أخبار البحرين
الدكتور عبدالرحمن الفاضل في خطبة الجمعة:
انصروا شعب سوريا بكل ما تستطيعون.. فعدوهم عدوكم!!
تاريخ النشر : السبت ١١ فبراير ٢٠١٢
في خطبة الجمعة بجامع نوف النصار بمدينة عيسى أمس بدأ فضيلة الدكتور عبدالرحمن الفاتح:
نقول ابتداء إن الحل لأزماتنا يكمن في القرآن العظيم، وهدى نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم-. فالحلول الناجعة، والرُؤى الواضحة وضوح الشمس؛ تخرج منهما؛ مهما شرّق الناس أو غربوا، ومهما أتوا بالخبراء والمستشارين فإنهم لن يجدوا ما ينتشلهم مما هم فيه؛ إلا ما أكده المصطفى صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي عضّوا عليها بالنواجذ» وقوله: «تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك». هذا ما نؤمن به صدقاً ويقيناً، أما من انتكست فطرهم، وضلّت عقولهم، وطمست بصائرهم، وزاغت أبصارهم؛ فتراهم يَلوُون رؤوسهم، ويولون وهم مستكبرون».
ولنا أن نقرأ كتاب ربنا عز وجل لنرى الآيات البينات المحذرة من أعدائنا الذين ذُكِرُوا في قوله: «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتتبع ملتهم» «ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم..» هذه حقائق لا مجال للمزايدة عليها، نصوص واضحة الدلالة لفظاً ومعناً، وهذا هو التأريخ يؤكد عداوتهم للإسلام والمسلمين؛ رغم عدالة الإسلام معهم؛ إلا أن الحقد والكراهية المتأصلة في نفوسهم، والحسد المتجذر في قلوبهم، تدفعهم إلى هذه العدوانية من حروب صليبية شنوها، إلى غزو ماكر، الى الاحتلال، ولم يهدأ لهم بال حتى اسقطوا الخلافة الإسلامية رغم ضعفها؛ لأنها تمثل وحدة المسلمين وهم لا يريدون هذه الوحدة طبقاً لما ورد في تقارير المخابرات البريطانية سنة (1916) : بأن أهدافنا الرئيسة تفتيت الوحدة الإسلامية بدحر الإمبراطورية العثمانية وتدميرها، وإذا عرفنا كيف نعامل العرب فسيبقون في دوامة الفوضى السياسية داخل دويلات صغيرة حاقدة متنافرة غير قابلة للتماسك وهذا هو الواقع الماثل للعيان، دويلات متنافرة متناحرة؛ بينها من العداوات الظاهرة والباطنة ما الله به عليم، تنافر وتباين في القرارات والمصالح والولاءات، تراهم يلتقون وسرعان ما يختلفون فيكيد بعضهم لبعض، فينعكس ذلك سلبا على الشعوب لتظل في تفرق وتمزق وشتات. ولعل كل هذا يبرز جلياً في هذه الساعة الراهنة الحرجة التى تمر بها الأمة، ويتجسد واقعاً أليما في مواقف جامعة الدول العربية المخزية في كثير قضايا الأمة، وآخرها من مذابح إبادة للشعب السوري منذ ما يزيد على ثمانية أشهر على يد النظام الفاجر، مما يتأكد معه أن الجامعة العربية شريك في تلك الجرائم؛ بسبب تخاذلها وتهاونها وتعاطفها مع النظام ابتداءً، مع أنه فقد شرعيته منذ أن تمادى في سفك دماء الشعب السوري العظيم؛ حتى جاوز الرقم ثمانية آلاف شهيد.. إنها والله لسبّة في جبين الجامعة العربية وأعضائها، وطرد السفراء المتأخر لا يعفي من المسؤولية. ولا يزال النظام المجرم على ما يشهد العالم يواصل مذابحه من دون رادع. هل هانت الدماء المسلمة المسفوكة علينا، وإلى متى؟!
