الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الدكتور عبدالرحمن الفاضل:

جموع الفاتح أوصلت رسالتها إلى كل من تسول له نفسه الغدر بالوطن!

تاريخ النشر : السبت ٢٥ فبراير ٢٠١٢



قال الدكتور عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى
في خطبته ليوم الجمعة أمس: في يوم الثلاثاء الماضي خرج شرفاء البحرين المحبون لوطنهم نساءً ورجالاً، شيباً وشباباً، صغاراً وكباراً، يزحمون الشوارع والطرقات من أجل الوصول إلى ساحة الفاتح العظيم تلبية لنداء واجب الدفاع عن البحرين، وليكونوا درعاً واقياً في صد الهجوم الذي تشنه قوى الإرهاب الصفوي بغية إسقاط الدولة والاستيلاء عليها لحساب الدولة الفارسية الصفوية!. وقد أكد «الدكتور النفيسي» في محاضرته القيمة: أن الأزمة التي تعيشها مملكة البحرين ليست نتيجة عوامل داخلية، إنما أتت بفعل إيراني، من خلال الدعم الإعلامي والسياسي... لتكريس المخطط الفكري الإيراني تجاه الدول الخليجية منطلقاً من البحرين.. بهدف الهيمنة على المنطقة.. وسبق أن حذر في لقاء الفاتح من خطر «القرامطة الجدد» ولمن لا يعرفهم: فهم الذين قتلوا الحجيج في الحرم، واقتلعوا الحجر الأسود من الكعبة المشرفة، وأحضروه إلى منطقة البحرين، وبقي قرابة عشرين عاماً معهم، إلى أن قُضي عليهم وأعيد الحجر إلى مكانه الشريف.واليوم أحفادهم لا يقلون خطراً عنهم، ولهذا لاينبغي التساهل معهم، أو غض الطرف عنهم، فهم أهل غدر وخيانة للأمة، فأقوالهم في تشويه الاسلام والمسلمين شائعة غير خافية، وأفعالهم في خيانة المسلمين والغدر بهم مشهورة، وعلى مدار التاريخ لم يأت منهم إلا الغدر، ولم يصدر عنهم إلا الخيانة، فما إجتاح التتار بغداد، إلا بسبب خيانتهم، وما جاء الصليبيون إلى قلب العالم الإسلامي إلا عن طريقهم، وما احتلت كابول وما سقطت بغداد ثانية إلا بعمالتهم وغدرهم وما الفتن التي تجتاح عالمنا الإسلامي وخليجنا العربي خاصة، إلا ولهم يد فيها.. فإلى متى تتركهم الأمة يعيثون فيها فساداً؟! وإلى متى نحن نرى جرائم التخريب والإرهاب والقتل، ثم يتركون دون رادع ولا ينالون العقاب الذي يستحقون، رغم انهم أفصحوا عن أهدافهم، ولم ينكروا عمالتهم، وأعلنوا صراحة في الدوار قيام جمهوريتهم المهدوية التابعة لأسيادهم الفرس الصفويين، الأمر الذي جعل معه المقربون منهم والمستوزون في الدولة والمقدمون وغيرهم يتضمنون ويعلنون بكل وقاحة إنضمامهم إلى الحركة الإنقلابية؟!! التي بفضل الله تم إفشالها وكشف مخططها فله وحده الحمد والشكر فلولاه سبحانه لما كنا هنا.. نعم لما كنا هنا اليوم.. لان هؤلاء يستبيحون دماء مخالفيهم وبخاصة أهل السنة !!..
وعلى أساس العي بهذا الخطر - الذي لم يعد يخفى على أحد- خرجت تلك الجموع إلى ساحة مسجد الفاتح العظيم، لتؤكد أنها هنا! ولتوصيل بصدق وقوة رسالتها إلى كل من تسول له نفسه خيانة الوطن أو الغدر به..
