الغضب لا يكفي
تاريخ النشر : الجمعة ١٠ فبراير ٢٠١٢
حامد عزة الصياد
إزاء ما يحدث في حمص، الغضب لا يكفي
مهما كان حجم الإحباط والغضب اللذين عما العالم من استخدام روسيا والصين حق الاعتراض أمام مشروع القرار العربي بإدانة نظام الأسد، فإن ما يبعث على الاشمئزاز هي التصريحات المتضاربة لـ «نبيل العربي» ويا ليته سكت، والكذب الذي يتنطع به مندوب الأسد «بشار الجعفري» في مجلس الأمن، ويا ليته قبض الثمن، والمؤامرة الروسية الصينية بتخطيط وتنفيذ إيران وأتباعها الخوارج في العراق ولبنان لذبح أعراق أهل السنة المجاهدين في حمص والزبداني، وبصر الحرير، ودرعا، وريف دمشق.
كان الثائرون في سوريا يبحثون عن يقين مطلق بأن إيران ضالعة في المؤامرة لسفك دمائهم ووجدوه، وكانت إيران في نصرتها لنظام الأسد لا تعيش في أجواء حافلة بالمتناقضات فحسب، بل كانت تدعمه في الخفاء، وتصرح في العلن، بأن تدخل الدول يشكل خطرا على استقرار سوريا، وكأن «فارس» تستدعي التاريخ لتثأر بالصواريخ وقذائف المدفعية والآر بي جي من سكان حي الخالدية وبابا عمرو أحفاد «سيف الله المسلول» خالد بن الوليد الذي هزمهم وأذلهم ولقنهم درسا لم ينسوه، بعدها انضم إلى عمرو بن العاص «أرطبون العرب» في معركة اليرموك لحصار القدس وفتح بلاد الشام.
على مدى سنة كاملة كان واضحا أن رهان الإيرانيين لم يصل إلى نتيجة سوى أن تستدعي فلولها لإخماد الثورة حتى لا تفقد مقعدا متقدما لها على مياه البحر الأبيض المتوسط ضمن ما تروج له من نطاق امتداد نفوذها في المنطقة، لكن المناخ الدولي المليء بالمتناقضات جعل المناصرين للثورة السورية لديهم أسباب كثيرة للقلق حول طبيعة المؤامرة التي تحاك ضدهم، فكان للإخوان المسلمين في سوريا، منطوقا للفظ يعلن صراحة أن إيران شريك مباشر في المذبحة التي تنفذ على الشعب السوري من خلال تقديمها الدعم والسلاح والعتاد والشبيحة لنظام الأسد.
لم تكن إيران على استعداد لأن تعترف حتى لنفسها بأن مغامرة أدوارها في الخليج والشام أصبحت تتقلص بافتضاح أمرها على يد القراصنة الصوماليين في بحر عمان، أو اعتقال الجيش السوري الحر لأحد عشر من أبنائها في الخالدية وبابا عمرو بحمص وهم يقتلون المتظاهرين المسالمين إلى جانب شبيحة الأسد، ولم يكن لديها أيضا طريق سهل للخيار للانسحاب من حول ضريح «ابن الوليد» إلا وقد استوت الخالدية أفقيا بالأرض، وكأنما إيران التي حشدت ما لديها من إمكانات لإقناع حكام روسيا والصين لم يكفها «فيتو» نصرة نظام دموي مراوغ لفظه التاريخ من باب ما لفظ «جوزيف ستالين» في روسيا.
في ظل الفوران السياسي الذي أعقب إخفاق العرب في الحصول على إدانة واضحة لنظام الأسد من مجلس الأمن، كان لافتا فوران الدم الذي أصاب ملايين الناس في إعلان الاتحاد الأوروبي عدم نيته سحب مندوبه الدائم من دمشق، رغم الموقف الأمريكي المعلن بسحب السفير وإغلاق السفارة، واستدعاء سفراء بريطانيا وبلجيكا وايطاليا وفرنسا للتشاور.
غدا سيدرس العرب في الرياض والقاهرة عددا من الخيارات حول سوريا، ومن ثم علينا الإسراع في دعم الثوار بالمال والغذاء والدواء والسلاح، فهذه بكل المقاييس، أكبر فضيحة أخلاقية سوف تلحق العار بمنظمات حقوق الإنسان ودول العالم إذا ما استمرت هذه المجازر.