أخبار البحرين
سوق المنامة عصرا
غياب الوجوه البحرينية والخليجية والعربية مقابل حضور مميز للآسيويين
تاريخ النشر : الأحد ١٢ فبراير ٢٠١٢
من يتجول ولو لبرهة عابرة في شارع الحكومة او شارع باب البحرين أو شارع الشيخ عبدالله وخاصة عصر (يوم الجمعة) ما بين الثالثة والنصف والسابعة والنصف مساء، يصاب بالرعشة من جهة، وقد يصاب بخيبة أمل من جهة أخرى وهو يرى ان الوجوه البحرينية والخليجية والعربية في تراجع أسوة مع تراجع حركة البيع والشراء في السوق.
المتجول حقيقة، يرى وجوها غير عربية (آسيوية وشرق آسيوية) تسيطر على حركة السوق من باعة (منذ زمن طويل) فلا اعتراض على ذلك لكن وجود الآسيويين من متجولين أو رواد سوق بهذا الحجم وبهذه الكثافة للقاء أصدقائهم وأبناء جلدتهم، تغص السوق بهم في أجواء تجعل المتتبع لأحوال السوق يظنها بادرة خير ونقطة انفراج لأصحاب المحلات التجارية التي تعاني قسوة انحسار في حجم المبيعات، يقابل ذلك غياب لرواد سوق من أبناء البلد، مما يجعلنا نتساءل: هل المجمعات التجارية الحديثة سرقت هذه الوجوه واحتضنتهم بتركيباتها الحديثة وعروضها الجميلة؟
التراجع في عدد البحرينيين القادمين الى سوق المنامة مقابل ارتفاع كبير في أعداد الأجانب (شراء محدود ومعروف) أوجد تراجعا في دخول اصحاب المحلات لقاء إيجارات ورواتب العمال ورسوم الكهرباء ورسوم أخرى ما زالت (على حطتها) تثقل كاهل التاجر، وتكسر ظهره، وذلك حسبما عبر عنه اكثر من تاجر في سوق المنامة لكن الحقيقة هي عكس هذا الحضور الكبير.
كما يمتد هدف الأجانب الآسيويين من دون ان نظلمهم حقهم الى شراء حاجيات معينة مثل: (الموبايلز) والبطانيات وشنط السفر الكبيرة وصرف العملات وشراء الذهب (للمتمكنين منهم ماديا) مع الإشارة هنا الى ان الموبايل غدا السلعة «رقم واحد» بين الآسيويين، فترى متاجر بيع الموبايلز عليها إقبال يومي شره، لكون شركات الموبايلزعرفت اللعبة في كيفية الترويج وكسب الزبون من خلال طرح مستمر لموديلات بخدمات ومواصفات جديدة تدفع المستهلك الى ان يمد يده بسرعة في جيبه، ويخرج ما فيه من نقود لاقتناء آخر موديل في هذه التقنية العجيبة.
وكلما أمعن المتجول النظر فيما حوله من وجوه، مشى خطوة باتجاه الشرق أو الغرب، يظل يسمع طنطنة اللهجات وترديد اللغات الآسيوية وخاصة الهندية بأنواعها الأردو والملايام والماراتي والكرنتاكي والتاميل والكوجراتي والبنغالي بالإضافة الى الفلبينو وغيرها من اللغات واللهجات.
ونختتم تقريرنا بالكشف عن نماذج من سوق المنامة عصر الجمعة، وقد تكررت هذه المشاهد والصور في أيام أخرى إلا أن (يوم الجمعة) يظل الاكثر عددا في مجيء الأجانب الآسيويين الى سوق المنامة وضواحيها.
ومن هذه الصور الحية التي سجلتها «أخبار الخليج» بالصورة والقلم، مشهد لعدد من الفلبينيين يلتقطون صورا لهم أمام (مدينة الذهب). ومشهد آخر أكثر رومانسية، وهو فتاة جميلة بجسمها الغض وشعرها الأسود الطويل تتأبط ذراع (خليجي)، ومشهد بنغالي يقلي (السمبل) ورفض تصويره لكونه خائفا من قطع رزقه، فراعينا ظروفه.
وكان المشهد الأكثر استغرابا هو رؤية نساء (هنديات أو بنغاليات) يلبسن الدفة (العباءة) البحرينية، وعدد من الآسيويين يسحبون نقودا (كاش) من احدى آلات صرف النقود، فيما وقف عدد كبير وجلس آخرون من الهنود والفلبينيين على مقاعد مجاورة لباب البحرين، وتراهم في غبطة من الكلام و(السوالف) وغيرها من المشاهد التي تعبر عن حضور مكثف وليس لشراء حاجيات وأساسيات من سوق المنامة بقدر قضاء الوقت، بحيث تتحول مثل هذه المناطق والشوارع الى جزء من بومباي أو مدراس أو كلكتا أو دكا وغيرها من مدن آسيوية وشرق آسيوية.
وختاما نقول: «في السوق حركة عصر كل يوم جمعة بوجود هذه الاعداد الكبيرة من الآسيويين، لكنها مع الأسف اعداد بدون روح»، وهذه المشاهد أيضا لا تتناسب مع توجهات الدولة في الاحتفال بجعل البحرين عاصمة للثقافة العربية، هذا لا يعني دعوة الى طرد الأجانب أو الاستغناء عن خدماتهم، بل يعني التحرك من الجهات المسئولة والمعنية في تحويل السوق الى مكان يستثمر فيه وجاذب لحركة البيع والشراء، وبالتالي يدر عوائد على اصحاب المحلات التجارية والمرتبطين بذلك من مقاه وسيارات أجرة وفنادق ومطاعم.. فهل تشهد المرحلة المقبلة إِشعاعات من هذا القبيل؟