إنّ العين لتدمع، وإنّ القلب ليخشع، وإنا على ما يرتكب من مجازر وإباده جماعية لأهلنا في سوريا لمحزونون ومنكرون لهذا الصمت المطبق من العالم بأسره.. لا تكفي التصريحات الفارغة غير المنتجة للامم المتحدة المنحازة، وجامعة الدول العربية المتخاذلة، والتي أسهمت بسكوتها في إراقة المزيد من دماء أهلنا!!. إنها جريمة يرتكبها العالم اليوم مع سبق الإصرار والترصد، نعم العالم كله يتحمل المسؤلية! فنظام مجلس الأمن باطل قانوناً وشرعا، حينما يضع لبعض دول مجرمة حق الاعتراض على أي قرار يتعارض ومصالحها التافهة، ولو كان هذا القرار فيه إنقاذ شعب يتعرض للإبادة، أليست هذه جريمة نكراء في حق الإنسانية كلها؟! أليس هذا مدعاة لسقوط مزاعم الحضارة والمدنية وحقوق الإنسان؟ إنه يكشف عوار حضارتهم وخواء مدنيتهم وزيفها!؟ فإنه لا حضارة ولا مدنية إذا انتهكت حرمات الإنسان، وديست حقوقه، لأن كل مظاهر العمارة المادية والتقنية المتقدمة؛ لا تساوي قطرة دم إنسان تراق من دون وجه حق!؟ ومن الواضح أن العالم لا يعنيه من يقتل من الشعب السوري، كما لم يعنه من قبل مأساة الشعب الفلسطيني وتشريده واحتلال اراضيه إلى هذه الساعة!؟ بينما نرى دول العدوان الكافرة، والطوائف المجرمة تتكتل من أجل إطالة عمر النظام الصفوي الطاغوتي المجرم: «والذين كفروا بعضهم أولياء بعض..» لقد تكشفت الحقائق، وظهرت الخيانات، وبانت المخططات التدميرية التي تحاك للأمة الإسلامية، وهاهي الجمهورية الفارسية تكشف عن وجهها القبيح الكالح وتعلن حقدها الدفين للعرب خاصة والمسلمين عامة، فهاهي تمد ذاك النظام المجرم بالرجال والسلاح والعتاد والأموال، وتزود حزب الشيطان الفارسي الصفوي في لبنان بالسلاح وغيره؛ ليسهم كذلك في قتل أهلنا في سوريا وذلك باعتراف أمينه العام!؟ إنهم ملة واحدة يدينون بعقيدة فاسدة بعيدة عن الإسلام؛ الذي يحرم قتل الأبرياء من غير المسلمين، فكيف بقتل المسلمين؟! إنهم ينفذون مخططات متفقا عليها... إنهم يريدون (البحرين الكبرى لتحمي إسرائيل الكبرى)، إن الفارسية الصفوية والصهيونية والصليبية على عهد واتفاق، لا شك في ذلك ولا ريب فالصور والوثائق والمواقف تؤكد ذلك كله.
ومن هذا نعلم أن الخلاف الظاهري إنما هو مجرد غطاء تحته اتفاق كامل وانسجام تام في تبادل الأدوار لجلب المصالح المتفق عليها، وإنه لا فرق بين الفيتو الروسي والصيني الظالم لسوريا، والفيتو الأمريكي الظالم، لفلسطين فليس ثمة فرق على الإطلاق، وإنه لن تنطلي علينا الأدوار المتبادلة بين هذا أو ذاك فكلها تهدف إلى تحقيق مصالحهم اولاً وآخراً ولا نصيب لنا في شيء؛ إلا أن نظل تحت وهم الخوف والفزع من الخطر النووي، والتدخل الفارسي الصفوي، لنكون بهذا تحت السيطرة الكاملة؛ بمسمى الحماية والدفاع من أي اعتداء محتمل!!؟