لقد كان تجمعاً مهيباً استشعر ذلك فيه كلُ المخلصين الذين لم يخرجهم درهم ولا دينار، وإنما دفعهم إيمانهم، والحماسة التي ألهبت مشاعرهم نصرة لله تعالى، ثم لهذا الوطن، فحسب!؟
لقد كان تجمع الفاتح رسالة قوية واضحة إلى العالم بعامة، وإلى الخونة المعتدين بخاصة، إن في هذا الوطن شعبا أصيلا سيبذل من أجل الدفاع عنه الغالي والثمين. هذا مابدا واضحاً بصدق على محيا جميع المشاركين الذين لا يمكن لأحد أن يشكك في إخلاصهم فقد جاءت تلك الجموع طواعية، لتؤكد ما قطعته على نفسها من عهود تجاه الله تعالى ثم الوطن.. مصدقة بأنّ منْ خرج لله تعالى صادق النية فإن الله تعالى لن يخيبه، ولن يحبط عمله، ولن ينقص أجره. ومن خرج من أجل شهرة تبرزه، أوسمعة ترفعه، أوتحقيق أهداف فيها غدر وخيانة للوطن والمواطنين، فإن الله تعالى لن ينجح عمله، ولن يحقق أمله، وسوف يفضحه بين الناس ولو بعد حين، والله تعالى لايصلح عمل المفسدين، بل العزة والنصر والتمكين بإذن الله تعالى للمخلصين الصادقين.
إنّ وقفة الفاتح لها ما بعدها، وإن رسائلها وما سبقتها من رسائل في وقفات الفاتح المتقدمة يجب على الدولة أن تأخذها بعين الجد والاعتبار!؟ فلربما لا تتكرر مرة أخرى في أي تجمع آخر، إنْ لم يلق لها بال، ويتأكد المحتشدون بأن رسائلهم لم تكن صرخة في وادٍ!؟ ولهذا لم يعد أمام الدولة، إلا أن تستجيب لمطالب الشعب الذي وقف في الفاتح، مناصراً للفاتح، وحامياً لمنجزات الفاتح وهي أن تبقى البحرين دولة اسلامية عربية حرة ترفع راية التوحيد الخالص، لا راية الخرافة والزندقة والانحراف!؟.. لم يعد أمام الدولة إلا أن تَصْدُق مع الذين صَدَقُوا في وقفتهم في وجه المعتدين، وأوفوا بعهدهم مع الله تعالى على أن يكونوا للوطن جنداً مخلصين. في الواقع إن مجريات الأحداث ليست في صالح دولنا اليوم، إن بقيت على هذه الحال، ولم يصحح الكثير من الأخطاء القاتلة المهلكة وفق إرادة شعوبها، وفرصة دولنا الخليجية كما قلنا مراراً وتكراراً ما زالت باقية في أن تكسب شعوبها إلى جانبها، وتثبت ولاءها بحق لها، فشعوب دول الخليج العربي كغيرها من الشعوب تكاد أن تسخن حتى تبلغ درجة الغليان، وحينها لا ينفع الندم، ولذا وجب على دولنا أن تراعي هذا قبل فوات الاوان، وأن تسارع إلى تحقيق تطلعات شعوبها بأسرع وقت ممكن، فالأوضاع لا تحتمل التأخير، والتغيير الكاسح لا محالة قادم بأسرع مما نتصور!؟ فالمخطط رهيب، والمؤامرة محكمة في تغيير خريطة المنطقة، بقصد إعادة تقسيمها، ولعل ما طرح في محاضرة «الدكتور النفيسي» دعوة للتنبه واليقظة!. فلم يعد الأمر يحتمل الإستئثار بالمصالح الذاتية الخاصة من دون بقية خلق الله، سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى الدول ! وإنه لا بد من تسريع عملية الأصلاح الحقيقي لا الوهمي، الإصلاح المحسوس والمرئي للشعوب اولاً كي تصدق!؟ والعمل بالتالي على الوحدة والاتحاد بين دول المجلس من أجل كسب القوة التي تمنع وتفشل المخططات المعادية المتربصة!؟
ولكن مما يؤسف له أن نرى أنفسنا في نزاعات وخلافات ترسخ الخلاف، مما ينتج عنه التفرق والتمزق وإتساع الهوة وبعد الشقة فيما بيننا، ولقد حذرنا المولى عز وجل من التنازع لما يستتبعه من وهن في الصف وذهاب للهيبة والقوة «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».
