قضايا و آراء
البحرين: رؤية اجتماعية تنموية من أجل مستقبل أفضل (2)
تاريخ النشر : الخميس ٩ فبراير ٢٠١٢
تكملة لما بدأناه في هذا الموضوع الذي توصلنا فيه إلى حقيقة أن الاستثمار في المورد البشري هو الذي يجب المراهنة عليه، وفي هذا السياق نعرج إلى حقيقة مهمة هي أن المشروع الإصلاحي قد جعل من مملكة البحرين دولة مؤسسات عصرية تحكمها التشريعات والقوانين المعاصرة التي تكفل للمواطنين الحقوق والواجبات، وكانت هذه النقلة النوعية للمجتمع البحريني هي التي أعطته المناعة في مواجهة ما عصف به في 14 فبراير2011، وذلك يجعلنا نتفاءل بالمستقبل وخاصة إذا ما كنا نملك مقدارا من العزيمة والإرادة تصاحبهما المكاشفة والشفافية اللتان يؤكدهما جلالة الملك المفدى في كل مناسبة، وبالتالي نسلط الضوء على بعض القضايا التي بحاجة إلى تفعيل أكثر وتسريع في وتيرة التغيير الذي حدث في المجتمع البحريني.
لقد كانت هناك إنجازات كبيرة في المجتمع البحريني تحققت وأشار إليها تقرير البروفيسور بسيوني منها أن البحرين شهدت نموا اقتصاديا مطردا وأعطت الحقوق لكل فئات المجتمع، وأكبر من ذلك أن الدولة أوجدت البنية التحتية للتنمية البشرية بدءاً من التعليم المجاني في المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الجامعية وانتهاء بحقوق الطفل والمرأة البحرينية وخاصة عندما أنشئ المجلس الأعلى للمرأة في عام 2001 وأصبحت المرأة البحرينية تسهم بدور كبير في قوة العمل 35%، وكذلك وفرت الدولة الرعاية الصحية المجانية حيث ان تجربة البحرين في هذا المجال كانت من أنجح التجارب الدولية بتركيزها في الرعاية الصحية الأولية من خلال افتتاح المراكز الصحية في كل مناطق البحرين (شهادة أستاذ ايرلندي في كلية العلوم الطبية - الجامعة الايرلندية في البحرين) ، وكذلك الخدمات الأخرى التي تقدمها الدولة للمواطن في مجالات الإسكان وتعبيد الطرق وإقامة الجسور إضافة إلى التوعية المجتمعية، كل هذه الانجازات وغيرها الكثير جعلت من البحرين دولة معاصرة مما هيأها لأن تتبوأ مركزا متقدما في التنمية البشرية بين الدول (39- 40، تقرير بسيوني).
وعلى صعيد الحريات كفلت الدولة الحرية بمعناها الشمولي كحرية التعبير والحريات الدينية في إقامة الشعائر الدينية، ورغم التعددية الطائفية والمذهبية في مجتمع صغير المساحة فإن ذلك لم يمنع أن تكون هناك لحمة وطنية بين جميع الطوائف والمذاهب على مر العصور.
بالمقابل يحق لنا أن نتساءل عن بعض الإشكاليات التي جعلت من العملية السياسية في المجتمع البحريني تمر بمنعطفات كانت في غنى عنها وخاصة عندما ظهرت الجمعيات الدينية والأحزاب السياسية في مرحلة التغيير التي كان من المفترض أن يكون وجودها دعماً للتطوير والإصلاح اللذين شهدتهما البحرين، حيث شكل البعض منها عائقا في بعض الأحيان لعملية الإصلاح وأوجد حالة من الانقسام والصراع في المجتمع طالا حتى العملية السياسية واكبر دليل على ذلك بطء دور المجلس الوطني بشقيه النواب والشورى في فترات معينة عندما قام بعض النواب ممن ينتمون إلى هذه الجمعيات بإضاعة وقت المجلس في أمور ليست هي من الأولويات، وغلب الدور الخدماتي لمعظم النواب على دورهم الوطني، وأصبح بعض الكتل النيابية وخاصة في مجلس النواب تسير في اتجاه معاكس لطموحات المواطن عندما أشغلت نفسها في نزاعات، وانتشار ظاهرة المحاصصة في المراكز القيادية والوظائف العامة والخدمات، كل ذلك حدث بسبب وصول عناصر لم تكن مؤهلة للعمل السياسي وتفتقد الثقافة السياسية.
ان المواطن البحريني كان ينتظر من المجلس الاهتمام بقضاياه المعيشية والحياتية لا تضييع وقت المجلس في قضايا هامشية. بالمقابل كانت القيادة لها تطلعات عليا من خلال هذا المجلس تتحقق من خلاله الوحدة والتماسك بين طوائف المجتمع البحريني في الوقت الذي كان بعض النواب يختزلون الوطن ويتخندقون في جمعياتهم، وسوف أعطي مثالا على ذلك يؤكد ما أذهب إليه وبالتحديد تعاطي المجلس مع تقارير ديوان الرقابة المالية التي كانت تكشف عن كثير من الفساد المالي والإداري في بعض الوزارات والهيئات الرسمية، حيث لم يكن هذا التعاطي في مستوي الصلاحيات التي أعطيت لهذا المجلس فلم نسمع انه تم محاسبة من يقف وراء هذا الفساد الإداري والمالي في أي مؤسسة كانت.
ان المواطن البحريني مازال ينتظر من هذا المجلس الكثير وذلك لن يتأتى إلا بتفعيل اكبر لدور هذا المجلس.
ان الأوضاع التي تجري من حولنا يجب ألا تنسينا المضي في دفع عجلة هذا المجلس إلى الإمام، ويجب أن نكون كأفراد ومؤسسات في هذا الوطن على مستوى الأهداف العليا للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي ينتظر منا الكثير وهذا هو قدرنا في البحرين.
حفظ الله البحرين ملكاً وحكومة وشعباً من كل مكروه.