مقالات
سعة وتسامح المبادرات الملكية..وضيق شعارات المعارضة
تاريخ النشر : السبت ٢٥ فبراير ٢٠١٢
عن عمرو بن عنبسة، قال: قلت: يا رسول الله، ما الإيمان؟ قال: «الصبر والسماحة». قلت: فأي الإيمان أفضل؟ قال: «خلق حسن». حديث شريف.
نحتاج إلى قائمة طويلة لاستعراض المبادرات الملكية التي جاءت من أجل الإصلاح والمصالحة ولمّ الشمل. ولا نحتاج إلى كثير عناء أو جهد لاكتشاف أن المعارضة لم تقدم شيئاً يذكر من أجل المصالحة ولمّ الشمل. وهنا يكمن الفارق التاريخي بين القيادة الوطنية، وبين الميليشيا..! وبين القائد المعني بمصلحة شعبه وتاريخ ومستقبل بلاده، والسياسي (أو رجل الدين السياسي..!) المعني فقط بمصالحه وأجندته وأهدافه الذاتية..
لقد شاهد العالم وتابع حجم ومستوى المبادرات الملكية التي جاءت من لدن العاهل المفدى، منذ اللحظة التي اشتعلت فيها الأزمة، وحتى الآن.. ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- مبادرة ولي العهد لنزع فتيل الأزمة والبدء بحوار وطني.. وهي المبادرة التي جاءت بتكليف سام ومباركة ملكية..
- المبادرة الملكية بإعلان الحداد العام على ضحايا الاحداث وتعويض ذويهم..
- المبادرة الملكية بالعفو عن الموقوفين والمحكومين السياسيين.
- المبادرة الملكية بتشكيل لجنة بحرينية لتقصي الحقائق.
- المبادرة الملكية بإطلاق حوار التوافق الوطني.
- المبادرة الملكية بالسماح والعفو وبشكل شخصي عمن اقترفوا اساءات بحق جلالة الملك والقيادة..
- المبادرة الملكية بالموافقة على توصيات حوار التوافق الوطني..
- المبادرة الملكية بتشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق..
- المبادرة الملكية بتنفيذ توصيات حوار التوافق الوطني..
- المبادرة الملكية بقبول توصيات ونتائج اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق..
- المبادرة الملكية بتشكيل لجنة وطنية لتنفيذ ومتابعة توصيات لجنة تقصي الحقائق..
- المبادرة الملكية بإعادة المفصولين..
- المبادرة الملكية بتحويل قضايا السلامة الوطنية إلى المحاكم النظامية.. ومراجعة أحكام محكمة السلامة الوطنية..
- المبادرة الملكية بإنشاء صندوق للتعويضات على الذين تضرروا جراء الأحداث..
والآن.. وبعد كل هذه المبادرات الملكية النبيلة، التي جاءت كلها من موقع الاقتدار لا من موقع الضعف، ومن واقع الحكمة والسماحة والصبر، لا من واقع المغامرة والغطرسة.. تعالوا بنا نلقي نظرة - لن تكون طويلة بالتأكيد - على ما قدمته المعارضة ورموزها وقادتها.
وهنا، فباستثناء إطلاق دعوات السحق والمحق والتدويل.. وباستثناء مهرجانات الهجاء والشتم وممارسات التغرير بالمراهقين لاستخدامهم حطباً لمحرقة أجندات غير واقعية، لن نجد أي مبادرة إيجابية تذكر تقدمت بها المعارضة من أجل المصالحة الوطنية أو حتى الإصلاح السياسي المدروس والواقعي. وحتى تلك الوثيقة اليتيمة المسماة «وثيقة المنامة»، فهي لم تكن وثيقة من أجل المصالحة أو وصفة للحل، بقدر ما كانت برنامجاً اعتراضياً، وأجندة لتضخيم (الأنا) المعارضة وإضعاف الوطن..!
وفي الحقيقة فلو رجعنا إلى الوراء قليلاً، فلن نجد أن المعارضة (أثناء وجودها في مجلس النواب) تقدمت بأي برنامج وطني متماسك، سواء لحل مشكلات المواطنين أو للتخفيف عليهم، عداك عن خلو أجندتها وشعاراتها من أي برنامج تنموي ينفع الناس ويمكث في الأرض.. وهذا ملمح أساسي وجوهري يجب أن يؤخذ بالحسبان لقياس مستوى الاهتمام الوطني عند هذه المعارضة، وانخفاض هذا المستوى كلياً في مقابل تضخم مستوى الخطاب الطائفي والبرنامج السياسي ذي النزعة الانقلابية.
وبالعودة إلى المقارنة بين ما قدمه جلالة العاهل المفدى من مبادرات كلها تسعى إلى الإصلاح وتهدف إلى المصالحة ولمّ الشمل، وبين الذي قدمته المعارضة، يمكن لأي مراقب عادل وموضوعي، أن يدرك الفارق الجوهري بين ملك كريم يعمل من أجل وطنه وشعبه، ويصل فيه انكار الذات إلى حد غير مسبوق، في سبيل وحدة بلاده ووئام أهلها وتماسك نسيجها الوطني.. ومعارضة لا تحب أن ترى مكونات الشعب الأخرى، ولا تعترف بالانجازات الحكومية على مدى عقود من العمل والبناء، وتكابر حتى في الرد الجميل على كل هذا الكم من المبادرات الوطنية النبيلة.. وتتمسك فقط برؤيتها الضيقة لأجندتها الاكثر ضيقاً، وكأن المملكة وشعبها وقيادتها وتاريخها ومنجزاتها لا تصبح ذات قيمة الا إذا انخرطت في اجندة المعارضة وأسلمت أمرها إليها..!! فهل هذه معارضة يمكن التعويل عليها لتنمية وطن وصناعة ازدهاره..؟!
في الشأن الوطني: رسالة الملك إلى المشاركين في تجمع الفاتح
حملت الرسالة الملكية السامية للمشاركين في تجمع الفاتح، الذي وصفه العاهل المفدى بـ «العظيم».. حملت هذه الرسالة الكريمة، أكثر من دلالة وطنية جوهرية، وأكثر من إشارة قاطعة على اعتزاز المليك والقائد بكل دعوة تنحاز إلى وحدة الوطن وتهدف إلى عزته ومجده واستقلال قراره.. وهي رسالة تاريخية بكل المقاييس، ليس فقط لأنها جاءت لمناسبة حدث تاريخي.. بل لأنها تؤشر إلى إجماع أهل البحرين مع قائدها، على ثابت مطلق، وهو أن الإصلاح جاء من الداخل، والانفتاح السياسي جاء من الداخل، وكل مبادرات المصالحة والوئام ومعالجة المشكلات والقضايا جاءت من الداخل ومن دون تدخل خارجي.. وهو مبدأ لا تراجع عنه ولا مساومة فيه.