الجريدة اليومية الأولى في البحرين


زاوية غائمة


الفلوس والتيوس

تاريخ النشر : الخميس ٩ فبراير ٢٠١٢

جعفر عباس



يستفزني كثيرا ولع بعض الشبان بالأرقام السهلة الحفظ او المتميزة لهواتفهم وسياراتهم، وقد قرأنا جميعا كيف ان رقما معينا لسيارة في دبي وصل سعره إلى نحو 600 الف دولار، ولو أعطاني من فاز بذلك الرقم نصف ذلك المبلغ، لجلست في مؤخرة سيارته حاملا لوحة السيارة في يدي بينما هو يتجول بها ويفحص ويفحط!! 600 الف دولار لرقم؟ كم دفع او سيدفع صاحبنا مهرا إلى عروسه؟ هل سبق له ان تصدق بثلاثة آلاف لمحتاج؟ يقال إن ورقة من فئة الريال التقت ورقة من فئة الخمسمائة ريال وسألتها: اين قضيت عطلة نهاية الأسبوع؟ فأجابت الورقة ام خمسمائة: قضيتها في سويت/ جناح فندق كذا وكذا.. الله على منظر البحر من البلكونة.. يجنن.. ثم وجهت بدورها نفس السؤال إلى الورقة الكحيانة ام ريال واحد فردت بقولها إنها قضت العطلة في المسجد، هنا تساءلت ام خمسمائة: وايش يعني مسجد؟ ولن أنسى ما حييت المغص الكلوي الذي أصابني عندما قرأت ان سعوديا اشترى قبل بضعة اعوام تيسا شاميا بنصف مليون ريال! ولم ولن افهم كيف يستحق تيس مثل ذلك المبلغ: هل تلتقط قرونه قنوات ستار أكاديمي وبلاي بوي وحفلات بنت وهبي وروبي التي تغني بكل أعضاء جسمها؟ هل ينجب التيس عنزات بمواصفات ليلى علوي وشريهان؟ (كل واحد ومستواه وثقافتي السينمائية والتلفزيونية توقفت عند عصر بنت علوي وشريهان وإلهام شاهين، وكنت أعتبر ذلك طفرة ثفافية لأنني من الجيل الذي تغنى بحب سعاد حسني وميمي شكيب، وبسبب تعسف وبطش سلطات الأمن المنزلي الداخلي لم أتمكن من مواكبة المستجدات على الشاشات.. وحديثي عن هيفاء والعجرمية وروبي يستند إلى روايات شفهية أو قراءات صحفية). ويذكرني هذا بحكاية كتبت عنها كثيرا ومؤداها ان تيسا مملوكا لفلسطيني يعيش في وراء الخط الأخضر، وهي فلسطين التي راحت فيها في عام 1948، أي أن التيس يحمل جواز سفر إسرائيليا، وكان، أي التيس، يدر حليبا شديد التركيز، فتحولت حظيرته إلى مزار بعد ان قرر الناس ان تيسا يعطي اللبن لابد ان يكون معجزة وأشاع صاحبه أن لبنه يزيل العقم، وهكذا تدفق الناس بالمئات على الحظيرة واصبح الرجل رأسماليا يبيع اللبن بالقطارة والنقطة، ويحدد للناس كيفية تعاطيه: نقطة بعد العشاء بساعتين مع الكركم والفلفل..ثلاثة سي سي في الوريد قبل النوم.. امسح وجهك بنقطتين من الحليب التيسوي عند الصباح!! المهم أن الرجل التيسوي أقنع الجماهير بأن لبن ذلك الحيوان النتن يفتح قناة فالوب المسدودة وينشط المبايض، ويجعل الحيوانات المنوية الميتة أبطالا أولمبيين، فتدفق الناس على بيته، (طبعا كان الرجل تاجرا ماهرا ونقل التيس إلى غرفة مكيفة الهواء وحرص على غسل جسمه وتعطيره بالكولونيا.. من ثقافتي العامة كقروي كان بينه وبين البهائم تعايش سلمي داخل البيت أعرف أن التيس من أعفن الحيوانات، ورائحته بعد ان يتجاوز عمره ستة أشهر تقطع الخميرة) وكتبتُ في صحيفة فلسطينية محذرا من ان در التيس للحليب أمر مريب، وقلت ان ذلك التيس اما شاذ جنسيا او خنثى مشكل، او مصاب بورم سرطاني صديدي، وطنش الجماعة كلامي إلى ان سمعت بهم السلطات الاسرائيلية الشقيقة (قريبا!!!!) واعتقلت التيس وصاحبه وأكد الكشف البيطري صحة نظرية ابوالجعافر بأن الحليب الذي شربه البلهاء كان في واقع الامر افرازا صديديا عن حالة سرطانية متأخرة، وأرجح ان من شربوا صديد التيس تلقوا العلاج في المكان المناسب وهو العيادة البيطرية.



jafabbas19@gmail.com