عالم يتغير
التجمع الثالث في الفاتح بانتظار موقف أقوى وأدق (2-2)
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠١٢
فوزية رشيد
{ استكمالا لمقال أمس، فإننا نطرح ما نعتقده يضرب في صميم العلاقة بين أبناء الفاتح وقيادات تدعي تمثيلهم، بحيث لا تزداد الفجوة بينهم وبين تلك القيادات نتيجة ضعف في الرؤية لدى الاخيرة، ونتيجة لضعف في الارادة، وعدم القدرة على تجسيد القوة الحقيقية لأبناء الفاتح، والاكتفاء بترديد الشعارات حول تلك القوة من دون التصرف الفعلي بها، مما أضعف موقف جمعية «تجمع الوحدة الوطنية» وموقف «ائتلاف الجمعيات»، وكما اتضح من الموقف من حوار جديد وبعد ان انفض سامر (حوار التوافق الوطني) منذ شهور قليلة فقط، وخرجت مرئياته الى النور، وعملت الاجهزة والمؤسسات المعنية على تطبيقها كلها، وهو الحوار الذي خرجت منه «الوفاق» بارادتها الحرة أو المسيّرة، والسؤال الذي يطرح نفسه، حتى لو كانت «الوفاق» هي التي تدفع الى حوار جديد حسب رؤيتها الخاصة، وتدعمها أمريكا في ذلك، وفي فرض هذا الحوار في هذه المرحلة تحديدا لغايات في نفس يعقوب، فالسؤال يقول: أين رؤية تجمع الوحدة الوطنية أو ائتلاف الجمعيات من هذا التلاعب «الوفاقي» والخارجي في فرض ما يريدانه؟ رغم ان الرؤية السياسية الصحيحة تفترض ان يكون لهذا الائتلاف موقف يمثل جماهير الفاتح وليس ما تريده «الوفاق» لإنقاذها من أزمتها مع الاكتفاء برفع شعار (لا حوار بدون الفاتح) بما يعني قبول فتح باب حوار جديد الآن، أو قبول ما يتم دفع الدولة اليه عبر الضغوط التي نعرفها ونعرف أطرافها، اي القبول بإخراج قوى التأزيم الداخلية والخارجية من أزمتها.
{ أبناء الفاتح يتحرقون منذ عام حتى اليوم وبعد ان عرفوا ما عرفوا وصدمتهم الحقائق والانكشافات وسقوط الاقنعة، يتحرقون للدفاع عن البحرين، ولبذل أرواحهم (من أجل البحرين)، ولكنهم اليوم، ولأنهم أحرار حقيقيون، ووطنيون حقيقيون، وغير خاضعين لعبوديات ولائية أو مرجعية إلا لله وحده، أو لضغوط خارجية، أو أيا كانت، فإنهم يشعرون بأنه بقدر ما هم مخذولون من عدم تطبيق القانون حتى الآن بسبب الضغوط الخارجية، وعدم الجزم من أدوات العنف والتخريب والارهاب لذات السبب، فانهم مخذولون ايضا من الجمعيات السياسية التي تدعي تمثيلهم وعلى رأسها «تجمع الوحدة الوطنية»، بسبب ضعف الرؤية وضعف الموقف، وعدم وجود رؤية استراتيجية لوضع الاولويات في التعامل مع «المعارضة اللاوطنية» او الولائية للمرجعيات الخارجية التي تبارك التخريب والتأزيم أو التعامل مع الضغوط الخارجية وبما يمثل موقف أهل الفاتح ككل.
