الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

في ندوة مهمة
د. عبدالغفار: التبادل التجاري بين البحرين وبريطانيا 337 مليون دولار

تاريخ النشر : الأربعاء ٢٢ فبراير ٢٠١٢



أكد د. محمد عبدالغفار مستشار جلالة الملك المفدى ورئيس مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة أن العلاقات البحرينية - البريطانية في عهد المسيرة الاصلاحية بالبحرين تتميز بالتوافق على استراتيجية عامة للتعاون في مجالات أمن البحرين والأمن الإقليمي في منطقة الخليج العربي، مشيرا الى المصالح المتبادلة حيث إن حجم التبادل التجاري بين البحرين وبريطانيا قد بلغ نحو 337 مليون دولار عام .2010
من جانبه أشاد السفير البريطاني لدى مملكة البحرين السيد إيان لينزي بمبادرات الملك الاصلاحية، مؤكدا رفض بريطانيا للتدخلات الإيرانية في شئون البحرين.
جاء ذلك في افتتاح ندوة «العوامل الخارجية المؤثرة في العلاقات البحرينية - البريطانية» التي بدأت أعمالها أمس في البحرين.
(التفاصيل)
احتضنت أمس البحرين فعاليات الندوة النقاشية التي تحمل عنوان «العوامـل الخارجية المؤثـرة في العـلاقات البحرينـية البـريطانية: آفـاق التعـاون عبر الأقاليم» والتي ينظمها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة بالتعاون مع المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية والأمنية.
وقد ألقى الدكتور محمد عبدالغفار مستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية رئيس مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة كلمة قال فيها: إن الهدف الأساسي لهذه الندوة الحوارية «العوامل الخارجية المؤثرة في العلاقات البريطانية البحرينية آفاق التعاون عبر الأقاليم» هو فتح آفاق المناقشة الجادة والتحليل الدقيق لقضايا تتعلق بالعلاقات البحرينية - البريطانية وخاصة في مجالي الأمن والدفاع والتعمق في دراسة أسباب المتغيرات الاستراتيجية التي تؤدي تفاعلاتها المعقدة إلى تغيير جزء لا يستهان به من خريطة العالم العربي، بالإضافة إلى الدور المتنامي لأقاليم أخرى مثل الشرق الأقصى وجنوب شرق آسيا في قضايا التجارة والاقتصاد وأمن الخليج العربي.
وأضاف أن العلاقات الثنائية بين بريطانيا والبحرين جاءت ضمن إطار العلاقات التاريخية بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي تعود في جذورها إلى بدايات القرن التاسع عشر حيث أبرمت بريطانيا معاهدة تاريخية مع حكام المنطقة عام 1820 لتحقيق مفهوم «السلم البحري» وتنظيم حركة الملاحة والتجارة، وفتحت تلك المعاهدة المجال أمام بريطانيا لتصبح قوة مؤثرة في القضايا المتعلقة بأمن الخليج العربي فترة طويلة.
وقال الدكتور محمد عبدالغفار إنه في أواخر القرن التاسع عشر تبوأت البحرين موقع الصدارة في النشاط الملاحي باعتبارها إحدى أهم محطات التبادل التجاري في المنطقة، كما دعمت المملكة المتحدة حركة الإصلاح والتحديث التي بدأها الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين آنذاك، بدعم من النخبة الوطنية البحرينية، وإن كانت بعض الرؤى بينهم وبين المسؤولين البريطانيين قد تباينت فيما يتعلق بأنماط التحديث، وخاصة في القضايا التي تمس جوانب من سيادة البحرين.
