الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


نحن وأبواب الشر الأمريكي

تاريخ النشر : الأربعاء ١٥ فبراير ٢٠١٢

السيد زهره



الدكنورة فايزة ابوالنجا وزيرة التعاون الدولي في مصر في شهادتها في التحقيقات في قضية تمويل المنظمات الاجنبية المثارة حاليا، قدمت اهم شهادة في القضية، وادق توصيف لموقف الولايات المتحدة الامريكية من الثورة المصرية.
شهادة الوزيرة التي نشرتها الصحف امس، تتلخص في ثلاث نقاط:
1- ان ثورة 25 يناير فاجأت امريكا، وخرجت عن سيطرتها بتحولها الى ثورة شعبية عارمة للشعب كله. ولهذا، قررت امريكا بكل السبل محاولة التحكم في مسار الثورة و«توجيهها» بما يخدم المصالح الامريكية والاسرائيلية.
2- ان احد اكبر الادوات الامريكية لمحاولة تحقيق هذا الهدف كان سلاح تمويل المنظمات الاجنبية والمصرية التابعة لأمريكا، لإثارة الفوضى في مصر.
3- ان وراء هذا كله ان امريكا لا تريد لمصر ان تصبح دولة ديمقراطية حقا، ولا تريد لها ان تستقر اوضاعها ولا ان تنهض كقوة كبرى في المنطقة لأنها تعتبر ذلك تهديدا للمصالح الامريكية والاسرائيلية.
هذا كما قلت توصيف دقيق وصحيح تماما للموقف الامريكي من مصر بعد الثورة.
وما قالته الوزيرة يعني مباشرة ان امريكا تتآمر على مصر لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار ولضرب أي امكانية للنهوض. وقد رأينا، على نحو ما عرضت قبل يومين للتطورات الاخيرة في قضية المنظمات الامريكية، كيف وصل التآمر الامريكي الى حد التجسس على مواقع عسكرية ومنشآت حيوية، والى حد وجود خرائط لتقسيم مصر الى دويلات تمهيدا بالطبع للترويج لهذا المشروع الخطير.
وكما قلنا مرارا من قبل، هذا النوع من التآمر الامريكي، والذي يعتبر تمويل افراد ومنظمات واقامة شبكة من العملاء في الداخل اداة كبرى لتنفيذ المخططات الأمريكية، ليس قصرا على مصر، وانما يشمل كل الدول العربية تقريبا.
وتعد البحرين، والمواقف الأمريكية ازاء التطورات فيها، هي المثال الأبرز في هذا المجال، بالاضافة الى مصر.
الأمر هنا باختصار شديد انه منذ ان بدأت الاحداث الطائفية في البحرين منذ عام، وحتى قبل ذلك في الحقيقة، وبغض النظر عن التفاصيل، وعن الاتفاق او الاختلاف حول بعض الافكار التي تطرح في تقدير الموقف الأمريكي، فالأمر المؤكد في كل الأحوال هو التالي:
1 - ان امريكا تدعم بشكل كامل القوى الطائفية التخريبية المعروفة في البحرين. تدعمها بكل سبل الدعم المعروفة.. ماليا وسياسيا واعلاميا. هي تدعمها وتدربها منذ سنوات.
وليس لهذا الدعم من معنى سوى ان امريكا تتبنى بهذا القدر او ذاك، المشروع الطائفي لهذه القوى.
2- وهذا الدعم والاحتضان لمشروع هذه القوى الطائفية يعني بدوره وصراحة ان امريكا في حقيقة الامر لا تريد امنا واستقرارا للبحرين، ولا تريد اليوم للبحرين ان تتعافى من ازمتها وتلم شمل ابنائها.
بعبارة اخرى، في حالة البحرين، الطائفية اصبحت اداة امريكية لتحقيق اهدافها السياسية والاستراتيجية في البحرين وفي منطقة الخليج عموما.
كما نرى، في حالتي مصر والبحرين، الخطر الأمريكي هو واحد تقريبا.
لقد سبق لي في مقال كتبته منذ فترة ان وصفت ما يحدث في البحرين فيما يتعلق بهذا الملف، أي فيما يتعلق بهذا الدعم الامريكي لجمعيات ومنظمات طائفية تخريبية وبعلاقات تحالف وتنسيق وتآمر فعلي مع عديد من الشخصيات في هذه الجمعيات والمنظمات.. وصفته بأنه «ابواب شر مستطير» يجب ان تغلق فورا.
وأحد الميزات الكبرى لما يجري في مصر منذ فترة بخصوص هذا الملف الخطير انه يقدم نموذجا لكيفية التعامل مع هذا الخطر الأمريكي، في البحرين واي دولة عربية اخرى.
وعلى ضوء الخبرة المصرية، فان المطلوب لسد ابواب الشر الامريكي هذه في البحرين، امور ثلاثة محددة:
1- يجب فضح كل مخططات امريكا، وفضح كل من هم متورطون معها في الداخل سواء كانوا منظمات او افراد.. فضح كل علاقاتهم وما يتلقونه من دعم امريكي، وكل صور التواطؤ بينهم وبين الامريكيين.
2- يجب محاسبة كل من تورط في هذا الملف بتلقي تمويل او باقامة علاقات سياسية مشبوهة مع جهات امريكية.. محاسبتهم بحكم القانون والقضاء.
3- على الصعيد السياسي والدبلوماسي، يجب الاصرار على ضرورة التزام السفارة الامريكية والمسئولين الامريكيين بالاعراف والتقاليد والقواعد الدبلوماسية المعروفة بعدم التدخل في أي شأن داخلي وعدم اقامة أي شكل من العلاقة مع أي منظمة او فرد من وراء ظهر الدولة.
وعلى ضوء هذا سبق لي ان طالبت، وما زلت عند رأيي، بأن يفتح مجلسا النواب والشورى هذا الملف الخطير، ويشكلوا لجنة لتقصي الحقائق في القضية بكل ابعادها.