المال و الاقتصاد
باتت تجني ثمار غرسها
إيران تواجه صعوبات مالية بالغة وتلجأ إلى المقايضة للحصول على الغذاء
تاريخ النشر : السبت ١١ فبراير ٢٠١٢
باريس - طهران ـ رويترز: قال تجار سلع أولية ان إيران تلجأ إلى أسلوب المقايضة إذ تعرض سبائك ذهبية في خزائن في الخارج أو حمولات شاحنات نفط في مقابل الحصول على اغذية لان العقوبات المالية الجديدة أضعفت قدرتها على استيراد المواد الغذائية الاساسية لسكانها البالغ عددهم 74 مليونا.
وتسببت الصعوبات في دفع ثمن الاحتياجات الملحة من الواردات في زيادات حادة لاسعار المواد الغذائية الاساسية ومصاعب للايرانيين قبل أسابيع من الادلاء بأصواتهم في انتخابات ينظر اليها على انها استفتاء على السياسات الاقتصادية للرئيس محمود أحمدي نجاد.
والعقوبات الجديدة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لمعاقبة إيران على برنامجها النووي لا تمنع الشركات من بيع إيران مواد غذائية لكنها تجعل من الصعب تنفيذ المعاملات المالية الدولية اللازمة لدفع ثمن هذه الواردات.
وتظهر استطلاعات للرأي أجرتها رويترز وشارك فيها تجار للسلع الاولية في انحاء العالم أنه منذ بداية العام لاقت إيران صعوبات في الحصول على واردات المواد الغذائية الاساسية مثل الارز وزيت الطعام وعلف الحيوان والشاي.
واحتجزت سفن الحبوب في موانيها رافضة التفريغ حتى يتم دفع ثمن الشحنة.
ومع هبوط قيمة العملة الايرانية (التومان) فان اسعار الارز والخبز واللحوم في الاسواق الايرانية زادت إلى الضعفين او أكثر من حيث القيمة بالدولار في الاشهر الاخيرة.
وكان مستوردو الحبوب الايرانيون يتفادون في الماضي العقوبات من خلال انفاذ المعاملات عن طريق الامارات العربية المتحدة لكن هذا الخيار انتهى مع استجابة حكومة الامارات للعقوبات.
وتبيع طهران النفط بعملات مثل الين الياباني والوون الكوري الجنوبي والروبية الهندية لكن مثل هذا الصفقات تجعل من الصعب تحويل الارباح إلى ايران.
ويبدو أن الصفقات التي كشف عنها يوم الخميس من بين الصفقات الاولى التي اضطرت إيران أن تعرض مقايضة غير نقدية لاتمامها لتجنب العقوبات فيما تسعى إلى شراء الغذاء والالتفاف على القيود المالية.
وقال تاجر حبوب اوروبي طلب عدم نشر اسمه «صفقات الحبوب يدفع ثمنها من خلال سبائك الذهب ويجري عرض صفقات المقايضة... تشارك بعض كبرى الشركات في الامر».
وذكر تاجر اخر «نظرا إلى ان شحنات الحبوب كبيرة جدا كانت المقايضة أو مدفوعات الذهب هي الخيار الاسرع».
ولم يتضح بعد تفاصيل صفقات المقايضة اذ أن مشاكل المدفوعات حديثة للغاية ولم يفصح التجار عن الحجم الحقيقي لمثل هذه الصفقات.
ويستشعر الايرانيون وطأة الصعوبات الاقتصادية في وقت بالغ الاهمية بالنسبة إلى الاوضاع السياسية الداخلية وإلى الدبلوماسية النووية مع الغرب.
وتقول الولايات المتحدة وأوروبا ان العقوبات ضرورية لحمل إيران على التفاوض قبل أن تتمكن من انتاج ما يكفي من المواد النووية لتصنيع قنبلة ذرية.
ومن جانبها تؤكد إيران ان برنامجها النووي سلمي. وبدأت الشهر الماضي تخصيب اليورانيوم في منشأة جديدة تقع تحت جبل لحمايتها من الضربات العسكرية.
وينفي المسؤولون الايرانيون أن يكون للعقوبات أي تأثير اقتصادي خطير ويقولون ان الشعب الايراني على استعداد لتحمل أي معاناة لمساندة حق البلاد السيادي في امتلاك تكنولوجيا نووية.
ويقول مسؤولون اسرائيليون صراحة ان الوقت ينفد أمام توجيه ضربات جوية لتدمير البرنامج النووي الايراني ما لم تقنع العقوبات طهران بالتراجع.
ويمكن للمرء أن يستشعر تأثير الصعوبات التي تواجهها إيران في تسوية المدفوعات في أسواق السلع الاولية العالمية في الشارع مباشرة من خلال ارتفاع الاسعار ونقص السلع.
وقال تجار في اسيا ان شحنات زيت النخيل من اندونيسيا وماليزيا –أكبر موردين لهذه السلعة الاولية- إلى إيران توقفت بسبب خوف التجار من عدم الحصول على مستحقاتهم.
وقال تاجر بشركة مدرجة في سنغافورة تنقل شحنات زيت النخيل الاندونيسي إلى الشرق الاوسط وايران «بوسعي ان أؤكد أن الشركات توقفت. لا نريد أن نقترب من إيران بأي شكل حاليا..هذا خطير للغاية».
وذكر مصدر تجاري من المملكة العربية السعودية تدير شركته مصنعا لانتاج زيت الطعام في طهران ان القطاع يعمل بالكاد. وقال صاحب مصنع مسلى في طهران لرويترز يوم الاربعاء انه يتوقع وقف الانتاج في غضون أشهر بسبب نقص المواد الخام.
وبينما تحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى تفويض من الامم المتحدة لحظر تعاملات الدول الاخرى مع إيران يمكن ان ترفع العقوبات كُلفة التجارة مع إيران بشدة بحيث لا تعود بالربح على التجار.
وقال جيه. بيتر بهام من مركز أبحاث أتلانتك كونسل «الهدف من العقوبات الحالية والمحتملة بسيط للغاية وهو زيادة كُلفة أي شيء له علاقة بمشتريات أو شحنات النفط الايراني لدرجة تدفع حتى الشركاء المحتملين الذين يقعون رسميا خارج الاختصاص القانوني للولايات المتحدة أو حلفائها إلى الاحجام عن التجارة مع طهران».