الجريدة اليومية الأولى في البحرين


يوميات سياسية


الفاتح يوم البحرين العظيم

تاريخ النشر : الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٢

السيد زهره



21 فبراير، يوم لا ينسى في تاريخ البحرين كله.. احد اكبر ايام البحرين العظيمة.
في هذا اليوم، قبل عام من الآن، وقع زلزال وطني في البحرين.. وكما هو الحال مع كل الزلازل، لا احد توقع وقوعه.. والحال بعده ليس كما كان قبله ابدا.
نذكر جميعا كيف كان حال البحرين قبل ذلك اليوم.
يومها، كانت البحرين تقف على اعتاب المجهول.. لا احد يعرف ما الذي سوف يحدث وأي مصير ينتظر الوطن.
يومها، كان الخوف هو سيد الموقف في البلاد.
يومها، بدا لوهلة كما لو ان قوى التمرد الطائفي قد دانت لها السيطرة، وبدت الدولة ضعيفة ومترددة وحائرة ولا تعرف ماذا عليها ان تفعل بالضبط.
يومها، بدا لوهلة كما لو ان البحرين بنظامها ومنجزاتها التي كافحت من اجل تحقيقها عبر عقود طويلة من الزمن على وشك السقوط.
يومها، بدا لوهلة كما لو ان ساحة البحرين كلها قد ضاقت واصبحت خالية تماما إلا من قوتين.. الطائفيين بمشروعهم الانقلابي العنصري الحاقد ووراءهم قوى اجنبية تدعمهم وتتواطأ مع مشروعهم.. والدولة بحيرتها وترددها.
كان هذا هو حال البحرين في اليوم السابق للحادي والعشرين من فبراير.
فجأة، بلا مقدمات وقع الزلزال.. وقع ما لم يخطر ببال احد، وما لم يرد بحسبانه.
فجأة، وجدنا انفسنا وجها لوجه امام مشاهد تاريخية ما كنا نتصور اننا سوف نشهدها في البحرين.
.. الوف مؤلفة، آتية من كل انحاء البحرين سدت الطرقات والشوارع متوجهة الى ساحة الفاتح.
.. الوف من الاسر خرجت من بيوتها بكهولها ورجالها ونسائها وشبابها واطفالها تجتاز الطرقات في طريقها الى ساحة الفاتح.
.. فجأة، ووسط ذهولنا بالمعنى الحرفي للكلمة، وجدنا مئات الالاف وقد احتشدوا وضاقت بهم ساحة الفاتح.. يرفعون اعلام البحرين.. يهتفون بحب البحرين وقيادتها.. لا يرفعون أي شعار طائفي، بل يهتفون بوحدة الوطن وابنائه.
من اين اتى هؤلاء؟.. أي قوة جبارة هذه التي اخرجت هؤلاء من بيوتهم، مع ان اغلبيتهم الساحقة لم ينشغلوا يوما بالسياسة وقضاياها؟.. أي سر بالضبط يمكن ان يفسر لنا وللمؤرخين بعدنا هذا الزلزال في ذلك الوقت بالذات؟
لا احد يستطيع ان ينسب إلى نفسه الفضل فيما جرى في ذلك اليوم العظيم. حتى الدكتور عبداللطيف المحمود والذين دعوا الى تجمع الفاتح في ذلك اليوم فوجئوا كما فوجئت البحرين كلها بذلك الحشد العظيم.
للمؤرخين وعلماء الاجتماع والسياسة ان يتوقفوا طويلا امام ما حدث ذلك اليوم، ويحاولوا ان يجدوا له تفسيرا.
لكن المؤكد ومن حيث المبدا ان اهل الفاتح هؤلاء اتوا بداية من رحم التاريخ والحضارة.. تاريخ وحضارة البحرين والامة العربية عامة.. في تاريخ الشعوب، لا يحدث زلزال من هذا النوع من فراغ.. لا يمكن ان يحدث لولا ان له جذورا عميقة في تاريخ الاوطان والشعوب وحضارتها.
.. الأمر المؤكد ان هؤلاء خرجوا في ذلك اليوم المشهود من بيوتهم بدافع الخوف على الوطن، وبدافع الحب العظيم للوطن.
هذه لحظة من اللحظات المشهودة في تاريخ الشعوب التي تشاء الظروف ان تكشف فيها الشعوب فجأة عن مكامن قوتها وعظمتها، وتؤكد فيها انها هي التي تصنع التاريخ.
في 21 فبراير عام 2011، صنع اهل الفاتح تاريخا جديدا للبحرين.
الذي حدث في ذلك اليوم ببساطة شديدة ان اهل الفاتح وضعوا خطا احمر، وقالوا لكل من يعنيهم الامر في داخل البحرين وخارجها: هذا الخط ليس مسموحا تجاوزه.
اما الخط الاحمر الذي وضعوه فهو: قيادتنا ونظامنا، وثوابتنا الوطنية، واستقلالنا وعروبتنا، ووحدتنا الوطنية.
وحين وضعوا هذا الخط الاحمر، كانت هذه هي نقطة التحول الفارقة في الاحداث وفي تاريخ البحرين برمته.
في ذلك اليوم بالذات، تم دفن مشروع الانقلاب الطائفي على الدولة والمجتمع ومواراته الثرى.
لا نحسب ان من المبالغة في شيء القول إن ما حدث في ذلك اليوم هو الذي انهى تردد الدولة وبدد مخاوفها وجعلها اكثر ثقة بشعبها واكثر حسما. ولا نحسب من المبالغة في شيء ان ما حدث في ذلك اليوم كان عاملا حاسما جعل دول مجلس التعاون والدول العربية عامة تحزم امرها وتقرر الدفاع عن البحرين بحسم وبلا تردد.
الشيء العجيب والمذهل حقا ان اصحاب مشروع الانقلاب الطائفي ما زالوا حتى يومنا هذا يكابرون ويتظاهرون انهم لم يستوعبوا درس الفاتح او يفهموه. ما زالوا يتصورون انهم وحدهم في الساحة او انه ما زال بمقدورهم ان يفرضوا مشروعهم الطائفي المقيت.
لو ان احدا يريد ان يقدم لهؤلاء نصيحة مخلصة حقا، فهي التالية:
افيقوا.. افيقوا. عهد مشروعكم الطائفي انتهى الى غير رجعة منذ الحادي والعشرين من فبراير عام .2011
افيقوا.. افيقوا.. ما دام في البحرين اهل للفاتح، فلن تمروا.. لا يمكن ان تمروا بمشروعكم.. لا يمكن وليس مسموحا ان تجتازوا الخط الاحمر الذي رسمه اهل الفاتح في ذلك اليوم العظيم.