المال و الاقتصاد
البنوك الغربية تعزز وجودها في القارة الإفريقية
تاريخ النشر : الأحد ٢٦ فبراير ٢٠١٢
رغم السحابة التي تغيم على عمل البنوك الغربية وسيطرة مخاوف من الركود العميق وأزمة منطقة اليورو، إلا أن عددًا من المؤسسات الدولية توسعت في وجودها في القارة الأفريقية للاستفادة من معدلات النمو السريعة للقارة.
ففي شهر نوفمبر الماضي بدأ بنك جي بي مورجان عرض خدمات المقاصة لعملة الراند عملة جنوب إفريقيا للمرة الأولى، كما يستعد للتقدم الى الحصول على موافقة من الهيئات التنظيمية لافتتاح فرع للبنك يتعامل بالعملة المحلية في نيجيريا، وسيعمل البنك على تأسيس مكاتب تمثيلية في كينيا وغانا مطلع العام الحالي.
وذكرت جريدة فاينانشيال تايمزالبريطانية، أنه تماشيًا مع هذا الاتجاه، فتح بنك كريدي سويس، فرعا مملوكا له بالكامل في جنوب إفريقيا في يناير الماضي، وهو ما يعد أول وجود مستقل له في القارة، بعد انتهاء مشروع مشترك بينه وبين ستاندرد بنك؛ مما سمح للمجموعة السويسرية بالتركيز على تأسيس أعمال بنكية استثمارية أوسع نطاقًا لخدمة القارة.
كما حول باركليز مقره الإفريقي من دبي إلى جوهانسبرج، وعين ماريا راموس رئيسًا تنفيذيًا لمجموعة إبسا، لفرعه في جنوب إفريقيا باركليز أفريكا، وكان البنك الذي يقع مقره الرئيسي في بريطانيا قد دفع 2.9 مليار جنيه إسترليني، مقابل امتلاكه حصة مقدارها 56% في ابسا في عام 2005، ولكنه تعرض لانتقادات لعدم تركيزه الكافي على القارة الإفريقية، والآن يعد بوب ديموند، الرئيس التنفيذى لباركليز من بين آخر المتحمسين للعمل في إفريقيا. وليست البنوك الغربية فقط التي تدعم وجودها في إفريقيا، حيث افتتح بنك أي سي بي سي، الصيني، أول مكتب تمثيلي له بالقارة السمراء في كيب تاون بجنوب إفريقيا، في شهر نوفمبر الماضي، ودفع 5,5 مليارات دولار، مقابل امتلاك حصة مقدارها 20% في ستاندرد بنك بجنوب إفريقيا في عام 2007. ويقول مصرفيون: إن هذا التحول يدفعه الركود التضخمي الذي أصاب الاقتصادات المتقدمة مقترنًا بفرص النمو في إفريقيا الغنية بالموارد الطبيعية والبشرية، وخاصة أن عدد سكانها سيصل إلى مليار شخص.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تسجل إفريقيا جنوب الصحراء نموًا بمقدار 5.2% في عام 2011، وبمقدار 5.8% في عام 2012.
وفي الوقت نفسه، فإن بعض القضايا المتعلقة بالحكم والاستقرار التي تسببت في شقاء إفريقيا في السابق تشهد تحسنًا.
تحسن جوهري
ويقول جون كولتر مسئول المكتب الريفي لبنك جي بي مورجان لإفريقيا جنوب الصحراء: إن الحكم الأفضل وسياسات الاقتصاد الكلي معًا، إضافة إلى درجة أكبر من الاستقرار السياسي في عدد من الدول الإفريقية اسهمت في تحسن جوهري في الأداء الاقتصادي الكلي للقارة، وكنتيجة لذلك تؤخذ إفريقيا بشكل أكثر جدية كوجهة استثمارية وتجارية.
ومن المرجح أن يحتاج فرع بنك جي بي مورجان، عامين لكي يكون جاهزًا للعمل في نيجيريا، أكبر الدول الإفريقية من حيث الكثافة السكانية، مع رؤية المجموعة لإفريقيا كاستثمار طويل الأجل.
ويقوم كولتر بالمقارنة بين العمل بين البرازيل وإفريقيا، قائلاً: «إن الأخيرة تسير على مسار مشابه للدول التي تقع بأمريكا اللاتينية منذ خمسة أو ستة أعوام، ونأمل من خلال فرع جي بي مورجان في بناء قاعدة لتأسيس نفسه لإجراء أعمال بنكية استثمارية أكبر حجمًا».
وأضاف: «ان الفرصة التي نراها في إفريقيا هي في الحقيقة لبناء الأعمال المصرفية التجارية للبنك لتقديم خدمات مصرفية إلى الشركات عملاء البنك في أنحاء إفريقيا، وفي الوقت نفسه فتح الطريق لفرص مصرفية استثمارية، وفي حال الاستثمار حاليًا، فإن البنك سوف يجني ثمار النمو في إفريقيا، سواء كان خلال خمسة أو عشرة أو عشرين عامًا، ولكن البنك يدرك أنه في حاجة إلى القيام بهذا الاستثمار الآن».
ويقدر جي بي مورجان أن 35 على الأقل من أكبر مائة عميل عالمي لديه يعملون بالفعل في إفريقيا، وبالنسبة إلى كريدي سويس، فإن السبب الرئيسي وراء زيادة وجوده في إفريقيا هو تعزيز تغطيته للأسواق الناشئة في الوقت الذي تشهد فيه أنماط التجارة تحولاً.
ويقول ليو ريف رئيس قسم الاستثمار المصرفي لدى كريدي سويس بجنوب إفريقيا: «إن الحوار الآن مع العملاء هو حول الأسواق الناشئة، سواء في آسيا أو إفريقيا، وإذا لم تستطع التحدث بشأن إفريقيا، فسيعثرون على بنك آخر». وقدم «كريدي سويس نصائح بالفعل بشأن عدة صفقات من بينها مناقصة بنك إتش إس بي سي حول نيد بنك بجنوب إفريقيا، وأيضًا عملية الاستحواذ على ديفابلايانسيس بجنوب إفريقيا كذلك بمقدار 326 مليون دولار من قبل مجموعة أركيليك، وهي شركة تركية، كما اشترك في الطرح الأولى للأسهم للاكتتاب العام في جنوب إفريقيا وتنزانيا، موضحًا أن البيئة الصعبة التي يتحملها البنك في أوروبا لا تؤثر على خططه في إفريقيا.
ويعد بنك ستاندر تشارترد، واحدًا من البنوك العالمية الأكثر تأسيسًا لوجودها في إفريقيا، كما يقوم هو الآخر بتوسيع نشاطه في القارة السمراء.
وقالت ديانا لايفيلد الرئيس التنفيذي الإفريقي لستاندرد تشارترد إنه «لم يحدث اعتراف عالمي كافٍ بفوائد الاقتصاد الحقيقي الذي يتدفق من الانخراط الصيني في إفريقيا، كما تم إهمال الدور المتزايد في إفريقيا لمستثمرين آسيويين آخرين مثل الهند وكوريا.
وأضافت: ان إفريقيا لم يعد ينظر إليها على أنها غير كفء نسبيًا على المسرح الدولي، فالمستثمرون يؤمنون بنمو الصين والهند ويؤمنون بما يعنيه ذلك بالنسبة للطلب على السلع، وحاجة الصين والهند المتزايدة لما تنتجه إفريقيا.