الجريدة اليومية الأولى في البحرين



استعدادات على الأرض لهجوم وشيك على إيران

تاريخ النشر : الأربعاء ٨ فبراير ٢٠١٢



في وقت تشهد فيه المنطقة تغيرات سياسية وعسكرية جذرية، اعلنت مصادر عسكرية اسرائيلية ان طلائع من القوات الأمريكية بدأت الوصول إلى تل ابيب في الأيام الأخيرة على ان تبقى فيها على الأقل حتى نهاية 2012، ولو اقتضت الحاجة ستظل فترة أطول، وهو ما أكدته ايضاً مصادر عسكرية أمريكية رفيعة المستوى.
ففي إطار الاستعدادات الخاصة بالجيش الأمريكي تحسبا لمواجهة عسكرية مع إيران، الأمر الذي يمكنه أن يؤدي إلى حرب إقليمية، سوف تقبع هذه القوات الوافدة أمام السواحل الإسرائيلية بمرافقة حاملة طائرات أمريكية، وسوف تعمل طائراتها بالتعاون مع طائرات سلاح الجو الإسرائيلي لتقصي اي خطر. وبصفة عامة، سوف يقبع داخل إسرائيل وقربها في الأسابيع القادمة قرابة 9 آلاف جندي أمريكي أغلبهم: طيارون، مشغلو منظومة اعتراض الصواريخ، مارينز، عناصر سلاح البحرية، فنيون، ضباط استخبارات.
فهل تعد واشنطن واسرائيل العدة لضرب ايران فعلاً، ام ان الامر لا يعدو كونه تحضيرات للمناورات العسكرية المشتركة بينهما او مجرد تدبير وقائي؟
«اورينت برس» اعدت التقرير التالي:
كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية أن تل أبيب وواشنطن تستعدان لإجراء مناورات عسكرية ضخمة يجرى خلالها التدرب على مواجهة أي هجمات صاروخية تتعرض لها إسرائيل، وتحديدا من جهة الشرق أي من إيران.
وأكدت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي إجراء المناورات التي أطلق عليها اسم «التحدي الصارم 12»، وذلك في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، إلا أن المتحدثة لم تؤكد التقارير التي ذكرت أن هذه المناورات ستكون الكبرى بين الجانبين وإذا ما كان الآلاف من الجنود الأمريكيين قد وصلوا بالفعل إلى إسرائيل، كما ذكرت مصادر عسكرية وسربت للصحف.
ورغم إعلان الدوائر العسكرية الإسرائيلية مؤخرا تزايد في احتمالات تأجيل المناورات مع أمريكا إلا ان من المتوقع إتمام المناورات التي تجرى خلالها محاكاة وقوع هجمات صاروخية على الدولة العبرية في حال تراجعت إحتمالات توجيه ضربة مفاجئة ضد إيران خلال الأسابيع المقبلة.
وستكون هذه المناورات وسط توترات متزايدة بين حلفاء الولايات المتحدة وإيران بسبب تهديدات طهران بإغلاق مضيق هرمز في حال فرض الاتحاد الاوروبي حظرا على صادرات النفط الايراني، وهو المضيق الحيوي لتجارة النفط العالمية.
لكن الجيش الإسرائيلي حرص على التأكيد أن المناورات «ستكون في إطار دورة تدريب روتينية» وأنه تم التخطيط لها قبل التوترات الأخيرة. وأوضح في بيان له: «المناورة ليست ردا على أي تطورات عالمية. وتمثل علامة فارقة أخرى في العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، كما تعد خطوة إلى الأمام على طريق تعزيز استقرار المنطقة».
توترات متصاعدة
يذكر ان حدة التوتر في ممرات شحن النفط بالخليج العربي تصاعدت مع إعلان الحرس الثوري الايراني مناورات بحرية جديدة أعقبه تخطيط اسرائيل والولايات المتحدة لتنفيذ مناورات مشتركة واسعة النطاق في المنطقة.
واشارت المصادر العسكرية الى أن نشر البيان الإسرائيلي حول المناورة العسكرية مع القوات الأمريكية جاء بعد مشاورات مكثفة أجريت بين المستويين السياسي والعسكري الأعليين في واشنطن وتل ابيب، وبعد أن اتضح أن إيران توشك أن تعلن مناورة عسكرية بحرية جديدة في الخليج العربي ومضيق هرمز في شهر فبراير، على الرغم من أن مناورة مماثلة لم تكد تنتهي بعد.
ونقل عن قائد القوات البحرية لفيلق الحرس الثوري الاسلامي الاميرال علي فدوي ان التدريبات التي ستجرى في فبراير ستكون مختلفة بالمقارنة بنظيرتها السابقة التي أجراها الحرس الثوري في منطقة الخليج العربي والتي أنهتها البحرية الايرانية اخيراً واستغرقت 10 أيام وأجرت خلالها اختبارات لمجموعة من الصواريخ الجديدة وتزامن ذلك مع تحذير إيران من انها قد تغلق مضيق هرمز أضيق نقطة في الخليج العربي التي يمر بها خمس النفط المتداول في العالم.
