الجريدة اليومية الأولى في البحرين



أيها الإيرانيون.. أفيقوا

تاريخ النشر : الجمعة ١٠ فبراير ٢٠١٢

صلاح عبيد



أحابيل السياسة وألاعيبها كثيرة، ودروس التاريخ تعلّم من يقرؤه الكثير منها، ولا يختلف اثنان على أن اليهود هم أكثر البشر احترافا واقتدارا في هذا المجال على مرّ التاريخ، وأنهم يمسكون اليوم بمفاتيح السياسة العالمية بين أيديهم ويتلاعبون بالعالم كيفما شاءوا مستغلين سيطرتهم على مراكز صنع القرار في الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي يلعب فيها اللوبي الصهيوني دورا سياسيا واقتصاديا أساسيا يجعل منه المتحكم في القرار السياسي والعسكري والاقتصادي في تلك الدولة.
من ألاعيب السياسة اليهودية العالمية التي شهدناها من قبل ومازلنا نشهدها اليوم أن يتبادل الحلفاء الأدوار لتحقيق الأهداف التي رسموها بدقة، وأقرب مثال على هذا هو التوافق الأمريكي الإيراني الخفي على تمزيق الدول العربية الخليجية باستخدام ورقة الانتماء المذهبي الشيعي لبعض مواطني تلك الدول، وهو التوافق الذي يعني أن الأمريكان لن يقوموا بضرب المحطات النووية الإيرانية، إذ ليس من المعقول أن يضرب الحليف حليفه، ولهذا ستوكل أمريكا لحليفتها الأخرى إسرائيل مسئولية القيام بهذه المهمة، ومن ثم يخرج الرئيس الأمريكي من أحد المنتجعات الرئاسية حيث يقضي إجازة رسمية مخططا لها أن تتوافق مع موعد الضربة العسكرية الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية ليصرح لوسائل الإعلام بنبرة استياء وامتعاض أن الإسرائيليين قاموا بتلك الضربة من دون الرجوع إليه، وأنه لم يعلم بالأمر في حينه لأنه في إجازة رسمية، ويطالب الجانب الإسرائيلي بتقديم توضيحات بهذا الشأن، وكان الله بالسر عليما.
هذه اللعبة اليهودية نفسها سبق أن مارسها الأمريكان والإسرائيليون مع المنشآت النووية العراقية حين كان الأمريكان هم أول الحلفاء للنظام العراقي ويمدونه بأحدث الأسلحة وأشدها فتكا في حربه مع إيران، مثلما كانوا في نفس الوقت يمدون الإيرانيين بالسلاح أيضا عن طريق وسطاء دوليين، وكان الوضع السياسي لا يحتمل أبدا أن توجه القوات الأمريكية ضربة للمنشآت النووية العراقية فأوكلت هذه المهمة للحليف الإسرائيلي الذي أنجزها على أكمل وجه فقضى على الإمكانات والأحلام النووية العراقية إلى الأبد.
إذا كان الإيرانيون يظنون أن التطمينات الأمريكية لهم بأن إسرائيل لن تجرؤ على ضربهم عسكريا هي تطمينات حقيقية فإنهم واهمون، ويكفيهم في هذا الإطار أن يقرأوا بتمعن تصريحات رئيس الاستخبارات الإسرائيلية التي أدلى بها للصحافة الإسرائيلية قبل عدة أيام والتي أعلن فيها «أن إيران تملك كميات من المواد الإشعاعية تكفي لإنتاج أربع قنابل ذرية من الآن، وأن أجهزة الاستخبارات الدولية متفقة مع إسرائيل على أن إيران جمعت 100 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة، أي ما يكفي لصنع أربع قنابل، وتأكيده أن إيران تواصل حثيثا جهودها لتطوير قدراتها النووية، وأن لدى بلاده أدلة تثبت أن الإيرانيين يحاولون الحصول على أسلحة نووية، وأن الاستخبارات الإسرائيلية تقدّر أنهم بحاجة إلى سنة واحدة فقط من يوم إعطاء الأمر بإنتاج أسلحة لتصنيعها».
معنى هذا التصريح أن إسرائيل ستضرب المنشآت النووية الإيرانية خلال شهور معدودة، أما الحجة التي سيتم بها تنفيذ ذلك فهي مذكورة في ذات التصريح الآنف الذكر وهي قوله: «إن إسرائيل مهددة بنحو 200 ألف قذيفة وصاروخ يبلغ مدى معظمها 40 كلم، وعدة آلاف يبلغ مداها مئات الكيلومترات، وإن هذه الصواريخ تشكل بعدا استراتيجيا يجب على الجيش الإسرائيلي أن يأخذه في الحسبان، لأنها انطلاقا من لبنان وسوريا وبطبيعة الحال من إيران قد تضرب في قلب مدننا، وكامل منطقة تل أبيب في متناولهم».
أيها الإيرانيون أفيقوا قبل أن تقعوا ضحايا حلفكم الشيطاني مع أمريكا، وضعوا أيديكم في أيدي جيرانكم الخليجيين، فهذا أنفع لكم ولشعبكم ولشعوب المنطقة وللأمة الإسلامية كلها.



salah_fouad@hotmail.com