أخبار البحرين
مجلس النواب يرد على «أخبار الخليج»:
ليس من الصواب القول إن مشروع التعديلات الدستورية يفتقد الأسس والمبادئ
تاريخ النشر : الأحد ١٩ فبراير ٢٠١٢
تلقت الصحيفة ردا من مجلس النواب حول ما نشر وعطفا على ما نشرته جريدتكم الغراء بتاريخ 17 فبراير الجاري تحت عنوان «مجلس النواب خالف لائحته واخطأ في إجراءات نظر التعديلات الدستورية»، وفيما يلي نص الرد:
جاء في المقال المذكور «أن مجلس النواب أخطا أثناء إجراءات نظر التعديلات الدستورية عندما ناقش في بداية الجلسة الأسس والمبادئ والموافقة عليها من عدمها، ففي التعديلات الدستورية لا توجد أسس أو مبادئ يتم التصويت عليها».
كما جاء في المقال انه لا يجوز للجنة الشئون التشريعية والقانونية طلب سحب التقرير لأن المادة (89) من اللائحة الداخلية لم تنص على ذلك، كما أن التعديلات الدستورية تتمتع بالسرعة اللازمة لإنجازها.
وتود الامانة العامة إيضاح الأمور التالية حول مشروع التعديلات الدستورية
من المعروف أن القواعد الدستورية تتميز بالسمو على غيرها من القواعد القانونية المطبقة في الدولة حيث يترتب على سمو الدستور أن النظام القانوني للدولة بأكمله يكون محكوماً بالقواعد الدستورية تغليباً لها عن غيرها وتوكيداً لسموها على ما عداها لتظل الكلمة العليا للدستور بإعتباره القانون الأساسي الأعلى الذي يرسي القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم.
ويعتبر مبدأ سمو الدستور من المبادئ المسلم بها حتى في حالة عدم النص عليه في صلب الوثيقة الدستورية، لذلك فإن المشرع الدستوري أحاط القواعد الدستورية بسياج من الحماية وميزها عن القواعد القانونية العادية. وبالنظر لما ترتبه من آثار مهمة على المجتمع ونظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لذلك ليس من الصواب القول إن التعديلات الدستورية تتميز بالسرعة، وانه يجب الانتهاء منها خلال خمسة عشر يوما سواء للجنة المختصة بدراستها أو بالنسبة لمجلس النواب عند مناقشتها أمام المجلس، لأن ذلك يعني انه على السلطة التشريعية ان تسلق هذه التعديلات سلقا وهو امر تأباه الوظيفة التشريعية التي تتسم بالاناة والدقة المتناهية، فإذا كان على المشرع أن يحيط التشريعات العادية العناية والاهتمام وأن يدرسها من كافة الجوانب، فإن ذلك يكون من باب أولى بالنسبة إلى التعديلات الدستورية التي ترسم مستقبل الامة. وبخلاف ذلك تكون السلطة التشريعية قد فرطت بامانة تمثيل الشعب، لذلك فإنه يتوجب عند تفسير النصوص الدستورية ملاحظة إن الأصل في هذه النصوص إنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من احكامها نسيجا متآلفا متماسكا، بما مؤداه ان يكون لكل نص منه مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان. فالأصل في النصوص الدستورية إنها تؤخذ باعتبارها مترابطة فيما بينها وبما يرد عنها التنافر والتعارض ويكفل اتساقها في إطار وحدة عضوية تضمها ولا تفرق بين اجزائها بما يجعل تناغم توجهاتها لازما. لذلك فإنه يتوجب عند تفسير الدستور ملاحظة الاعتبارات المذكورة.ولو امعنا النظر في دستور مملكة البحرين من حيث طريقة معالجته لموضوع المدد المختلفة، فإنه قد رتب على مرور بعض المدد آثاراً واضحة ومحددة لا تترك مجالا لأي تفسير ومثال ذلك:
1- المادة (35) من الدستور التي اعتبرت القانون مصدقا عليه إذا مضت ستة أشهر من تاريخ رفعه إلى جلالة الملك من مجلسي الشورى والنواب دون أن يرده إلى المجلسين لإعادة النظر فيه.
2- المادة (38) من الدستور التي رتبت اثراً واضحا على المرسوم بقانون في حالة عدم عرضه على كل من مجلسي الشورى والنواب خلال شهر من تاريخ صدوره إذا كانا قائمين أو خلال شهر من أول اجتماع في حالة الحل أو إنتهاء الفصل التشريعي.
3- المادة (64) من الدستور التي اوجبت في حالة حل مجلس النواب اجراء انتخابات للمجلس الجديد خلال مدة لا تجاوز اربعة أشهر من تاريخ الحل، وفي حالة عدم اجرائها يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية.
4- المادة (87) من الدستور اعتبرت أن عدم بت مجلس النواب خلال خمسة عشر يوما في المشروع ذي الصفة الاقتصادية الذي تطلب الحكومة نظره بصفة الاستعجال يؤدي إلى تحويله إلى مجلس الشورى بقوة الدستور. فجميع النصوص الدستورية المذكورة آنفاً رتبت آثارا قانونية واضحة ومحددة على مرور المدد الواردة فيها.
بينما هنالك العديد من النصوص الدستورية المتعلقة بالمدد والتي لم يرتب الدستور على مضيها أية اثار محددة والتي يجب أن تفسر على انها مدد تنظيمية استرشادية، وانه من الخطأ الفادح تفسيرها على انها مدد سقوط، مثال ذلك:
1-المادة (61) من الدستور ذكرت أن مجلس النواب يؤلف لجانه خلال الاسبوع الأول من اجتماعه السنوي.
