راصد
حمص.. بأي ذنب قُتلت؟!
تاريخ النشر : الأحد ١٢ فبراير ٢٠١٢
جمال زويد
هي ثالث المدن في سوريا بعد دمشق وحلب وتقع على نهر العاصي على بعد حوالي 162 كم شمال العاصمة دمشق، في منطقة زراعية خصبة هي سهل الغاب، من حيث موقعها هي متوسطة البلاد وواصلة المحافظات والمدن الجنوبية بالمحافظات والمدن الساحليّة والشماليّة والشرقية، وهي العقدة الكبرى للمواصلات في سوريا بحكم موقعها، وهو ما أكسبها موقعاً تجارياً فريداً، وأغناها بالعديد من المرافق الحيوية والصناعية والتجاريّة. وهي - بحسب موسوعة ويكيبيديا - مدينة قديمة يعود تاريخها الى عام 2300 قبل الميلاد، وكانت تسمى في عهد الرومان باسم (اميسا) الذي هو أقدم الأسماء المعروفة لحمص، وهي كلمة يونانية، يُقال في تفسيره انه اسم مركب من قسمين «إيم» «سيا» حيث يعتقد أن الشطر الأول كان يشير إلى إله الشمس الذي اشتهرت المدينة بعبادته وبالهيكل الكبير المشيّد على اسمه. وقيل ربمّا كان الاسم أيضًا مشتقا من قبيلة (إيمساني) التي حكمت حمص عدة قرون، من القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن الثالث. وقد استقر أغلب الباحثين على اعتبار أن «إيميسا» اختصرت إلى «إيمس» أو «حمص» من قبل العرب بعد الفتح الإسلامي لبلاد الشام، وأشار بعض المؤرخين الى أنه ربما اشتهرت باسم حمص بين العرب حتى قبل الفتح.
لكن من المؤكد أن هذه المدينة العتيدة قد دخلها الإسلام في بدايات الفتوحات الإسلامية، بالضبط في السنة الرابعة عشرة للهجرة بعد أن اتخذها امبراطور الروم هرقل مركزاً لعملياته، وكانت تدور آنذاك في محيطها معركة اليرموك بقيادة أمين الأمة الصحابي الجليل أبوعبيدة بن الجراح الذي حينما تنادى الروم من أصقاع الدنيا لمنازلة المسلمين في تلك المعركة الحاسمة؛ طلب المدد والعون من أمير المؤمنين أبي بكر الصديق، فوجّه إليه خالد بن الوليد الذي كان يخوض معركة باسلة أخرى مع الفرس.
تمت محاصرتها – حمص – من قبل جيش المسلمين إلى أن دخلوها سلْماً، وصارت منذ ذلك الحين داراً من أهم ديار الإسلام، سكنها ما يقارب خمسمائة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلّم، وفيها قبور عدد منهم مثل: عبيد الله بن عمر بن الخطاب وأبوموسى الأشعري وعمرو بن عنبسة والعرباط بن سارية. ولكن أكثرهم شهرة قبر فاتحها، سيف الله المسلول خالد بن الوليد الذي بُني لضريحه سنة 1908 مسجد على الطراز العثماني وصار أبرز معالم مدينة حمص، حيث تعلو مسجد خالد بن الوليد الذي بناه السلطان عبدالحميد 9 قباب متنوعة الأحجام ومئذنتان. كما وُضعت في الموقع لوحة محفورة عليها عبارة شهيرة قالها خالد بن الوليد وهو على فراش الموت : «لقد شَهِدتُ مائَةَ زَحفٍ أو زُهاءَها، وما في بدَني مَوضعُ شِبرٍ إلا وفيهِ ضربَةٌ بِسَيفٍ أو رميةٌ بِسَهمٍ أو طعنَةٌ بِرُمحٍ. وها أنذا أموتُ على فِراشي حَتفَ أنفي، كما يَموتُ البَعير فَلا نامت أعينُ الجُبَناء».
هذه هي حمص إحدى أشهر حواضر العروبة والإسلام، مدينة خالد بن الوليد رضي الله عنه ؛ يجري الآن دكّها وإبادة أهلها على أيدي طاغية سوريا وشبيحته في واحدة من أكثر مذابح التاريخ الحديث دموية ووحشية وسط صمت وتواطؤ وحماية وغدر دول يجمعها العداء للإسلام. لها العيون تدمع والقلوب تتفطّر، تُزهق أرواح أهلها وسكانها وتصعد إلى بارئها.. بأي ذنبِ قُتلت؟
سانحة:
قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد ابن تيمية : «هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية، هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى؛ بل أكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم».