الأمني على الطاولة وبحثه من جوانبه كافة، كونه مرتبطًا بمشروع يهدف إلى تغيير الخريطة السياسية للمنطقة. وهناك ضرورة تقتضي أن يكون هناك مارشال خليجي يوفر للبحرين ولعمان مساعدة مالية سنوية تساعدهما على تلبية احتياجاتهما، ودعم قوات «درع الجزيرة» وتحويلها إلى جيش مكون من الدول الأعضاء، قادر على مواجهة التهديدات الخارجية، وهذا يعني ضرورة إعادة النظر في مفهوم الدفاع الخليجي، والبحث عن وسائل لتحقيق توازن استراتيجي في إقليم الخليج.
ورغم أن اجتماعات مجلس التعاون عادة ما تتأثر بالحدث، بمعنى أنها تتفاعل مع أحداث إقليمية ودولية ضاغطة ورغم أهمية ذلك، فإن الخطط الاقتصادية والاجتماعية تقضي بضرورة تكثيف الاهتمام بالمواطن الخليجي وتحسين أوضاعه، وبالتالي إنجاز قضاياه المعلقة التي من ضمنها آليات للمشاركة الشعبية في عملية صنع القرار كإنشاء لجان أو برلمان شعبي خليجي لتنفيذ القرارات ومتابعتها، فضلاً عن قضايا مازالت تطفو على السطح الخليجي سواء تلك التي تتعلق بالقضايا الحدودية أو البنك المركزي والاتحاد النقدي أو مسألة توحيد العملة النقدية وتداعياتها.
وبناءً عليه يتبادر إلى الذهن فكرة تحقيق «الكونفدرالية الخليجية» التي من شأنها إنشاء كيان خليجي جديد ومؤثر، يملأ الفراغ السياسي الحالي، ويمكن تحقيق ذلك من خلال العمل على مستويات عدة على النحو التالي: قانونيا: من خلال تشكيل محكمة عدل تنظر في النزاعات التي قد تطرأ بين الدول الأعضاء وتكون قراراتها ملزمة ونهائية.. وعسكريا: ففي ظل ما أوضحته أحداث عام 2011 من أن دول الخليج العربية أمنها مشترك، وأن مصلحتها هي في التعاون فيما بينها لردع الأخطار التي تحدق بها، فإن من شأن دعم قوات درع الجزيرة وتحويلها إلى جيش خليجي أن يوحد القيادة العسكرية، ويحقق توازنًا بمنطقة الخليج.. واقتصاديا: من خلال إزالة بيروقراطيات الإدارات والوزارات المتعددة، والتسريع في سن القوانين الاقتصادية التي من شأنها توثيق الأواصر بين الشعوب، وتقوية التجارة البينية بين الدول الأعضاء، علاوة على ضرورة التعجيل بإنشاء صندوق «مارشال خليجي» يستثمر الفوائض النفطية في مشاريع خليجية ثم عربية مشتركة، ولاسيما في ظل النداءات العربية بالحاجة إلى المساعدة الخليجية، فعلى سبيل المثال، وجه وزير الإعلام اليمني «علي العمراني» نداء إلى دول الخليج، لبدء «مشروع مارشال خليجي يمكن اليمن من النهوض كجناح مهم في المنطقة وشريك فاعل في المنظومة الخليجية»، فيما كانت جولة رئيس الوزراء المصري السابق «عصام شرف» في دول الخليج تهدف إلى مناقشة مشروع مارشال خليجي لإعادة تنشيط الاقتصاد المصري في المرحلة القادمة، وبذلك سيكون هو المشروع الذي يمكنه أن ينقذ المنطقة العربية من مخاطر التشرذم والانزلاق إلى مرحلة طويلة من الفوضى تدفع أثمانها الشعوب، ولا تقتصر تداعياتها السلبية على دولها فحسب.
واجتماعيا: لابد من صياغة مستقبل أمنها الداخلي، من خلال إقامة عقد اجتماعي جديد في علاقتها مع شعوبها، يكون قوامه تحقيق المواطنة الكاملة لأفراد مجتمعها، بحيث يكون الجميع سواسية في الحقوق والواجبات، وتعمل على نزع فتيل كل ما من شأنه أن يثير الإحساس بعدم المساواة لدى بعض أفراد المجتمع، وعلى الأنظمة الحاكمة في دول الخليج أن تقود صياغة هذا العقد، الذي يجب أن يُرسخ العلاقة القائمة بين الأنظمة والشعوب، بحيث تضمن الأنظمة ولاء شعوبها، وتضمن الشعوب المعاملة وفق مفهوم «المواطنة».
وتشريعيا: من خلال إيجاد برلمان خليجي منتخب، بحيث يعطى حرية وضع تصورات وتشريعات كونفدرالية، كما يمكن أن يشكل عامل رقابة على المؤسسات والدوائر المختلفة في الدول الأعضاء التي يمكن أن تتلكأ في تنفيذ قرارات القمة.
وأمنيا: لابد أن يكون ملف الإصلاحات وملف الأمن في مقدمة الملفات المطروحة في المرحلة الراهنة، بحيث ينبغي البحث عن البدائل المتاحة لتأمين هذه المنطقة الحيوية التي تؤثر في الاقتصادات العالمية بشكل مباشر، ولاسيما أن التجارب تؤكد أن القوى الكبرى لا يهمها إلا تأمين مصالحها من دون مراعاة مصالح الآخرين، وأنها مستعدة للانتقال من معسكر إلى آخر مهما تكن توجهات الأخير مادام يمسك بزمام السلطة، ويستطيع تأمين مصالح هذه القوى، والأدلة على ذلك كثيرة ومعروفة. ومن ثم، تجب صياغة عقد جديد من التعاون مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي يعتمد على المكاشفة والمصارحة وتحديد أسس الشراكة من جوانبها كافة على أن تراعي مصالح دول المجلس وأمن منطقة الخليج بكل وضوح حتى لا تفاجأ دول المنطقة بمشاريع وفاق أو تقسيم نفوذ دولي وإقليمي بين القوى الكبرى الدولية وإيران على حساب مصالحها الحيوية وأمنها الوطني.
وأخيرًا لا يسعنا إلا التأكيد أن دول مجلس التعاون الخليجي لا يمكنها لعب دور في رسم خريطة المنطقة في هذه الفترة، إلا إذا استطاعت تعزيز العمل الخليجي المشترك في مجال تحقيق الاندماج في المجالات كافة، انطلاقًا من أن مصلحتها ومصلحة المنطقة جميعها في تكاملها ووحدتها وليس في اختلافها وفرقتها، فمنظومة التعاون والتكامل الخليجي لابد أن تُعزز بشكل مستمر، وتعمل على الاستفادة من التجارب الأخرى القائمة في مجال الاندماج كمنظومة الاتحاد الأوربي، وعلى منظومة مجلس التعاون الخليجي أن تبعد كل ما من شأنه أن يبرز كعراقيل أمام مسيرة اندماجها وتكاملها.