الجريدة اليومية الأولى في البحرين


دراسات


هوجو شافيز ورهان على ولاية رابعة في رئاسة فنزويلا

تاريخ النشر : السبت ٢٥ فبراير ٢٠١٢



كاراكاس - من: أورينت برس
بعد اثني عشر عاماً قضاها في الإعداد لثورته البوليفارية، نسبة إلى سيمون بوليفار، يستعد الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز في الوقت الراهن لخوض انتخابات الرئاسة القادمة، التي ستجرى في أكتوبر المقبل، من أجل الفوز بفترة رئاسية رابعة جديدة في الحكم مدتها 6 سنوات. والجديد هذه المرة أن المعارضة المفككة عادة، قد نظمت صفوفها وبدأت التعاون فيما بينها لخوض معركة حاسمة، من أجل هزيمة شافيز في الانتخابات الرئاسية القادمة.
والقول بأن المدة التي قضاها شافيز في الحكم كانت حافلة بالأحداث، يعطيها أقل من حقها. فشافيز خلال تلك الفترة واجه أحداثاً مثيرة فقد نجا من محاولة انقلابية أدت للإطاحة به واستمرت مدة 48 ساعة، كما واجه إضراباً عن العمل في صناعة النفط أدى إلى توقف الإنتاج بالكامل مدة شهرين، ثم هيأ له خياله أن يوجه اتهاماً لواشنطن بأنها قامت بمحاولات لقتله من خلال تسميمه بميكروب يؤدي لإصابته بالسرطان. كما فاز بمعركة دستورية لرفع أي قيود على عدد المدد التي يمكن للرئيس أن يترشح للرئاسة فيها.
«اورينت برس» اعدت التقرير التالي عن الانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤها هذا العام في فنزويلا وحظوظ شافيز بالفوز:
يستعد الرئيس الفنزويلي في الوقت الحالي لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2012، ويصمم هوجو شافيز على الظهور قويا أمام شعبه، ليثبت لهم أنه قادر على أن يكون رئيسا لفترة أخرى حتى انه أخذ يرقص على أنغام «الراب» في برنامجه التلفزيوني ليثبت ان صحته تحسنت جدا وانه قادر على الاضطلاع بمهامه الرئاسية في حال فوزه.
سنوات ظل شافيز يتمتع بشعبية كبيرة في بلاده، ومن المعروف أن شافيز يعتمد على إيرادات تصدير النفط الهائلة في تمويل البرامج الاجتماعية التي تؤمن له ارضاء الطبقات الفقيرة، كما يدين بالكثير في نجاحه لمهاراته الفائقة في العلاقات العامة التي تجد صداها في قاعدة دعمه من الفقراء، والتي راقت للطبقة الوسطى الفنزويلية في بدايات حكمه ولا تزال تروق للكثيرين.
ولكن نسبة التضخم التي وصلت إلى 30 في المائة، وانقطاعات التيار الكهربائي وارتفاع معدلات جرائم القتل، التي تعد من أعلى المعدلات في العالم، جعلت تلك الطبقة المتوسطة تضيق به ذرعا تدريجيا.معركة طاحنة
ومن المتوقع أن يخوض شافيز معركة انتخابية طاحنة في الانتخابات الرئاسية أمام المرشح الشاب هينريك كابريليس. وكابريليس غير معروف خارج فنزويلا بالقدر الذي كان عليه منافس شافيز السابق ليبولدو لوبيز، الذي كان يتقدم مرشحي المعارضة في الاستطلاعات العامة، إلى أن أصدرت الحكومة قراراً بحرمانه من تولي أي منصب رسمي بموجب قانون يقول النقاد إنه مصمم من أجل خنق أي شخصية يمكن أن تشكل تهديداً للرئيس.
وعلى الرغم من ذلك ظل لوبيز يحتل مرتبة متقدمة في استطلاعات الرأي حتى حين قرر الانسحاب من السباق، وتوجيه فاعليته الانتخابية لمصلحة حملة كابريليس، الذي يتوقع له من خلال هذه المعاونة القيمة ان يحقق بعض التقدم.
ويختلف كابريليس عن لوبيز وغيره من وجوه المعارضة، الذين ينظر إليهم على أنهم أثرياء غرباء من قبل فقراء البلاد، في أنه يوجه خطابه لأحياء الفقراء في فنزويلا، وليس لغرف اجتماعات اغنياء فنزويلا في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يعني أنه يستهدف نفس قاعدة دعم شافيز الانتخابية.
