في الصميم
حاشا لله أن يستهين مجلس النواب بالدستور!
تاريخ النشر : الأحد ١٩ فبراير ٢٠١٢
لطفي نصر
من المستبعد أن يكون مجلس النواب الموقر قد استهان بالدستور وتعديلاته عندما تعامل مع «أبو القوانين» كما يتعامل مع أي مشروع قانون عادي.. أقصد بالضرورة عندما سمح هذا المجلس الكبير لنفسه بأن يناقش ما يطلق عليه «مبادئ وأسس المشروع» رغم انه لم تكن أمام المجلس لا مبادئ ولا أسس حتى يناقشها.. ولكن يبدو انه التعود والتقليد وعدم الدراية الكاملة بمقتضيات المادة (89) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب التي نصت على أن «يتلى تقرير لجنة الشئون التشريعية والقانونية حول التعديلات المطروحة ثم يعرض التقرير للمناقشة» ولم تأت هذه المادة الواضحة بأي سيرة عن مسألة المبادئ والأسس لا من بعيد ولا من قريب.. فلو كانت هذه المادة الواضحة والصريحة قد أرادت أن تكون هناك مبادئ وأسس يجب طرحها للتصويت – كما حصل – لما تردد المشرع في ذلك أبدا.
فهل المجلس أخطأ؟!
الحقيقة لو كان هناك خطأ قانوني واحد لكنا قد لذنا بالصمت.. ولكن للأسف الشديد هناك خطأين!
والخطأ الثاني – من وجهة نظرنا – عندما طالب النائب الأول لرئيس المجلس ورئيس اللجنة التشريعية والقانونية, وعندما طالب المجلس الموقر بكل نوابه وعن بكرة أبيه من خلال مداخلاتهم بسحب تقرير اللجنة التشريعية وإعادته إليها من جديد لمزيد من البحث والتمحيص.. ولما كان ما بني على باطل فهو باطل.. فللأسف الشديد, فإننا ومن سألناهم نرى أن قرار مجلس النواب بإعادة التقرير إلى اللجنة الموقرة مدة شهر كامل يعد باطلا!
والصحيح هو أن المادة 89 نفسها من اللائحة الداخلية لمجلس النواب لم تتضمن أي عبارة تفيد أحقية رئيس اللجنة أو غيره في سحب تقرير اللجنة, إذ لو أراد المشرّع ذلك لنص عليه صراحة وحدد للجنة ميعادا لإعادة تقديم التقرير الى المجلس ليحدد جلسة خاصة لنظر التشريع.
الحقيقة أن المجلس بأكمله ربما يكون لم ينتبه إلى هذا الخطأ.. ولست أجاملهم إن قلت إنهم جميعا يغفر لهم هذا الخطأ, ذلك أن التعامل مع التعديلات الدستورية أمر نادر الحدوث.. ولكن اللوم يجب أن يوجه إلى السادة المستشارين الموجودين بالجلسة الذين كان يجب عليهم تنبيه الرئيس والمجلس بأكمله إلى هذه النقطة.. فهذه هي مهمة المستشارين الأساسية.. أقصد مهمة التنبيه قبل الوقوع في الأخطاء والثغرات.. والكل يشهد أن أداءهم مشرف في هذه المهمة طوال الفترة الماضية من عمر المجلس.
اتصل بي النائب المحترم الأستاذ خميس الرميحي مقرر مشروع تعديلات الدستور.. وقال إن ما ذكرناه نحن في «أخبار الخليج» خطأ.. وكل ما فعله مجلس النواب صحيح وان تفسير المجلس للمادة (89) يختلف عن تفسير «أخبار الخليج» لها!
أود أن أقول للأخ الفاضل خميس الرميحي نحن في «أخبار الخليج» بوصفنا نعمل في الصحيفة الأعرق على أرض المملكة.. وبوصفنا ممن يؤدون مهمة متابعة نشاط وجلسات المجلس بحرفية عالية.. ولكوننا صحفيين مهنيين من ذوي الخبرات الطويلة.. فإننا نلجأ الى سبر أغوار كل ما نقوم به على الدوام.. وقد لجأنا في هذا الموضوع الذي نحن بصدده الى أساتذة القانون الدستوري في مصر والبحرين وتوصلنا الى هذه النتيجة التي نشرناها.. وعندما يكون هناك خلاف في الرأي فيقيننا أن الخلاف لا يفسد للود قضية.. كما ان الخلاف مستحب ويسهم بكل تأكيد في إثراء وتأصيل أي موضوع.. واذا كنا قد أخطأنا أو نسينا – ولا نظن ذلك – فنحن بشر مثلك.. ونسأل الله ألا يؤاخذنا.. فهات ما عندك كما وعدت!
والحقيقة نتمنى ان نكون قد أخطأنا في جدنا واجتهادنا لسبب واحد وهو ان هذا الأمر سيكلف المجلس ويكلفنا معه الكثير, ولأن ما توصلنا اليه سيترتب عليه بطلان قرار إعادة التقرير الى اللجنة التشريعية.. ثم يترتب عليه عقد جلسة أخرى للمجلس.. الأمر الذي يتطلب منا نحن أيضا – محرري «أخبار الخليج» - حضور الجلسة الجديدة وتكبدنا المزيد من التعب والمعاناة!
***
استمعت الى البرنامج الذي بثته قناة الـ «بي بي سي» عن الأحداث في البحرين مؤخرا.. والحقيقة كان هذا البرنامج هو مجرد تمثيلية سخيفة سبق الإعداد لها والترتيب لسيناريوهاتها ونتيجتها وقراراتها وحبكتها, وهذا هو ما دأبت عليه هذه القناة التي عودت العالم كله أن تكون منحازة على الدوام, ولا أملك الا أن أقول شكرا لأستاذتنا القديرة سميرة رجب التي أبلت بلاء حسنا رغم كيد الكائدين.
ولم ننته من قناة الـ «بي بي سي» حتى جاءت قناة «أون تي في» المصرية بعد البرنامج المشار اليه بيومين.. عندما بدأت ببث ما يوحي بوجود حرائق واضطرابات واشتباكات على أرض البحرين.. ثم دعت الأستاذ جمال فخرو النائب الأول لرئيس مجلس الشورى للتعقيب عبر الهاتف.. ثم عمدت هذه القناة الى تشويه الصوت الى الدرجة التي لم نستمع معها الى كلمة واحدة صحيحة مما قاله الأستاذ الكبير جمال فخرو وهو العادل والقدير في طرحه الوطني على الدوام.