راصد
ثورة الفاتح
تاريخ النشر : الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٢
جمال زويد
في مثل هذا اليوم من العام الماضي تفجّرت في البحرين ثورة تختلف عن بقيّة ثورات الشعوب، وليس لها ما يماثلها في ثورات الربيع العربي التي انبثقت آنذاك في عدد من بلدان الوطن العربي. الثورة التي أقصدها نجحت في قلب المعادلة السياسية وحفظت وطننا الغالي من أتون الفوضى ومغبّة الاختطاف أو الارتهان لعامل خارجي أو طائفة بعينها، وبدلاً من أن تسقط النظام قامت هذه الثورة بتثبيته وتجديد الولاء لقادته وإعادة الهيبة إلى سلطاته.
الثورة التي أعنيها هي انتفاضة المكوّن الرئيسي في المجتمع (أهل السنة والجماعة) واعتراضه على استمرار تهميشه أو عدم الاعتراف بوجوده أو نزع حقّه في المشاركة أو حتى التشاور معه حول أية إصلاحات سياسية تخصّ نظام الحكم وسلطاته في البحرين. وهي الانتفاضة التي أخرجته آنذاك عن بكرة أبيه حينما بلغ السيل الزبى وجعلته ? عبر مئات الآلاف من أبنائه الذين احتشدوا تحت مظلّته في مركز الفاتح والساحات المحيطة به ? يصرخ أو يزأر: نحن هنا.. وليس من حقّكم أن تقرروا مصير البلد ونظامه وحدكم.
كان خروج هذه الحشود مجتمعة في الفاتح قد حمِلَ في طياته رسائل شديدة المعنى إلى من كانوا يعتصمون ويتظاهرون ويطالبون ويتكلّمون باسم الشعب ظنّاً منهم أن هذا الوطن ليس فيه غيرهم، أو لا يوجد فيه من يستطيع أن يتظاهر ويتجمّع وينادي بمطالب وإصلاحات غيرهم. رسائل أخرى وصلت أيضاً إلى من يتواطأ من الخارج أن في البحرين مكوّنات مجتمعية أخرى لم تكن راضية عما حدث ولا تؤيد إسقاط النظام، وترفض الزجّ بالبلاد في أمور أخرى نيابة عن أهلها.
في مثل هذا اليوم من العام الماضي أفاق الإعلام على هدير جموع أخرى في البحرين، كان الظنّ في قنوات الإعلام ووسائله أنهم غير موجودين أو لا يمثّلون شيئاً أو لا يحملون القوّة على إثبات وجودهم والتعبير عن حقّهم ورأيهم ؛ فإذا بهم يصدمون (الميديا) بحجمهم وصاروا يصفونهم بأنهم المارد الذي صحا في أرجاء البحرين على وقع أحداث كادت أن تخطف البلد أو تحرفها عن تاريخها وهويتها ومحيطها وعمقها.
لا يمكن أن تنسى الذاكرة البحرينية هذا اليوم لأن ما بعده غيّر فكر وتوجهات الناس وبدّل وعيهم الجمعي وغرس فيهم حب الوطن والخوف عليه وأكبَر عندهم مسألة الانتماء إليه والدفاع عنه والعمل على نصرته ومسؤوليتهم عنه بصورة غير مسبوقة. الناس بالفعل تغيّرت في البحرين، كبيرهم وصغيرهم، رجالهم ونساؤهم. وعقارب الساعة لم تعد تستطيع أن تقف في مكانها مثلما لايمكنها العودة إلى الوراء.
سانحة:
مع كامل الاحترام وأبلغ التقدير للجميع؛ ثورة الفاتح التي سنحيي اليوم ذكراها السنوية الأولى ليست ماركة مسجلة لأحد، وليست ملكاً خاصا بجمعية المنبر الإسلامي أو جمعية الأصالة أو جمعية تجمع الوحدة الوطنية أو صحوة الفاتح أو غيرهم. هي للبحرين، كلها، ولأجلها. وحرام علينا أن نضعف هذه الثورة لأسباب واهية نحسب أن الوطن قد تجاوزها ولا يحتاج إليها في محنته وظرفه الراهن، مرحلة الصراعات والانقسامات والحسابات الضيقة وما شابهها انتهت أو يجب أن تنتهي، فما عاد الزمان ولا المكان يحتملها. أخيراً، أكبرت في شباب صحوة الفاتح أنهم لم يضعوا في إعلاناتهم اسمهم كجهة منظمة وداعية إلى تجمع الفاتح اليوم.