في الصميم
طرح متخبط.. وآخر مأساوي!!
تاريخ النشر : الخميس ٩ فبراير ٢٠١٢
لطفي نصر
الجميع مع المتقاعدين.. ليس مجلس النواب وحده.. ولا الصحافة بمفردها.. ولا الشعب فحسب.. بل الحكومة بأكملها.. هذه حقيقة مؤكدة.. لذا لا أحد يزايد على أحد.. ولا جماعة تساوم على أخرى.. ومن هنا فإن المبالغة في الطرح قد تأتي بنتائج عكسية.. بل قد تفسد كل شيء.. ويكون المتقاعد هو الخاسر.. كما هو خاسر الآن!
والحقيقة الأخرى الأشد تأكيدا هي أن المتقاعد هو الأب والأم والأخ والأخت والعم والخال.. وهو أنا وأنت غدا أو بعد غد.. لذا لا يجوز القول إن أحدا مع المتقاعدين بينما الآخر ضدهم.
بالأمس وافق مجلس النواب بصفة عاجلة على اقتراح برغبة بصرف (500) دينار لكل متقاعد.. وقبل ذلك بأيام وافق على مشروع بإسقاط قروض المستبدلين من أصحاب المعاشات وقوامها (165) مليون دينار.. وقبلها بفترة وافق المجلس على مشروع يقضي بصرف الزيادة المعطلة للمتقاعدين ونسبتها 36%.. وقبل ذلك وبالضبط في نهاية الفصل التشريعي الثاني وافق المجلس على جملة من التوصيات تحمل في طياتها خيرا ومكاسب وامتيازات وتخفيضات للمتقاعدين.. وهناك أيضا مشروع رفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي من 200 إلى 300 دينار شهريا.. الخ.
طبعا كل ذلك تم رفعه إلى الحكومة.. ولم ينفذ منه حتى الآن غير منحة أو إعانة الـ (75) دينارا، وهذه لا تكفي حتى ثمن الدواء والعلاج للمتقاعد نفسه - من دون أفراد أسرته - مهما كان مرضه خفيفا أو بسيطا.. وحتى الآن لم يحصل المتقاعدون على البطاقة التي يحصلون بمقتضاها على خدمات برسوم مخفضة، أو شراء بعض المستلزمات بأسعار أقل من بعض المتاجر من دون غيرها.
رغم أنني حضرت الجلسة التي نوقش فيها الاقتراح برغبة بصرف (500) دينار لكل متقاعد.. فإنني لم أفهم من أبعادها سوى أنها ستعين المتقاعد على مواجهة ظروف ومتطلبات الحياة الصعبة وخاصة في هذه الآونة التي تعيشها البحرين.
ولم يشر السادة النواب إلى الأسباب التي وراء هذا الاقتراح المفاجئ والعاجل.. فهل هذا يعني أنها جرعة مؤقتة حتى تستجيب الدولة لما تم طلبه من قبل - وهو الأهم - مثل زيادة الـ ..36 أم أنها سوف تغني عنها؟.. وهل ستشمل جميع المتقاعدين أم سوف تقتصر على المتقاعدين من أصحاب المعاشات المنخفضة من دون أصحاب المعاشات المرتفعة، والمعروف أن الحد الأقصى للمعاش التقاعدي هو (4) آلاف دينار بحريني في الشهر؟!
البعض متشائم ويرى أن هذه المنحة يمكن أن تعطل أو تؤخر زيادة الـ ..36 وقد تلغيها بينما هي الأهم، وهناك إصرار عليها.. ولن يهدأ للجميع بال حتى يحصل جميع المتقاعدين عليها لأنها حق أصيل لهم.
إذن.. المطلوب من مجلس النواب أن يوحد مطلبه الخاص بالمتقاعدين.. ويرفع إلى الحكومة المطلب الأهم.. أو يعيد رفعه من جديد ويصر عليه.. لكن أن تجري الأمور على هذا النهج غير المنظم وغير المحدد والمشوب بالمبالغة في الطرح والطلب أحيانا.. فهذا قد يسيء إلى المتقاعدين ويضر بأوضاعهم.. كما قد يؤثر سلبا على عدالة قضيتهم.
أما القول بأنه طالما أن الحكومة سيأتيها من خلال مجلس التعاون (10 مليارات دولار) كما قيل خلال جلسة يوم الثلاثاء الماضي.. فهذا الدعم مشروط بأن يوجه نحو مشاريع البنية التحتية.. وأنه سيأتي إلى البلاد مجزأ.. وعلى هيئة «مليار دولار» واحد كل سنة وليس أكثر وبالكاد فإن المليار الأولى التي تسلمتها المملكة مؤخرا يمكن أن تكفي المشروعات التي طرحتها النائبتان الكريمتان: ابتسام هجرس، ود. سمية الجودر في جلسة يوم الثلاثاء الماضي من: رصف الشوارع.. والبيوت الآيلة للسقوط (65% من بيوت العاصمة آيلة للسقوط) كما قالت ابتسام.. والحدائق والمتنزهات.. والحدائق المائية.. ومحطات معالجة المياه في جميع المحافظات بعد أن وصل الحال بقاطني توبلي وما حول خليجها إلى حالة يرثى لها وإلى حد المأساة وإلى الدرجة التي جعلت د. سمية تطلب إلغاء هذه المنطقة السكنية نهائيا وتعويض سكانها بسبب عجز محطة المعالجة التي توجد بها عن معالجة كل مياه الصرف الصحي التي تصل إليها من جميع مناطق البحرين لكونها محطة المعالجة الوحيدة بالمملكة.. الأمر الذي يرغم المحطة على ضخ ما يتبقى من مياه الصرف كما هي إلى قلب خليج توبلي.. وكل هذا جعل الخليج مصدرا للأمراض الفتاكة.. حيث يهدد الجميع بسرطان الحنجرة وبتعطل رئاتهم عن العمل.. وحتى إمكانية العيش تحت أي وضع في هذه المنطقة أصبح فوق قدرة أي بشر بسبب هذه الروائح الخانقة التي عزلتهم عن وطنهم وعن أقاربهم بالكامل الذين قاطعوهم مقاطعة لا تراجع فيها بأي حال من الأحوال!
ورغم أن كل ما قالته الدكتورة سمية الجودر كان مأساويا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.. فإن الوزير المخلص والمتفاني في خدمة وطنه -المهندس عصام خلف - لم ينف حرفا واحدا مما قالته.. سوى أنه وعد بقرب الحل والعلاج..