زاوية غائمة
اعملها تاني يا عبعزي
تاريخ النشر : الأحد ١٢ فبراير ٢٠١٢
جعفر عباس
لم يهدأ بعد غبار أول معركة انتخابية تشهدها مصر بعد انتهاء حكم سوزان مبارك وولي عهدها «جيمي»، وجعلني ذلك أعود بالذاكرة الى السيد المحترم عبدالعزيز الجهيني، الذي تمكن من الفوز الكاسح في المرحلة الأولى من آخر انتخابات لمجلس الشورى المصري في العصر السوزاني، في وجه خصوم أشاوس أحدهما مليونير والآخر عمدة، حدث هذا رغم ان عبعزيز - وهكذا ينطق أصدقاء واقارب عبد العزيز الجهيني اسمه الاول - دخل السباق الانتخابي من باب الفهلوة.. وكان أقصى ما يتمناه ان ينال مبلغا معقولا نظير انسحابه من السباق! بأن يأتيه أحد المرشحين الشبعانين ويقول له: شوف يله (اختصار لـ «يا وله» التي هي اختصار ليا «ولد»، فالمصريون يميلون الى ترشيد الانفاق حتى في الكلمات في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة)، فكيف دخل هذا الفلاح الغلبان ابن جزيرة الشرانية بسوهاج مجلس الشورى متغلبا على التمساح والهامور؟ هناك مثل سوداني يقول: رزق تكوسه ورزق يكوسك، ويكوس بالعامية السودانية تعني «يبحث ويفتش»، أي ان هناك رزقا يأتيك لانك سعيت اليه، وهناك رزق يأتيك من دون ان تطلبه، وعبعزيز لم يكن يحلم حتى بزيارة القاهرة دعك من ان يدخلها كصاحب حصانة برلمانية، وكل ما هناك انه دعا على خصومه بدعوة الميرغنية في السودان على خصومهم في أناشيدهم الدينية:
واشغل أعداي بأنفسهم × وابليهم ربي بالمرج
(الميرغنية طائفة تحرص على المشي جنب الحائط في الشؤون السياسية بمعنى أنها غير مصادمة، وزعيمها الحالي الذي كان يقود المعارضة ضد حكم المشير عمر البشير، صار اليوم طرفا في الحكومة وصار ولده - واسمه بالمناسبة أبوالجعافر - مساعدا لرئيس الجمهورية.
العمدة والمليونير انشغلا بتقديم الطعون ضد بعضهما البعض، وأهملا أمر الفلاح عبعزيز، فقد كان المليونير غاضبا لان العمدة نافسه على المقعد الذي ظل يشغله طوال 15 سنة أي على مدى ثلاث دورات، كانت هي كامل عمر مجلس الشورى المصري، ولكن العمدة نجح في إلغاء ترشيح المليونير بعد ان اثبت للقضاء ان المليونير أمي لا يقرأ ولا يكتب، ولا يحق له الترشح، وهكذا «انهزم مرسي ابن المعلم زناتي بالإنجليزي يا منز»، وحقيقة الأمر انه انهزم بالعربي، لانه جاهل عصامي لم يسع خلال سنوات جلوسه في قاعة المجلس الى محو أميّته المزمنة، وكما هو معروف فان الأغنياء لا يقبلون الهزيمة، لانهم معتادون على نيل ما يريدون، والتكويش على كل الحاجات الحلوة، وهكذا انشغل المليونير بأمر ترشح العمدة وطعن امام القضاء بأن العمدة يملك اكثر من عشرة افدنة من الاراضي ومن ثم فان ترشحه في قائمة الفلاحين باطل، فعمد العمدة الى توزيع أراضيه على ابنائه ليقلص مساحة الارض المسجلة باسمه، ولكن المليونير اثبت امام المحكمة ان ابناء العمدة الذين باتوا يملكون الأرض، قُصّر ومازالوا تحت رعاية أبيهم وهكذا شطب القضاء اسم العمدة من قائمة المرشحين، فلم يبق في الساحة سوى عبعزيز، الذي لم ينصب سرادقا او يقم ليلة خطابية لأنه فاز بالتزكية لعدم وجود مرشح منافس في الدائرة الانتخابية!
أتمنى أن يكون عبعزيز قد دخل البرلمان الجديد، وأن يكون سلوكه البرلماني مشرفا كما نأمل ألا يلتفت الى الممارسات المتطرفة التي شهدتها بعض الساحات البرلمانية العربية مؤخرا مثل قضم آذان الخصوم وقد بلغني ان مايك تايسون سيرفع دعوى على النائب الاردني الذي أكل أذن زميله بدون طبخ على اساس انه تغول على حقه الذي سُجل باسمه بعد ان قضم اذن الملاكم المنافس هوليفيلد.
jafabbas19@gmail.com