وقال انه مع مطلع القرن العشرين حدثت متغيرات اقليمية ودولية أدت إلى تهيئة بيئة مواتية للإصلاح والتحديث، ولذلك فإنها مثلت حقبة فاصلة في تاريخ البحرين الحديث وجاءت بعد ذلك مراحل تاريخية شهدت البلاد فيها مزيداً من التحديث والإصلاح الذي جاء كنتيجة لتراكم الخبرات والتجارب لدى مؤسسات الحكم في مجالات التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
واستطرد يقول «يمكن القول إن عجلة الإصلاح بلغت ذروتها في عهد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي أدرك من خلال وعيه الوطني عمق حركة التحديث والتغيير في تاريخ البحرين منذ نهايات القرن التاسع عشر، فأطلق مشروعه الإصلاحي القائم على تعميق بنية الدولة المدنية التي أرسيت قواعدها في عهد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة وتعزيز مؤسسات الديمقراطية لتشكل بدورها دعائم دائمة لمملكة دستورية تواكب احتياجات البحرين في مطلع القرن الحادي والعشرين مع ضرورة التدرج في تحقيق الإصلاح وتقدير سرعة وتيرته ومراعاة متطلبات التطور السياسي في دول مجلس التعاون الأخرى.
وقال الدكتور محمد عبدالغفار: إنه في غضون المسيرة الإصلاحية الجديدة بالبحرين تميزت العلاقات بينها وبين بريطانيا بالتوافق على استراتيجية عامة تتمثل في التعاون في مجالات أمن البحرين والأمن الإقليمي بمنطقة الخليج العربي وإن تباينت الآراء بين الفينة والأخرى حول بعض القضايا، مضيفا انه لا غرابة في وجود مثل ذلك التباين أو الاختلاف إذ إن المراحل الفاصلة في تاريخ الأمم تأتي نتيجة لمتغيرات عميقة تعصف بأسس الوضع الراهن وتؤثر على طبيعة العلاقات بين الدول مما يتطلب تنوعاً في الآراء، ويقتضي التحلي بالحنكة السياسية وبعد النظر لمعالجة أنواء هذه التحولات التي لا يمكن اعتبار متغيراتها بأنها ناعمة بل هي هوجاء مضطربة.
ورأى أن الذاكرة التاريخية الممتدة لدى العديد من ساسة البحرين ومنطقة الخليج العربي تدفعهم إلى الشعور بالقلق من احتمال أن تلقي الضغوط السياسية الناتجة عن الأحداث الراهنة بظلالها أو أن يؤثر عدم التحلي ببعد النظر لدى البعض سلباً في مستوى العلاقات القائمة على أسس تاريخية ومصالح مشتركة مضيفا انه ليس من المبالغة أن نقول ان مشاعر القلق هذه انتابت الكثير من أهل هذه المنطقة بحيث إنه أصبح من المهم عقد جلسات حوارية يشارك فيها الساسة والدبلوماسيون لتوضيح وجهات النظر والعمل على ضبط إيقاع العلاقات في زمن أصبحت متغيراته عميقة.
وقال مستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية رئيس مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة في كلمته إن العلاقة بين المملكة المتحدة ومملكة البحرين قامت على توافق عام تجاه المهددات المشتركة في منطقة الخليج العربي. ويفرض تسارع الأحداث تعزيز الحوار، ودعم جهود التعاون بين مراكز الفكر ومؤسسات البحث، وذلك بهدف دراسة المتغيرات الإقليمية والدولية، والوقوف على أسبابها العميقة، وتبادل الآراء في أجواء علمية فكرية خارج البوتقة الرسمية، وذلك لدعم صناعة واتخاذ القرار، مشيرا إلى انه لا بد أن تقوم الرؤية الجديدة على فهم طبيعة المتغيرات التي طرأت منذ إبرام معاهدة الصداقة والتعاون بين بريطانيا والبحرين عام 1971 حتى اليوم.
وقال إن البحرين وسائر دول مجلس التعاون حققت إنجازات كبيرة في مجال التنسيق والتعاون منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981، وهي تسير في خطى وئيدة نحو تحقيق الاتحاد، معتمدة على رصيد نجاحها في مجال التنمية البشرية واهتمامها بإعداد كوادر وطنية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال نجاح هذه الطاقات البشرية في حسن إدارة رأس المال وقدرة هذه الدول على مواجهة مهددات الأمن الإقليمي في العقود الأربعة الماضية.
