الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات


قصص خفيفة من الماضي 1956-1950-1948-1947

تاريخ النشر : الجمعة ١٠ فبراير ٢٠١٢



1947: عندما سقطت فلسطين في أيدي الصهاينة
ثم ما أعقب ذلك من اصدار أو إقرار ذلك التقسيم المشئوم على اثر تلك الأحداث المتلاحقة اجتاحت البحرين في ذلك اليوم الحزين آلاف من المتظاهرين في مختلف المدن وبعض المناطق المتفرقة وكانت تعد من أكبر المظاهرات التي شهدها الناس في تاريخهم الطويل.
يقول المرحوم بإذن الله الصديق العزيز عبدالرحمن سيار (شقيق الاستاذ علي سيار) والذي كان موجودا ضمن المتظاهرين الذين انطلقوا من المنطقة القريبة من المستشفى الأمريكي الذين كانوا متجهين غربا ثم جنوبا بعد منتصف شارع الشيخ عبدالله، يقول عبدالرحمن سيار: كان يوجد في هذه المنطقة التي مررنا من خلالها (نكعة ماء كبيرة) من تجمع مياه الأمطار الغزيرة، وبينما هتافات المتظاهرين تدوي وتعلو سماء البحرين طلب منا رجل مسن أن نحمله على أكتافنا ليشارك الجميع هتافاتهم، وواصلنا السير وهو محمول على اكتافنا الا انه بعد مدة خمس دقائق أو أكثر وبعد ما اجتزنا (نكعة الماء الكبيرة)، يقول عبدالرحمن: طلب منا ذلك المسن والثقيل في حمله وخصوصا بعدما وصل إلى دكانه طلب منا إنزاله وقال لنا: سامحوني يا أولادي كان قصدي من حملكم إياي هو عدم الخوض في تلك (النكعة) وانا لابس النعال الجديد حتى أصل إلى دكاني، فانا في الواقع لا اعرف أي شيء مما تقولونه في هتافاتكم وهكذا (كص) علينا ذلك الرجل وحملناه ونحن لا ندري عن نيته.
1947: الهجوم على مساكن ومتاجر الجالية اليهودية
عندما اندلعت المظاهرات في اليوم الثاني وهي تجوب شوارع البحرين بعد قرار تقسيم فلسطين اتجه قسم كبير من المتظاهرين إلى معابد ومساكن ومتاجر الجالية اليهودية وهم يعبثون ويخربون كل ما (يشوفونه) أو يلاقونه أمامهم، حتى تدخلت الشرطة فيما بعد إلى آخر القصة، بينما هناك مجموعات كبيرة من الناس ظلت باقية في المحرق أمام دائرة النواطير والجمارك حتى قهوة عبدالقادر تنتظر العائدين من المنامة والأسواق، وما هي إلا ساعات حتى (طالعنا) شخصا آتيا من المنامة وهو يجري بسرعة ويلهث من شدة الجري على جسر الشيخ حمد، مثله مثل المئات الذين عبروا الجسر مشيا على الأقدام حتى اسواق المنامة، وكانت المفاجأة انه كان يحمل بين يديه (ديك كبير) وعند سؤالنا له عن قصة هذا الديك «المكراني» أجاب: كنت في الواقع افتش عن أي شيء ثمين ارجع به إليه البيت الا انه بعد تعب مضنٍ لم أجد في طريقي سوى هذا الديك عند أحد البيوت اليهودية.
1956: العدوان الثلاثي على مصر
اندلعت بعد أيام من العدوان الثلاثي على مصر الذي اشتركت فيه كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، مظاهرات كبيرة في المحرق اتجه قسم كبير منها إلى بعض البيوت المستأجرة من قبل بعض العائلات الأوروبية ويظهر -من جريان وقائع الأحداث- أن العائلات ربما شعروا بالخوف والخطر وأخلوها بسرعة وخصوصا عندما شاهدوا بأنفسهم التوتر لدى الناس من جراء ذلك العدوان الغاشم. وعندما وصلت تلك المجموعة إلى البيوت بدأ النهب والحرق إلى آخر السيناريو، (ما علينا)، كنت ذلك اليوم في البيت اراقب الصباغين والعمال، وكان الوقت مساء وإذا الباب يهتز من شدة الطرق عليه، خرجت ووجدت شخصا من الذين اعرفهم وامامه طاولة خشبية كبيرة من النوع الغالي والممتاز كان يسحبها من أحد تلك البيوت في شمالي المحرق وبتلك المسافة الطويلة حتى وصل إلى بيتي يعرض علي شراء تلك الطاولة بمبلغ عشرين روبية، بصراحة كنت أنوي الشراء، لكن سرت إشاعة كسريان البرق وانتشرت في حينها بين الناس والتي مفادها ان الحكومة سوف تقوم بعملية تفتيش ومداهمات لبعض البيوت... الخ، في هذه الحالة قلت له سامحني ما عندي «بيزات».
1956: عندما قاطعوا السيكاير الإنجيلزية
نتيجة للعدوان الثلاثي على مصر واشتداد الغضب والكراهية عند الناس -كما ذكرنا- نادت جماعات شبابية من المحرق والمنامة بمقاطعة السيكاير الإنجليزية، مثل «جسترفيلد، بوفيل، بوكيني، نفي كت، بليرز، بومقص، وغيرها من الماركات الإنجليزية، وعوضا عن ذلك بدأوا في استعمال السيكاير المصرية مثل «السويس، زغلول» إلى آخر القائمة، وتمر الايام ويهدأ كل شيء من تلك الثورات والغضب، وإذا بي أشاهد في يوم ما بعض الاخوان الذين اعرفهم وهم جالسون في أحد المقاهي والسيكاير الانجليزية أمامهم، سألت أحدهم. ماذا جرى؟ قال يا خوك عندما استعملنا سيكاير زغلول والسويس شعرنا كأننا ندخن شيء يشبه الجت وشيئا فشيئا عادت السيكاير الإنجليزية إلى مخابئ الشباب وخصوصا بعد ان هدأ ثوران ذلك البركان العاصف من الغضب.
الزائر الغريب
لا أتذكر ان سواحل البحرين شهدت أو استقبلت في تاريخها وصول حوت كحجم ذلك الحوت الذي زار ساحل قلالي، نعم شاهدنا (دقس) يريور لخمة، لكن حوت بتلك الضخامة وذلك الحجم أنا شخصيا ما اتذكر أكيد ان حوت قلالي فقد عقله في البحر وبدلا من ان يتجه إلى سواحل استراليا أو نيوزيلندا ظل طريقه واتجه إلى البحرين، لقد تجمع ذلك اليوم جموع كبيرة من أهالي قلالي وكذلك من مناطق أخرى كالمحرق اتوا لمشاهدته -وللمرة الأولى- ذلك الحوت الكبير الذي ما ان وصل (الرك) حتى سلم الروح لخالقه، ومن ضمن الاخبار التي تناقلها الناس في ذلك اليوم من عام 1370-1950، ان احد المفتشين الإنجليز الذين يعملون في دائرة المرور -ربما السيد هايد- الذي عندما وصل وشاهد الحوت قفز إلى جزء من جسمه وأخذ يبحث عن موقع (العنبر) في جسم الحوت. بصراحة لا أعلم إذا صاد شيئا.