وفي سياق متصل، نقلت وسائل اعلام ايرانية وعالمية عن مسؤولين ايرانيين أنهم سيعتبرون حظر تصدير النفط الايراني عملا عدوانيا وقد يتم الرد عليه عن طريق اغلاق مضيق هرمز، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا قالتا انهما ستعملان على الحفاظ على خط النفط مفتوحا.
ويقول المراقبون إن جميع الاطراف تستعرض قواها لرد خصومها عن اتخاذ اجراءات صارمة، وفي الوقت نفسه تحذر من ازدياد فرص الاشتباك العشوائي بسبب ذلك. من جانب آخر يرى المراقبون أن ايران لن تستطيع هزيمة البحرية الأمريكية ولكن صواريخ كروز التي يمكن أن تطلقها من الشاطئ ومن أسطولها من الزوارق السريعة وطوفان الألغام الذي تستطيع ان تضعه في المياه السريعة الحركة في المضيق يمكن أن يُحدث الفوضى.
وبحسب المخاوف الأمريكية والبريطانية فإن تعطيل خط النفط عبر مضيق هرمز من شأنه أن يهدد النمو الاقتصادي الإقليمي والعالمي، وأي محاولة من الجانب إلايراني لإغلاق المضيق ستكون بمثابة خطوة خطرة جدا.
علما ان من شأن المبارزة المحمومة حول مضيق هرمز أن ترفع سعرالنفط الخام إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، في الوقت الذي توجد تكهنات مستمرة بأن اسرائيل قد تهاجم برنامج ايران النووي ولاسيما بعد جولة المناورات ووصول القوات الأمريكية اليها.
تنسيق غائب
اما مصادر عسكرية غربية فتشير إلى أنه على الرغم من أن واشنطن وتل ابيب تحاولان الظهور أمام العالم كأن جميع الأنشطة العسكرية ضد إيران تتم بالتنسيق بينهما، خاصة عبر ضباط أمريكيين سيحضرون إلى قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي وضباط إسرائيليين في القيادات التنفيذية الأمريكية في أوروبا، فإنه لم يتحقق حتى الآن توافق أمريكي إسرائيلي حول جميع التفاصيل المتعلقة بالمهام التنفيذية الهجومية المشتركة ضد إيران. وهذا التوافق حتى الآن جاء فيما يتعلق فقط بالمنظومة الدفاعية.
وهناك من يقول إن الاستعدادات التنفيذية تدل على أن واشنطن تستخدم المناورة كغطاء للاستعدادات الجديدة لقواتها في الشرق الأوسط، تحسبا لاحتمال اتخاذ قرار بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني من قبل اسرائيل منفردة.
وتقول مصادر في واشنطن ان اتصالات أجريت بمشاركة وزيري الدفاع الأمريكي والإسرائيلي، ليون بانيتا وإيهود باراك، ورئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال مارتين ديمبسي، ورئيس هيئة الأركان العامة الفريق بني جانتس، وبمشاركة وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند، الذي كان في العاصمة الأمريكية للتوافق حول طبيعة المناورة واهدافها.
ورغم عدم وجودها على الارض لم تكن بريطانيا بمنأى عن امر المناورة، ففي وثيقة مكتوبة تظهر ما قاله وزير الدفاع البريطاني وتم توزيعها على الصحفيين الأمريكيين، قال وزير الدفاع البريطاني إن «بريطانيا تستعد لضرب إيران في حال أغلق الإيرانيون مضيق هرمز». ولكن خلال ظهوره أمام الصحفيين، استبعد الوزير هذه الجملة بناء على طلب شخصي في اللحظة الأخيرة من وزير الدفاع الأمريكي. وقد كان هذا نموذجا آخر حول كيفية تفضيل الولايات المتحدة الحفاظ على استعداداتها لمهاجمة إيران بعيدا عن الضجة.
وتشير مصادر عسكرية إيرانية الى أن إيران تتبع الأسلوب ذاته، فالمناورات العسكرية التي تقوم بها جاءت من أجل نشر حالة من الثقة لدى الرأي العام الإيراني بأن القيادة في طهران لديها رد عسكري على هجوم أمريكي أو إسرائيلي محتمل على منشآتها النووية، ولكن هذه المناورات تأتي في الأساس لتعزيز خلايا البر والبحر والجو الإيرانية في الاستعدادات الحربية، وفي اللحظة التي ستتعرض فيها إيران للهجوم المفاجئ، ستكون قواتها مستعدة لصده. يذكر انه قبل عامين، وفي إطار الاستعدادات الأمريكية الإسرائيلية لشن ضربة ضد إيران وحلفائها، قبعت حاملة الطائرات الأمريكية «ترومان» سرا قبالة سواحل إسرائيل، حيث قامت هي وقواتها الهجومية البحرية والجوية بالتدرب على مهاجمة أهداف بالتعاون مع سلاح الجو الإسرائيلي، مما يعني انها ليست المرة الأولى التي تضع فيها الولايات المتحدة مقابل إسرائيل حاملة طائرات تعمل بالتنسيق مع سلاح الجو الإسرائيلي.