الأحداث جسام وما تتعرض له أمتنا بأجمعها أمر يجري وفق أقدار إلاهية حكيمة. وهذا ما يجعل المؤمن بحق يرضى بهذه الأحداث رغم ما فيها من عنت وشدة وفتنة وبلاء؛ ولأنه يرى النتائج الباهرة المتجلية في العودة إلى الإسلام والتمسك به وإعلاء كلمة التوحيد والتكبير، والتي خيبت ظن من خططوا وتآمروا من أجل «الفوضى الخلاقة» كما يقولون؟! إنها أقدار الله تعالى وحكمته فهاهي الشعوب تنهض وتثور مكبرة مهللة راجعة إلى ربها طالبة نصرته وحده ؟ سبحانه - وهذا هو أعظم ابواب النصر، ولذا رأيناهم يصلّون يركعون ويسجدون ويبتهلون إلى الله وحده «واستعينوا بالصبر والصلاة...» بهذا تمكنوا من عدوهم وزلزلوا عرش الظالمين من تحتهم، واسقطوهم في ذلة ومهانة. ولذا نؤكد بيقين وثقة أن الخروج من أزماتنا يكمن في قواعد ديننا الثابتة والراسخة، التي لم تترك شاردة ولا واردة إلا بيّنتها، إنها المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك!؟. ولهذا نقول ان المعركة ليست على التراب والماديات فحسب؛ إنها حرب على الإسلام والدين، وإن أنكر البعض هذا فلا عبرة بإنكاره للشمس إن كانت في كبد السماء. إنها قضية دين، ومستقبل أمة لا يمكن التفريط فيها.. ونحن متفائلون بنهضة الأمة، وإنها اليوم ليست كما بالأمس؛ فبشائر النصر قد بدت في عودتها الصادقة - بإذن الله تعالى - ومظاهر وحدتها وترابطها تجلت، وها هي الشام اليوم تنهض لتستنشق ريح المسك الفواح المنبعث من دم شهدائها الطاهر تبسط عليهم ملائكة الرحمن أجنحتها كما قال صلى الله عليه وسلم: «طوبى للشام ملائكة الرحمن باسطة اجنحتها عليها».
وإنه، ومن هذه المأساة - بمشيئة الله تعالى - ستولد الأمة من جديد، وسيكون لها شأن وأي شأن؛ ولهذا ترمي دولة الفرس وأعوانها من الكفرة الملحدين بثقلها كله بغية إنقاذ النظام المجرم المتهاوي.. ولكن هيهات ثم هيهات فقد دنا أجله، وانتهى عمره وسيقبر في مزبلة التاريخ إلى جهنم وبئس القرار، كما سلف هو ومن ناصره وشايعه من ملل الكفر والمذاهب المنحرفة.
إننا نود أن نكون أسياد قرارتنا، وأن نتسيد على أرضنا لا نقبل من أحد أن يتدخل في شؤوننا السيادية؛ وإلا فقدت الدولة هيبتها وضاعت عنها سيادتها.. ومن هنا لا يقبل الشعب البحريني أن يأتي من يأتي ليفرض علينا ما يجب عمله وما لا يجب، من دون مراعاة لما لحق الدولة من أذى، وما أصابها من عدوان وتخريب، وما تعرض له مواطنوها من ارهاب وترويع وزعزعة للأمن وتدمير للاقتصاد، وتعريض الأمن القومي للخطر، فإنه لا يمكن لأي دولة مستقلة ذات سيادة أن تقبل بهذا تحت أي ذريعة كانت، فأحداث البحرين بعلم الجميع في الداخل والخارج لم تكن أحداثاً سلمية ولا مطالب سلمية؛ بل كانت انقلاباً دموياً تدميرياً لا تزال الوفاق تقوده بتصميم مدبّر وممنهج بالعنف الصريح أزهقت فيه أنفس رجال الأمن البريئة، أحرقت المنشآت وغيرها، فكيف ينسى ذلك من دون أن يأخذ المجرم جزاءه؟ ولذا نحذر الدولة من الاستجابة، أو الرضوخ لأي ابتزاز من أي جهة كانت. والاتفاقيات المختلفة الموقع عليها إذا كانت ستعرض بلدنا للخطر وشعبنا للهلاك فلا خير فيها!! لنلقها جانباً كما فعلت امريكا وبريطانيا مع من خرج على القانون، أم انهم لم يوقعوا على الاتفاقيات التي تقيدنا؟!
وأذكركم إخوتي - ولستم بغافلين - بنصرة إخوانكم في سوريا بكل ما تستطيعون، ولا تبخلوا عليهم؛ فعدوهم هو عدوكم، بعضه هناك وبعضه هنا، فالنصرة النصرة، والبذل البذل «إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم».