راصد
حدس وعودة طائر الفينق
تاريخ النشر : الأربعاء ٨ فبراير ٢٠١٢
جمال زويد
أتاحت نتائج انتخابات مجلس الأمة الكويتي في عام 2009 م التي أفرزت آنذاك تراجعاً واضحاً للإسلاميين، وخاصة من الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، مجالاً خصباً لدى البعض للتشفي في الخصوم والشماتة في الخاسرين والتنفيس عن خلافات شخصية وفكرية وثارات انتخابية - وربما عداوات - مع الإسلاميين، وجدوا حينذاك فيها ضالتهم للتعبير عنها عبر تحليلات كان واضحاً أن كثرة منها إنما جاءت وفقاً للأهواء والمشاعر وتفريغاً لما في النفوس من أمنيات ورغبات في أن يتكرر هذا التراجع في شتى بلاد الدنيا بما فيها البحرين. وكان واضحاً في هذه التحليلات والكتابات غياب الموضوعية والحيادية التي هي سلعة الكل ينادي بها، والكلّ يدّعي ركوبها، لكن بات من السهل معرفة من استطاع بحق امتطاء صهوتها.
لكني قرأت - ونشرت - حينذاك مقالاً هو من أجمل ما قرأت في هذا المجال كتبه الدكتور خالد القحص في جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 21 مايو 2009م حمل عنوان «حدس.. لا تحسبوه شراً لكم!» ومما جاء فيه: «يلزمنا تأكيد أنه لا يجب التوقف عند نتائج الانتخابات كدليل وحيد وحصري على انحسار التيار الإسلامي، فهذه هي إحدى صور الانحسار، وليس بالضرورة أنها الصورة الوحيدة، كما أن نتيجة الانتخابات تتداخل فيها عوامل كثيرة مثل طبيعة المنطقة الانتخابية، وطبيعة المنافسين، والتكتيك الانتخابي، والبعد الاجتماعي للمرشح وتواصله مع الدائرة، وأخيرا التوجه أو الفكر الذي يمثله المرشح. وما وقع لـ «حدس» فرصة للعودة إلى محاضن الدعوة وإلى المسجد وإلى نشر الخير بين الناس.. مهمتنا الأولى! «حدس» تمثل واجهة سياسية ليس إلا، والوصول إلى البرلمان مجرد وسيلة للإصلاح وليست غاية بحد ذاتها، فنحن ننظر للدعوة كمؤسسة متكاملة تبغي صلاح المجتمع كله في جميع المجالات، فإن سُدّ باب، فلن نعدم أن نجد باباً آخر. إن توجيه جميع الطاقات أو جلّها نحو العمل السياسي قد لا يكون صحيحاً في الوقت الذي نجد فيه أن المجتمع بحاجة إلى جهودنا (نحن وغيرنا) في مجال إصلاح البيوت، وتفعيل الأنشطة التربوية والاجتماعية والأخلاقية.. وختم مقالته: «حدس ستبقى بإذن الله.. برغم ما قيل عنها، وبرغم الاتهامات والإشاعات، وبرغم سوء الظن، وبرغم الطعن في نياتها... مازلنا نراهن على «حدس» وعلى فكرها وعلى منهجها وعلى شبابها. حدس.. لا تجزعي، إنما هي استراحة محارب وهدوء واثب وأوبة آيب، وستخرجين بإذن الله قوية فتية من تحت الرماد كطائر الفينيق».
تدور الأيام، ويثور بركان في العالم العربي، وتتمرّد صناديق الاقتراع على تزييف الإرادات وتزوير الخيارات ويُتاح للشعوب حرية ونزاهة انتخاباتها فيكتسح الإسلاميون نتائجها بعدما ظنّ - أو تمنى - المحللّون أنهم إلى أفول.
وبالفعل هاهي (حدس) مثلما توقع الكاتب العزيز الدكتور خالد القحص تخرج ؟ كطائر الفينق ؟ من جديد ليفوز جميع مرشيحها في انتخابات مجلس الأمة 2012م وينحاز الشعب الكويتي إلى الإسلاميين بعدما اكتشف (القبيضة) وأصحاب الرشاوى الانتخابية وتبين له الفرق بين الخداع والأمانة وبين الضعف والقوّة وبين من تهمّه مصلحة الكويت وبين من لا تهمّه مصلحتها إلاّ بمقدار ما.
سانحة:
إذا فاز في الانتخابات العلمانيون والليبراليون والرويبضة و(شرواهم) قالوا هذه هي الديمقراطية. ولكن إن فاز بها الإسلاميون؛ فالأمر فيه نظر، وهو مثير للقلق، والديمقراطية تكون حينئذ في خطر!!