قضايا و آراء
ربيع عربي أم ربيع غربي؟
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٤ فبراير ٢٠١٢
من منا لا يتوق إلى الحرية؟ من منا لا يبحث عن الديمقراطية ودولة القانون والعدالة الاجتماعية؟ من منا لا يرفض الفساد وفوارق الطبقات واستغلال موارد الدولة؟ من منا يرفض استقرار وطنه وان يعم السلام والأمن أرجاءه كافة وأن تسود العدالة والمساواة بين المواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات؟ هذه هي القواسم المشتركة التي ينادي بها الجميع، فلنتحاور مع بعضنا بعضا وأقصد هنا الناشطين في المجتمع المدني تحت مظلة واحدة وشعار واحد من أجل وحدة الوطن والمحافظة عليه وعلى استقلاله وسيادة أراضيه، وإعادة جسور المحبة والألفة بين طوائفه.
ومن غرائب التاريخ الحديث التي يجب أن نقف عندها ونتأمل نتائجها هو ما حدث في الصومال، فالصومال أول بلد عربي تحدث فيه ثورة شعبية ضد ديكتاتورية سياد بري في بداية ثمانينيات القرن الماضي وعندما سقط النظام سقطت الدولة وذابت معها جميع المقومات وتفتت المجتمع المدني إلى قبائل وأعراق وها هو الصومال اليوم مجرد أرض ضاعت معالمها تديرها عصابات ومافيات وقبائل انتشرت فيها المجاعة والأوبئة ودخلت في نفق لا نهاية له، لأنها احتكمت إلى السلاح ولجأت إلى التآمر على وطنها مع الأجنبي، فالفصائل المتصارعة، كان جزء منها محسوبا على اثيوبيا والآخر على كينيا وغيرهما مع اريتريا والقائمة تطول وأصبح الصومال الدولة ذات السيادة جزءا من الماضي، وأصبحت ثورته هي من أسوأ ثورات التاريخ الحديث.
وها هو العراق أصبح ممزقا مقسوما إلى ثلاث دويلات والولاء للأجنبي، وانتشر فيه الفساد والسرقات وتم بيع تاريخه العظيم بكل أسف بأبخس الأثمان، وأتمنى ألا يكون مثالاً نحتذي به.
والغريب في الأمر عندما قامت ثورات أوروبا الاشتراكية بدأتها بولندا ثم تلتها تشيكوسلوفاكيا فبلغاريا والمجر حتى سقوط سور برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي، لم تتشرف بمصطلح ربيع أوروبا الشرقية أو ربيع روسيا.
ولم تتحرك طائرات حلف الناتو لحماية المدنيين في يوغسلافيا عندما تناثرت حباتها ما بين صربيا والجبل الأسود وكوسوفو وكرواتيا والبوسنة والهرسك، ولم يكن هدف ذاك التدخل العسكري لحماية المسلمين كما يدعون ولا لفرض حقوق الإنسان أو حماية الأقليات بل كان ضمن إعادة خريطة الطريق لمنظومة أوروبية متكاملة استعداداً لعصر التكتلات الاقتصادية الذي نحن الآن بصدده.
ولا أدري إذا كان الربيع العربي كما أطلقت عليه الصحافة الفرنسية هو ربيع الشعوب في نيل حريتها وتطوير أركان الديمقراطية وحكم النظام الراشد، أم أنه ربيع أوروبي في حقيقته، لأن تقسيم سايكس بيكو عاد إلى المنطقة عبر تقاسم ثرواتها لمواجهة الأزمات المالية التي يعانيها القسم الغربي؟
ان ترسيخ مفاهيم الديمقراطية وأسس العدالة لا يكتمل إلا بالوعي السياسي والالتفات إلى ما يخطط لنا ولمستقبلنا ولأجيالنا القادمة.