{ ما معنى ان يمر عام بأكمله على ذكرى الخيانة، وشهور طويلة على تأسيس «تجمع الوحدة الوطنية» وليس هناك الى الآن رؤية سياسية استراتيجية للتجمع؟
ماذا يعني ان تدور اتصالات أو حوارات ربما تحت الطاولة بين أفراد في التجمع وآخرين في «الوفاق» بحسب ما يتم تسريبه، (في الوقت الذي يجب على التجمع أخذ موقف مبدئي حازم) من هذه الجمعية، بعدما ارتكبته من أخطاء وخطايا شنيعة في حق الوطن والشعب البحريني وأمنهما واستقرارهما؟
لماذا يحاول البعض، نتيجة انعدام الرؤية ربما، تقوية «الوفاق» وهي في عز فشلها وأزمتها، رغم الاسعافات الخارجية اقليميا ودوليا، بدل العمل على المزيد من مواقف (اضعافها)، كأن ما يحق «للوفاق» هو الاصل رغم بطلانه، أما الموقف القوي تجاهها من تجمع الوحدة الوطنية هو الظل أو الامتداد رغم وقوع الحق الى جانبه؟ لماذا لا توجد رؤية واضحة وموقف قوي ضد الضغوط الدولية المنحازة إلى معارضة التخريب والعنف؟
لماذا يدفع البعض في التجمع تجاه الضغط غير المدروس على الدولة في هذه المرحلة الخطرة، في الوقت الذي يجب الوقوف فيه معها وبقوة الموقف الثنائي ضد هذه المعارضة «اللاوطنية والتأزيمية والتخريبية»؟ بل كما قلنا يحاول البعض في التجمع ان يضع الاولوية في التمرد على الدولة فوق أولوية التمرد على المعارضة التخريبية؟
أين الرؤية في ذلك، وأين الموقف، وأين الاستراتيجية، في الوقت الذي تتعرض فيه البحرين لأخطر المخططات والاجندات ومحاولة اعادة تدوير أزمة الخيانة للوطن من أولها؟
{ البوصلة اليوم والمقياس اليوم والميزان اليوم، هو الوطن نفسه فقط، وهي البحرين نفسها والمصلحة الوطنية لها ولشعبها المخلص من كل الاطياف والطوائف، أما الخونة والعملاء واصحاب الأجندات الطائفية والتخريبية الذين يقودون الحراك الانقلابي الطائفي ويغسلون الادمغة ويستعبدون الارادات لأجندة طائفية، فإما ان يتوبوا ويرجعوا إلى حضن أمهم التي هي البحرين ويجعلوا الولاء لها فوق كل ولاء آخر، وإما ان يتم لفظهم ومعاملتهم حسب مواقفهم، والميزان في تلك المواقف هي البحرين نفسها، مصلحتها ومصلحة شعبها، وهويتها وعروبتها وامتدادها الخليجي، ومن يعمل نقيض ذلك فهو خائن لوطنيته ولمصلحة شعبه، ولا تنبغي مداهنته او الحوار معه مهما كانت الضغوط حتى يرجع عن غيه، والمقياس أيضا بين أبناء الفاتح أنفسهم هو الوطن وهي البحرين، ومن يضع مصالحه الضيقة فوق مصالح وطنه وشعبه، فانه يحتاج وبحسب مواقفه وأولوياته، التي لم يتم ترتيبها ربما، إلى ان يراجعه الابناء الآخرون الذين يعمل في وسطهم لتشتيت رؤاهم وتفتيت ارادتهم وتوجيه بوصلتهم في هذه المرحلة الزمنية الى غير المصلحة العليا للوطن والى غير الساحة الحقيقية للحرب ضد كل قوى التأزيم الداخلية والخارجية، التي تحتاج الى رص الصفوف خلف الدولة حتى يتم افشال الاجندات والمخططات فيما النقد البناء للدولة مستمر.
{ في النهاية الذي يعنينا اليوم تحديدا، هو كيف نفوت على التخريبيين والانقلابيين وداعميهم نجاح مخططاتهم التي تسعى إلى تكوين عراق آخر في البحرين؟
كيف تقوى قيادات الفاتح والهجمة على البحرين لاتزال مستمرة وبقوة داخليا وخارجيا؟
كيف تعبر الجمعيات السياسية الوطنية عن هواجس وتطلعات وطموحات ابناء الفاتح؟ كيف تنظم نفسها وكيف تُفعّل ارادتها وكيف تمثل قوة جبهة الفاتح كما يليق بتلك القوة؟ كيف يتم اتخاذ المواقف الضرورية وبقوة من قوى التخريب والتأزيم والعمالة، من دون الانجرار الى رؤاها التدميرية وان جاءت تحت سقف شعارات الديمقراطية والحرية والسلمية وغيرها من عناوين، تخبئ وراءها ما تخبئ؟ كيف ترتب صفوفها وأولوياتها وتبني رؤاها وتنشر الوعي والموقف المطلوبين بين كوادرها؟
{ ولأننا شديدو الثقة بنزاهة وشفافية الشيخ الدكتور «عبداللطيف المحمود» فإننا ومع اعتزازنا به كرمز وطني لأبناء الفاتح، فاننا نراهن في الاخير على صدق قلبه، وعلى ان الميزان والمقياس عنده هما الوطن نفسه وليس أي شيء آخر، وانه اليوم لذلك هو مطالب بتمثيل هواجس وتطلعات أهل الفاتح بالقوة التي تليق بهم في اطار رؤية سياسية استراتيجية واضحة، لا ثغرات فيها بخصوص الموقف من المعارضة التأزيمية.
وحيث لا مجال لتقويتها باتخاذ موقف الدفاع من هجوم مستمر ودائم تتخذه تلك المعارضة على أبناء البحرين الوطنيين، لتداري به أزمتها المفضوحة بعد انكشاف مخططاتها ووجهها الحقيقي، والا تحول موقف «الائتلاف» الى عامل اضعاف لجماهيره وتقوية لمعارضة انكشفت أوراقها التخريبية للوطن تماما. والمقياس في الموقف هو البحرين نفسها وليس أي شيء آخر.