واضاف انه نظراً إلى قيام دول مجلس التعاون بتعزيز مفاهيم التعاون الإقليمي فقد أصبحت العلاقات الثنائية بين البحرين وبريطانيا ذات أبعاد مشتركة مع دول المجلس الأخرى التي تشكل نظاماً إقليميا راسخاً حيث تنتج دول المنطقة أكثر من 30 في المائة من احتياجات النفط العالمية و14 في المائة من إنتاج الغاز العالمي، وتتوقع الدراسات الأخيرة في مجال الطاقة أن يتضاعف الطلب العالمي على النفط بنحو 50 في المائة بحلول عام .2030
وقال إن إحصائيات البنك الدولي لعام 2011 تشير إلى أن البنية الاقتصادية لدول مجلس التعاون كانت الأقل تأثراً بالأزمة المالية بين دول العالم، حيث مكنتها إيرادات النفط من تجاوز هذه الأزمة من دون خسائر كبيرة كالتي تعرضت لها الأسواق الأوروبية والآسيوية، فقد ارتفعت نسبة النمو الاقتصادي في هذه الدول من 4,2% من عام 2010، إلى 5% عام 2011، ودفع ذلك بالبنك الدولي إلى اعتبارها أقل مناطق العالم تصنيفاً من حيث المخاطر على الأداء الاقتصادي، والثالثة على مستوى العالم من حيث المستوى التجاري والجيوسياسي، ولا تزال المنطقة تحتوي على نحو 55% من احتياطي العالم من النفط، و40% من الغاز الطبيعي.
وأوضح أن دول الخليج العربي تعتبر سابع أكبر مستورد للبضائع البريطانية؛ حيث بلغت قيمة البضائع البريطانية المصدرة في العام الماضي نحو 15 مليار جنيه استرليني، وهو رقم يفوق ما تصدره المملكة المتحدة للهند والصين معاً، وبلغ نصيب البحرين من مجموع قيمة التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون والمملكة المتحدة عام 2010 نحو 337 مليون دولار.
واضاف انه نظراً إلى العلاقات التاريخية الوطيدة بين بريطانيا ودول المجلس، وما تقدمه هذه الدول من مناخ استثماري آمن؛ فإن بعض المصادر تتحدث عن وجود نحو 160 ألف مواطن بريطاني يقيمون ويعملون في دول مجلس التعاون الخليجي، في حين تقدر قيمة الاستثمارات الخليجية في المملكة المتحدة بنحو 2,25 مليار دولار في أسواق العقارات، والخدمات المصرفية ومشاريع البنية التحتية.
وقال الدكتور محمد عبدالغفار ان دول مجلس التعاون قطعت شوطاً كبيراً في مجال التكامل الأمني والتعاون العسكري من خلال التأسيس لمفهوم «الدفاع الخليجي المشترك»، وتجسدت تلك الفكرة في قمة المنامة عام 2000، والتي أقرت فيها معاهدة دفاع مشترك تلتزم فيها دول المجلس بالدفاع عن أي دولة عضو تتعرض لتهديد أو خطر، وفي ضوء هذا الاتفاق خطى التعاون العسكري خطوات مهمة قائمة على أسس ومرتكزات واضحة، آخذة في الحسبان الإمكانيات المتاحة، والمتطلبات الدفاعية، وحجم ومصادر التهديد، واتفقت دول مجلس التعاون في اجتماعها الأخير على تأسيس مركز إقليمي بحري عسكري مشترك تناط به مسؤوليات متعددة تتعلق بأمن البحار، والبيئة البحرية، والمرور الحر، وإنقاذ السفن، والتعامل مع الكوارث، وكل ما يتعلق بأمن الخليج العربي.