وبحسب المحللين السياسيين فإنه الوحيد الذي يستطيع اختراق طبقات الفقراء. ويؤمن كابريليس بأنه من الممكن اتباع نهج سياسي جديد، لا يتم بموجبه تهميش الفقراء، ويساعد في نفس الوقت على تنشيط الاقتصاد من خلال اجتذاب الاستثمارات الخارجية. وفي مقابلة صحفية أجريت معه في مقر قيادة حملته الانتخابية قال كابريليس: «إنه في طور الإعداد لتغيير سياسي»، وانه «لا يمثل المؤسسة القديمة».
ومن المعروف أن الأزمات الاقتصادية، التي عانتها فنزويلا في ثمانينيات القرن الماضي، والفساد الذي استشرى في استغلال الثروة النفطية خلال ذلك العقد، أدت إلى محاولتين انقلابيتين في بدايات التسعينيات واحدة منهما من جانب شافيز نفسه نتيجة لحالة السخط الهائلة السائدة ضد سياسات الحكومة الاقتصادية.
اكثر اعتدالا
ويميل كابريليس العمدة السابق، والحاكم الحالي لثاني أكبر ولاية في فنزويلا من حيث عدد السكان وهي ولاية «ميراندا»، لتقليد زعماء أمريكا اللاتينية الأكثر اعتدالاً مثل الرئيس البرازيلي السابق «لولا دا سيلفا»، الذي يعجب به كابريليس أشد الإعجاب، ولا يجد غضاضة في التصريح علناً بأنه «يتبع نموذجه بنسبة مائة في المائة» كما قال.
ونموذج كابريليس يعبر عن تحول أوسع نطاقاً يتم في أرجاء القارة في الوقت الراهن، حيث تميل القيادات فيها إلى الابتعاد عن النموذج «اليساري» المتطرف الذي يمثله «فيدل كاسترو»، وإلى حد ما شافيز، نحو نمط جديد من القيادة أكثر قرباً من الولايات المتحدة، ويركز في الوقت نفسه في الدفع بالسياسات الاجتماعية من أجل سد هوة الفقر المدقع في القارة. وخلال حملته الانتخابية المحسوبة، والمتسقة، نادراً ما يذكر كابريليس اسم شافيز على لسانه، لإدراكه الحاد أنه رغم افتقار الرئيس للشعبية في الطبقات المتوسطة، فإن العديد في الأحياء الفقيرة كانوا - إن لم يكن لايزالون حتى الآن- يقفون وراء «الكومندانتي»، وهو اللقب الذي يعرف به شافيز ويعني القائد.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن شافيز البالغ من العمر 57 عاما، لايزال يتمتع بتأييد أكثر من 50 في المائة من الفنزويليين، مما يجعله الأوفر حظا للفوز في الانتخابات.
اكثر من برنامج
وقد تعهد الرئيس الفنزويلي بأنه سوف يتخلى عن السلطة في حالة خسارته وقال لزعماء المعارضة: «لو فاز أي منكم بالانتخابات سأكون أنا أول من يعترف بذلك، وأطلب إليكم الشيء نفسه». واضاف: «سوف نثبت نضجنا الديمقراطي». وعبر الرئيس الفنزويلي عن اعتقاده أن 2012 سيكون عام الاختبارات بالنسبة لفنزويلا.
تجدر الاشارة الى ان هذه التصريحات تختلف عن التصريحات النارية السابقة لشافيز التي اقلق فيها المعارضة، وكان شافيز قد قال: «لا أحد يستطيع خلعي من السلطة، وأنا لن أظل في الحكم حتى 2021 فقط بل أيضا سأستمر 10 سنوات أكثر حتى 2031».
ومنذ اطلاق حملته الانتخابية للفوز بولاية جديدة عاد البرنامج التلفزيوني «الو يا سيادة الرئيس»، الذي يتميز به شافيز ويكاد يكون الاول من نوعه في العالم، للظهور مرة أخرى على شاشات التلفزيون في أحدث علامة على تعافيه من السرطان في بداية عام يشهد انتخابات. وقد ظهر شافيز على شاشات التلفزيون أكثر من مرة وبدا قويا وبشعر جديد، حيث استضاف عددا من القادة الإقليميين في كراكاس، وقام بأول جولة خارجية له منذ خضوعه لجراحة في يونيو الماضي. يذكر ان البرنامج يعرض مباشرة على التلفزيون الرسمي ويذاع في الغالب من مواقع مختلفة من البلاد. وبرأي المحللين فإن برنامج «الو يا سيادة الرئيس»... أكثر من مجرد برنامج حواري... فالرئيس شافيز صاغ الكثير من الأمور السياسية على موجات الأثير أكثر مما أنجز في مجلس الوزراء.
وبث البرنامج أول مرة في مايو من عام 1999، وأذيع آخر مرة في الخامس من يونيو 2011، قبل أيام من خضوع شافيز لجراحة في كوبا لاستئصال ورم ضخم في الحوض، قبل ان يعود الى الشاشة الفضية من جديد وبوهج اقوى ليضمن للرئيس منبرا مهما ضد خصومه في المعارضة.