أمريكا تعبث بالبحرين
تاريخ النشر : الاثنين ١٣ فبراير ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
مواصلة لما بدأناه بالأمس حول الدور الأمريكي «المخزي» في نشر الجواسيس في دول المشرق الإسلامي، عبر مؤسسات تنضوي تحت مظلة المجتمع المدني، نواصل اليوم النبش في تلك الحالة المنزوعة الأخلاق الحضارية على المستوى المحلي.
في البحرين، يتواجد الأسطول الأمريكي الخامس، قاعدة عسكرية أمريكة توجد مثيلاتها في جميع دول مجلس التعاون الخليجي بتفاوت، كما توجد في اليمن؟!
البحرين بالنسبة إلى أمريكا، ورقة ابتزاز وضغط تستطيع اللعب والعبث بها متى شاءت، وذلك لحضور المذهب الشيعي المرتبط مذهبياًّ بمراجعه العراقية والإيرانية، هذا علاوة على أطماع إيران في خليجنا العربي والممتدة من الجزر الإماراتية المحتلة، وصولاً إلى البحرين الكبرى؟!
أمريكا كانت حاضرة في المشهد البحريني ومازالت. ألم تمكُر وتخطّط لتسليم البحرين لإيران في فبراير الماضي، ولكن إيران انتبهت ولم تواصل اللعب، لأنّها عرفت أن مصيرها سيكون مصير نظام صدام حسين عندما تمّ استدراجه في الكويت؟!
وكما كان التجمّع الذي وقف عند الفاتح مفجعاً للوفاق وبناتها، فإنّه مثّل صدمة لأمريكا التي كانت إلى فترة وجيزة، تتعاطى مع المشهد البحريني وكأنّه صراع بين الدولة والوفاق؟!
مؤسسات أمريكا للديمقراطية (للجاسوسية)، توجّه إلى البحرين من بُعد، وذلك بعد طرد إحدى مؤسساتها من هنا قبل سنوات؟!
الحل كان بتوظيف أطراف من الداخل ليقوموا بتلك المهمّة، وكلّنا تابع وثائق ويكيليكس، وكيف فضحت الوفاق، إذ نشرت غسيل لقاءاتهم وما كان يدور فيها من تفاصيل ونقل معلومات، كانت أقرب إلى عمل الجواسيس منها إلى لقاءات سياسية؟!
أمريكا لم تكتف بذلك، فكلنا تابع خلال الأشهر الماضية، كيف تردّدت القيادات الأمريكية على البحرين، بدءاً من مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، إلى المسئولين العسكريين بمختلف رتبهم، حيث كانوا يتحدثون وكأنّهم وسط مستعمرات أمريكية وليس في دولة ذات سيادة؟!
السفير الأمريكي الجديد، ومهندس الطائفية في العراق الحديث، تابعنا زياراته المريبة لوزارات الدولة المختلفة، وكأنّه الحاكم بأمره! وهو نفسه الذي انزعج وانسحب عندما تحدث ضاحي خلفان عن حقيقة أمريكا التي تلهث وراء مصالحها، وهو نفسه الذي تحدث أمام الكونجرس مبرئًا إيران من التدخّل في البحرين؟!
أمريكا اليوم لديها جمعيات سياسية تتحرّك بأمرها، ولديها جمعيات حقوقية منحلّة تنفّذ أجنداتها، كما لديها سياسيون وناشطون وصحفيون ومدونون داخل وخارج البحرين، يعيشون تحت حمايتها، تقوم بتدريبهم وتتكفّل بمصاريفهم هي وغيرها. والهدف واضح، وهو استلاب شرعية الحكم، ونقله من حالة استقراره وانتمائه وهويته العربية، إلى حالة حرب مذهبية وتمزّق طائفي يماهي الحالتين العراقية واللبنانية، لأنّها بذلك تستطيع أن تستغل البحرين، لتكون شوكة في خاصرة الخليج العربي، تناوش بها السعودية، وتبتز بها غيرها، وعينها لا تغادر النفط على الساحل الغربي من الخليج العربي؟!
برودكاست: كما قلناها بالأمس، ما عاد اليوم كالأمس، وأي تهاون من الدولة في محاصرة الدور الأمريكي المشبوه عبر سفيرهم الجديد، أو عبر المبعوثين الأمريكان الذين يحجّون إلينا حجًّا، هو قبول بابتزاز الإدارة الأمريكية التي تلاحق مصالحها، وقبول بوجود دولة داخل دولة، وهو تحطيم لكل مفاهيم السيادة والاستقلال، ويهيئ الأرضية للعبث بمستقبل وطن وشعب يستحق أفضل من ذلك بكثير.