وأضاف انه من خلال وضع أولى لبنات التعاون الثقافي والفكري بين مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، والمعهد الملكي للدراسات الأمنية والدفاعية )ISUR) فإننا نأمل في تنظيم المزيد من الفعاليات الثقافية التي تزخر بالنخب الخليجية ممن تلقوا تعليمهم في أرقى الجامعات العالمية وأصبحت لهم إسهامات مشهودة في مختلف الدراسات الاستراتيجية والسياسة الدولية.
وأشار إلى ان هذه النخبة من المثقفين الخليجيين تختلف عن الجيل السابق ممن تعاملت معهم بريطانيا في مرحلة تأسيس الكيانات الخليجية الحديثة من حيث مستوى الثقافة والتعليم، وكذلك من حيث رغبتهم في تحقيق رؤى جديدة للتعاون والتنسيق فيما يسهم في معالجة المهددات المشتركة المعاصرة والتي يمكن أن تطرأ في المنظور القريب.
ومضى الدكتور عبدالغفار يقول انه بعد مرحلة من تفوق القوى الأوروبية في الشرق، فإنها تتعامل اليوم مع عالم أكثر تعددية وتنافسية، تدخل فيه أقاليم شرق آسيا، وجنوب غرب آسيا، من خلال المنافسة الاقتصادية والتبادل التجاري، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين الصين ودول مجلس التعاون في العام الماضي: 93 مليار دولار، ونحو 106 مليارات دولار مع الهند، وما يزيد عن 172 مليار دولار مع اليابان، ولا شك في أن تنامي حركة التبادل التجاري ستدفع باتجاه التعاون السياسي والاقتصادي بين القوى الرئيسية في آسيا كالهند والصين وروسيا مع دول الخليج العربي، وقد تتزايد رغبة هذه الدول في ممارسة دور سياسي أكثر فاعلية وتأثيراً في شؤون المنطقة، وقد يكون لها دور مستقبلي فيما يتعلق بقضايا الأمن والدفاع.
وقال انه على الرغم من تنامي دور هذه القوى؛ فإنه لا بد من القول بأنها لا تزال تواجه عوائق جوهرية في تنمية علاقاتها مع هذا التكتل الخليجي العربي، لأنها لم تتمكن من إيجاد حضور ثقافي لها، لذلك فإنها تحتاج إلى تقوية أواصر العلاقات مع شعوب هذه المنطقة بدلاً من الاكتفاء بتعزيز التبادل التجاري، حيث تعتبر اليابان - على سبيل المثال- النموذج المتطور الأبرز على صعيد الإنتاج الصناعي والتبادل التجاري، ولكنها لم تبذل جهوداً مماثلة لترسيخ حضورها الثقافي والعلمي، الذي يعتبر جزءاً أساسياً من تواجدها الاستراتيجي، وينطبق المبدأ نفسه، ولكن بنسب متفاوتة، على كل من الصين والهند وروسيا.
مشيرا في هذا الصدد إلى انه في المقابل فإن السياسات الخارجية لدول مجلس التعاون تظهر رغبة في استدراك التقصير السابق لديها في التواصل الثقافي مع هذه الدول التي تمثل حضارات عريقة تواصلت مع دول المنطقة وشعوبها في حقب مختلفة من التاريخ.
وأضاف انه على الرغم من اشتداد المنافسة التجارية، وتسارع وتيرة الأحداث السياسية؛ فإن الدور البريطاني لا يزال يشكل دوراً مهماً في أمن الخليج العربي بسبب العلاقات التاريخية وتقاطع المصالح، والثقة المتبادلة بين المملكة المتحدة ومختلف دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في القضايا الجيو- استراتيجية، التي تتفاهم فيها دول مجلس التعاون مع المملكة المتحدة. وأشار إلى ان الأحداث الأخيرة والمتسارعة في المنطقة العربية أثبتت ضرورة تعميق هذا الدور المهم، من خلال إجراء الحوارات والدراسات المشتركة والتوصل إلى رؤى موحدة في مواجهة المخاطر التي تهدد الاستقرار والأمن المشترك.