الجريدة اليومية الأولى في البحرين


خاطرة


نبي الرحمة

تاريخ النشر : الجمعة ١٠ فبراير ٢٠١٢

عبدالرحمن فلاح



اصطفى الله تعالى الكثير من الرسل والأنبياء على رسولنا وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، واختار من بينهم خمسة وعشرين رسولاً، واختار من هؤلاء خمسة هم أولو العزم من الرسل، واختار من هؤلاء الخمسة رسول الله محمدا، رسول الإسلام، صلى الله عليه وسلم، وجعله خاتم أنبيائه ورسله، وكان وحده هو صاحب الشريعة الكاملة، والنعمة التامة، وكان بحق إمام الأنبياء والمرسلين.
وحين أراد سبحانه أن يختصه بالتعظيم والتكريم قال عنه في قرآنه العظيم: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم/.4
وبذلك صار مؤهلاً لإتمام مكارم الأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه الإمام مالك.
واتفق على تعظيم شأنه وتبجيله المؤيدون لدعوته والمعاندون لها، وها هو رجل غربي هو مايكل هارت يضع كتاباً عن (المائة الأعظم) ويضع رسول الإسلام في القمة منهم ولقد حاول قومه أن يحملوه على تغيير هذا التصنيف، فأبى عليه حياده العلمي أن يستجيب لطلبهم.
ولأن مكارم الأخلاق قد كملت في رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عنه مولاه سبحانه وتعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء/107، فمحمد صلى الله عليه وسلم تجاوز صفة الرحمة ليكون هو الرحمة ذاتها، بل يكون هو مصدر الرحمة التي أرسلها الله تعالى للناس كافة.
والمسلمون وهم يحتفلون بميلاده صلى الله عليه وسلم إنما يحتفلون بخلق الرحمة ويوقرونها حق التوقير، فهي الخلق الذي نال الدرجات العلا عند الله تعالى، حيث أنزل منها جزءاً في الأرض واحتفظ عنده سبحانه بتسعة وتسعين جزءاً، وبالجزء الواحد يتراحم الناس حتى ان الدابة ترفع حافرها عن وليدها مخافة أن تطأه بقدمها.
ولقد وصف الله تعالى الأمة الإسلامية بأنهم رحماء بينهم ولكنهم أشداء على الكفار، قال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم...) الفتح/.29
فصفة الرحمة كما هي ملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي أيضاً من صفات الأمة الإسلامية، ومن رحمته صلى الله عليه وسلم أنه جاء إلى الناس بشريعة ميسرة تراعي أحوال المكلفين، وتضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت على من سبقهم.
ومن رحمته صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وكان صلوات ربي وسلامه عليه يشدد النكير على المتشددين من أمته، فيقول في معرض الاستنكار على من يجد فيه أي تشدد: هلك المتنطعون... ويكررها ثلاثاً حتى ينبه السامعين من حوله إليها، وكان يقول: ما دخل الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، ويقول أيضاً: الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.
ذلكم هو رسول الإسلام الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، ذلكم هو نبي الرحمة الذي بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا، فصلوات ربي وسلامه عليه، وحشرنا في زمرته، وسقانا من حوضه شربة لا نظمأ بعدها أبداً.