الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


هل أبناؤنا يتعلّمون أم يتمدْرسون؟!

تاريخ النشر : الخميس ١٦ فبراير ٢٠١٢

جمال زويد



قبل حوالي أكثر من عشرين سنة، عندما كنت أعمل في وزارة التربية والتعليم؛ حضرت مؤتمراً تربوياً تعقده الوزارة بصورة سنوية لمدرّسيها بحسب المراحل التعليمية، وكان لافتاً في هذا المؤتمر بروز مصطلح جديد طرحه أحد المستشارين العرب العاملين بالوزارة آنذاك. المصطلح المقصود هو (ميكنة التعليم). بعض المدرّسين أخذ الكلمة بجدية واهتمام، لكن غالبيتهم ومعهم مسؤولين كبار بالوزارة صار هذا المصطلح عندهم محلاًّ للتندّر. ثم مضت التصريحات الإعلامية التي أعقبت هذا المؤتمر تزدان بـ (ميكنة التعليم) من حيث أساسيات تلك الميكنة ومتطلباتها ومهاراتها وما شابه ذلك حتى جاء المؤتمر الذي يليه ليظهر لنا بمصطلح جديد، وهو (سيرورة التعليم) لينال حظّه أيضاً من التندّر مثلما نال سابقه (ميكنة التعليم) كمصطلحات رنّانة وغريبة لم يعتدها بالذات العاملون في قطاع التدريس، ممن كانوا يكثرون من لوْم مسؤولي الوزارة على أنهم يفرضون متطلبات وواجبات وخطط من دون تشاور أو رضا ممّن هم في الميدان الفعلي لتطبيقها.
في الحقيقة تذكرت هذين المصطلحين وأنا أقرأ الرد الكريم والسريع من وزارة التربية والتعليم الذي نشروه في اليوم التالي على مقالتي المعنونة بـ (أيام التمدرس كافية) بتاريخ 10 فبراير 2012م . كنت قد بينت فيها أنه يمكن للوزارة في معرض تبريرها لفكرة تمديدها الدوام المدرسي أن تقول ان ذلك من أجل تطوير التعليم وزيادة فرص الاستفادة من الوقت، واعترضت على أنهم قد قالوا في أكثر من مرّة إن هنالك هدْراً وخسارة قدّروها إحدى المرّات بخسارة أبنائنا الطلبة ثلاث سنوات دراسية وانهم بحاجة إلى زيادة الدوام لتعويض شيئاً من هذه الخسارة!!
بيّنت في المقال سبب اعتراضي بأنه سبق للوزارة أن ردّت علينا عندما أثرنا موضوع الإجازات المسكوت عنها وقالت لنا آنذاك في شهر أكتوبر 2008م ان «أيام التمدرس الفعلية كافية، بل فيها فائض، حيث ذكرت في ردها علينا أنها حريصة على ألا يقل العام الدراسي عن (180) يوماً دراسياً تطبيقاً لنص المادة (11) من القانون رقم 27 لسنة 2005بشأن التعليم» وبالتالي ما دام هناك زيادة في الأيام الدراسية فلا حاجة بنا إلى الكلام عن خسائر سنوات دراسية.. إنه أمر منطقي.
ردّ الوزارة السريع على مقالي أراد - باختصار - أن يقول لنا: هنالك فرق بين أيام التمدّرس ووقت التعلّم!! وهو فرق حاولت - مع عدد من القراء الذين تواصلوا معي - أن أقتنع به فلم أستطع، هل الوزارة تريد أن تقول لنا ان التمدرس غير التعلّم؟! أو ان الأيام والوقت والساعات هي مفردات غير زمنية يمكن تعديلها وتعويض الزائد بالناقص هناك أو العكس؟!
سانحة:
أحد أولياء الأمور اتصل بي عندما نشرت مقالتي عن أن أيام التمدرس كافية، وقال لي: ما دامت الوزارة لديها أيام فائضة فلتملأها بالساعة (الزود) التي يريدون فرضها علينا وعلى أبنائنا. لكنه عندما قرأ ردّ الوزارة علينا حين قالت بالفرق بين التمدرس والتعلّم اتصل بي وطلب منيّ شرح هذا الفرق فاعتذرت له بأني أنا أيضاً لم أفهمه ! فردّ علي قائلاً : هل هذا مثل الفرق بين الاشتغال والانشغال؟!