فهل معنى ذلك أنه يترتب على عدم الالتزام بالمدة المذكورة سقوط حق المجلس في تشكيل اللجان، وهل يتصور انه يمكن للمجلس أن يعمل مدة دور انعقاد كامل بدون لجان لأنه خالف المدة المنصوص عليها في المادة المذكورة.
2-المادة (109/ب) من الدستور الزمت الحكومة بتقديم مشروع قانون الميزانية العامة للدولة إلى مجلس النواب قبل انتهاء السنة المالية بشهرين على الاقل. فلو فرضنا أن الحكومة تجاوزت المدة المذكورة وقدمت مشروع قانون الميزانية قبل انتهاء السنة المالية بشهر، فهل يجوز أن نتمسك بأن عدم الالتزام بالمدة الدستورية معناه سقوط مشروع الميزانية العامة للدولة وتبقى الدولة دون ميزانية مدة عام كامل. لاشك ان الجميع يدرك خطورة مثل هذا التفسير على الدولة والمجتمع عموماً.
3- المادة (113) من الدستور التي نصت على إن الحساب الختامي للدولة يجب أن يقدم إلى مجلس النواب خلال الأشهر الخمسة التالية لانتهاء السنة المالية. والسؤال هو ماذا لو لم تلتزم الحكومة بهذه المدة وقدمت الحساب الختامي بعد ستة أشهر أو أكثر هل يعني ذلك أن مجلس النواب سيمتنع عن مناقشة الحساب الختامي لانه قدم خارج المدة القانونية؟ أن هذا لأمر يأباه المنطق القانوني السليم.
خلاصة القول أن جميع المدد الواردة في الدستور واللائحة الداخلية التي لم ينص المشرع بصورة واضحة ومحددة على النتائج المترتبة على مرورها تبقى مدد تنظيمية استرشادية لايجوز أن يترتب أي بطلان على مرورها لانه لا بطلان دون نص صريح.
اما فيما يتعلق بالمبادئ والأسس لمشروع التعديلات الدستورية فنقول إن أي مشروع سواء أكان متعلقا بالدستور ام بالقوانين العادية لابد أن يقوم على مجموعة من المبادئ والأسس التي تبين المبررات الداعية إليه والاهداف التي يسعى إلى تحقيقها، لذلك فإن مشروع التعديل الدستوري لابد أن يشير إلى الأسس والمبادئ التي يقوم عليها والاهداف التي يبتغيها.
وقد نصت المادة (87) من المرسوم بقانون رقم (54) 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب على انه «يخطر رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس النواب بالإرادة الملكية بطلب تعديل الدستور طبقا للمادتين (35) و(120) منه. ويجب أن يتضمن الطلب تحديد مواد الدستور المطلوب حذفها أو اضافتها أو المطلوب تغيير أحكامها وأن يرفق بطلب التعديل بيان بالمبررات الداعية إلى ذلك....».
ثم ذكرت المادة (88) من اللائحة الداخلية إن لجنة الشؤون التشريعة والقانونية يجب أن تضمن تقريرها رأيها في مبدأ التعديل وصياغة مشروع المواد المقترح تعديلها أو اضافتها في حالة موافقتها على مبدأ التعديل.
وأمام وضوح النصوص المذكورة بوجوب أن يتضمن مشروع تعديل الدستور المبادئ والمبررات الداعية إلى التعديل وضرورة أن تبين اللجنة رأيها في مبدأ التعديل قبل بيان رأيها في المواد المقترح تعديلها. والتزاما بالنصوص المذكورة.
فقد تضمن مشروع تعديل الدستور الاشارة إلى المبادئ التي يقوم عليها والاهداف التي يسعى إلى تحقيقها حيث جاء في رسالة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء الموقر باحالة مشروع التعديلات الدستورية ومذكرته التفسيرية إلى مجلس النواب «... ولقد اوضحت المذكرة التفسيرية الملحقة بالتعديلات كافة الاهداف والمبررات الداعية إلى التعديلات المقترحة».
ثم بينت المذكرة التفسيرية لمشروع التعديلات الدستورية بوضوح المبادئ والأسس التي يقوم عليها مبدأ التعديل حيث جاء الفرع الأول تحت عنوان «الاهداف التي قامت عليها التعديلات الدستورية».
وتمثلت الاهداف التي قامت عليها هذه التعديلات في الأمور التالية:
أولاً: زيادة مظاهر النظام البرلماني في نظام الحكم.
ثانياً: إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يحقق مزيداً من التوازن بينهما.
ثالثاً: إعادة تنظيم كل من مجلس الشورى والنواب بما يعطي دوراً أكبر لمجلس النواب ويحقق الاختيار الأمثل لأعضائهما.
لذلك فأنه ليس من الصواب القول إن مشروع التعديلات الدستورية يفتقد إلى الأسس والمبررات الداعية إلى إجراء هذه التعديلات، والاهداف التي تروم تلك التعديلات إلى تحقيقها، فهذه المبادئ والمبررات والاهداف من الوضوح بحيث لا تخفى على كل ذي بصيرة، وقد التزمت لجنة الشئون التشريعية والقانونية بحكم المادة (88) من اللائحة الداخلية للمجلس عندما ضمنت تقريرها رأيها في مبدأ التعديل، ومن ثم يكون لزاماً على المجلس أن يصوت على توصيات اللجنة بشأن مبدأ التعديل قبل أن ينتقل إلى مناقشة مواد التعديل.