ولنعلم بأن من يعمل لله تعالى يتنازل عن كثير من حقوقه ويضحي بالكثير من مصالحه، من أجل وحدة الصف ولم الشمل. هدفنا أسمى من الدنيا ومتعها ،غايتنا أن يعلو ديننا، وأن تسعد أوطاننا، وسعادتها لا تكون إلا بهذا الدين العظيم الصحيح الذي هو على منهاج الله تعالى وهدى رسوله - صلى الله عليه وسلم- هذا ما ينبغي علينا أن نعيه وندركه لأن المسلم ليس طالب دنيا، وإن كنا مأمورين بإعمارها غير أنها ليست الغاية: «اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا» فمن يعمل لله تعالى وهو المقصد الأسمى فإنه لا يبطره ثناء، ولا يقطنه ذم، ولايفرح بما يأتيه، ولا يحزن لما يخسره، بل ينطلق في مسيرة أعمال الخير من دون أن يلتفت لا لهذا ولا لذاك، إنه يعمل والإخلاص لله تعالى غايته، كما لا يعنيه أن يكون في القيادة، أو أن يكون في الساقة من عامة الناس، همه الأول أن يرضي ربه، ويخدم دينه وأمته لا يتطلع إلا لرضى ربه عنه وهذا حسبه. وعلى هذا لا ينبغي أن تجرنا الاختلافات إلى الخلاف والقطيعة وبخاصة ونحن نواجه عدوا يريد أن يفتك بنا فهل نخلخل صفوفنا بخلافات لينفذ من خلالها أعداؤنا؟!
إننا في هذه الأوقات العصيبة التي نعيشها بحاجة إلى التوجة إلى الله تعالى، فحياتنا كلها لا تقوم إلا على رضاه وتوفيقه، فنحن لا نعمل عملا إلا وذكر الله تعالى يلازمه هكذا علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم. ولأننا مسلمون وشعارنا العظيم «لا إله إلا الله، الله أكبر، ولله الحمد» إنه الشعار الذي يزلزل أركان الشيطان وأتباعه من الطغاة، فواجب ترداده في جميع الأوقات.
ولقد آلمني كثيرا ولعلها هفوة قلم ما قاله أحد الكتاب في عموده ناصحا تجمع صحوة الفاتح في المرات القادمة: «برجاء التقليل من الشعارات الإسلامية والدينية، فالبحرين بلد الحضارة والتسامح للجميع».. هذه النصيحة لم تأتِ في مكانها ولا اعتبار لها، لأنه ما العلة أو ما الرابط بين كون البحرين بلد الحضارة والتسامح للجميع، وبين طلبه التقليل من الشعارات الإسلامية والدينية. أعتقد أن الكاتب نسي بأننا مسلمون وأن شعارات المسلمين العظيمة من التهليل والتكبير من أساسيات ديننا، وأظنه يعتقد أن هذه الشعارات تؤذي غير المسلمين!؟ فلذا يجب علينا تركها أو التقليل منها!!. فاعلم أن انتصاراتنا من بدر الكبرى إلى آخر معركة سنخوضها لن تكون إلا بهذه الشعارات العظيمة، لم تدك حصون كسرى وقيصر وتهزم شر هزيمة إلا بهذه الشعارات. إن شعبنا بحاجة إلى هذه الشعارات التي ترفع من معنوياته، وتؤكد اعتزازه بربه فلا نصر إلا بشعار «لا إله إلا الله»، ولا نصر إلا أن يتقدم الجيش «الله أكبر ولله الحمد» الذي يخلع قلوب المتجبرين، ويسقط عروش المستبدين، وليكن معلوما أن هذه الشعارات ليست حكرا على جمعية ولا حزب، إنها شعار المسلمين يرددونها في أي زمان وأي مكان، ولقد كانت حناجر المحتشدين تعلي أصواتها بفرح وسرور بتلك الشعارات التي تحيي القلوب. فمن كانت هذه الشعارات تزعجه فليسد أذنيه، فإنها والله لاتؤذي إلا الشيطان وحزبه. «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ».
وإنه لا يخفى عليكم ما يتعرض له أخوانكم أهل السنة في سوريا الحبيبة المنكوبة من إبادة جماعية على يدي الخسيس الطاغية الظالم وزبانيته إبادة موثقة بالصور التي لا تكذب التي نرى فيها ما لحق بأهلنا هناك من مجازر وجرائم بشعة تتقطع لها القلوب المؤمنة ولا يزال العرب والمسلمون والعالم يتفرج من دون أن يحركوا ساكنًا ليس لهم من ذنب إلا أنهم عرب سنة. هذه هي الحقيقة، ويَكْذِبُ من يقول غير ذلك.!! يدعوكم ربكم في كتابه العزيز ويدعوكم نبيكم في هديه الكريم إلى التبرع والبذل من أجلهم. لا تبخلوا، لا تبخلوا، ولا تتأخروا.