ما هكذا تورد يا طيران الخليج
تاريخ النشر : الخميس ٢٣ فبراير ٢٠١٢
عبدالرحيم فقيري
ليست الإدارة المالية الخاطئة - على اختلاف ما قد يذهب إليه الكثيرون من تفسيرات لعبارة (الخاطئة) - هي وحدها ما يعرض شركة طيران الخليج إلى الخسائر المتلاحقة يلي بعضها بعضا، وتحولها إلى كائن أشبه ما يكون بمصاص دماء، كلما ضخت الحكومة فيها أموالا، ذهبت أدراج الرياح، فيما تبقى (ترنيمة الخسائر) السيمفونية اللحنية الوحيدة التي تعزفها الشركة منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان.
شخصيا كنت في حيرة من أمري، كيف تذهب كل محاولات إنقاذ هذه الشركة هباء، على الرغم من تعدد وتنوع وتباين جنسيات الخبراء والخبرات التي طبقت نظرياتها في (مختبرات) الشركة، حتى ساورت الشكوك الكثيرين منا، فبدأنا نتساءل عما إذا كانت الشركة قد تحaولت إلى جهاز سميوليتور (Semulator) لاختبار التطبيقات النظرية الفاشلة حول العالم.
ما دعاني إلى كتابة هذه المقدمة، قصة رواها لي أحد الزملاء أمس، حول الاستهتار الذي يمارسه بعض موظفي الشركة في أداء واجباتهم.
يقول زميلي إنه كان قد حصل على تذكرة سفر على متن طائرات الشركة إلى الدوحة، في السابعة من صباح يوم الثلاثاء بتوقيت المنامة الموافق لـ 21 فبراير، وبالفعل كان ماثلا أمام المدخل المؤدي إلى بوابات الإقلاع عند السادسة وعشر دقائق، غير أن رجل الأمن وجهه إلى مكتب الحجز حتى يتأكد من عدم إغلاق البوابة أمام المسافرين، وسارع الخطى إلى مكتب الحجز داخل الصالة الأمامية بالمطار، وهناك أكد له الموظف أن البوابة قد أغلقت ولم يعد بإمكانه السفر في هذه الرحلة، وبدأ إجراءات الحجز في الرحلة التالية عند التاسعة والنصف.
وبينما، يستجدي زميلي موظف الحجز المشغول عنه تماما بـ (ونسة صباحية) مع أحد زملائه من موظفي المطار من خارج مكتب الحجز، بينما هو يستجديه لإجراء محاولات أخرى لإلحاقه بالرحلة، لأهميتها بالنسبة إليه، إذا بمكبر الصوت يعلن (النداء الأخير) لركاب طيران الخليج المتجهة إلى الدوحة، ويستحثهم على الالتحاق بالبوابة المخصصة للرحلة قبل إغلاقها، فنبه زميلي الموظف الى الإعلان، لكنه أبى إلا أن يجري ما بدأ إنجازه من إجراءات لـ (تعطيله) عن الرحلة وتأخيره عنها، ويطالبه بدفع 19 دينارا، فانصاع لأوامره زميلي، فمضى مع الحجز الجديد مجتازا الحاجز الأمني حتى وافى البوابة المخصصة للرحلة الصباحية وسافر عليها رغم أن موظف الحجز قام بإلغائها وغير مواعيدها إلى مواعيد لاحقة.
مثل هذا الموظف الذي تبقي عليه الشركة لا لشيء غير سياسة (التوظيف على اعتبار المواطنة وليس الكفاءة) هو أحد أهم أسباب توالي الخسائر على الشركة عاما بعد آخر، لأن مثل هذا الموظف الذي يمارس كل صور البيروقراطية الموجودة في المؤسسات العامة، هو باعث قوي جدا على نفور المسافرين من شركة طيران الخليج، وتحولهم إلى شركات منافسة أخرى، حتى لم يعد يبقى للشركة المسماة (الوطنية لا ندري لماذا؟)، مسافرون حريصون على السفر على متن طائراتها، باستثناء موظفي الدولة الذين يحصلون على تذاكرهم عليها (مرغمين لا أبطالا) إن كانت الشركة لديها سابق تصور وتصميم على الإبقاء على مثل هذه الشريحة من الموظفين المولعة بتطبيق أبشع صور البيروقراطية، لأنهم أمنوا العقوبة بحكم المواطنة.
نعتقد أن الشركة ليست بحاجة لا إلى تحويل نفسها إلى جهاز (Semulator) أو حقل تجارب ومحط تجارب الخبراء ومدعي الخبرة، بقدر ما هي بحاجة إلى إجراء عملية جراحية بسيطة، تقصي خلالها أمثال هؤلاء الموظفين المستهترين، وجعلهم عبرة لمن لم يعتبر، وهذه شكوى يحتفظ فيها المشتكي بالأدلة التي تؤيد كلامه، فلننتظر ماذا تفعل إدارة الشركة حيالها.. ولنا عودة.